قال وزير الثقافة السابق، محمد الأشعري، إنَّ الذين يحلمون بأن يصير الإعلام المغربيّ حُرّا ومستقلا، دون أن يشهدَ المغربُ تحوّلا سياسيا حقيقيا وعميقا، في اتجّاه ترسيخ الديمقراطية، "واهمون"، إذْ لا يُمكن، يضيف المتحدّث، بناء جزيرة حُرّة للإعلام، بمعزل عن بناء نظام ديمقراطي حقيقي. وربط الأشعري، خلال مداخلة له في حلقة النقاش التي نظمها ملتقى الحوار الديمقراطي، اليوم الأربعاء، تحت عنوان "أيّ إعلام لتطوير الديمقراطية؟"، بين تحقيق الانتقال الإعلامي، الذي وصفه ب"أعقد المواضيع في الوقت الراهن"، والانتقال السياسي، قائلا إنهما متلازمان، ولا يُمكن فصْلُ أحدهما عن الآخر. وقال الأشعري إنّ الوضع الإعلامي في المغرب يشهد عددا من المفارقات، "فبينما يرى المتتبع الخارجي أنّ وضعية الصحافة عندنا أفضل مقارنة مع البلدان العربية الأخرى، إلا أنّه داخليا، هناك إحساس بنوع من الضغط، ومخاطرَ تهدّد حرية الصحافة، التي حققت مكاسب لا يُستهان بها، لكنّها تظلّ هشّة". هذا الوضع، الذي يجعل الدولة تلجأ في أحيان إلى محاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي، عندما تريد إرسالهم إلى السجن، يقول الأشعري، جعل وضعية حرّية الصحافة في المغرب ملتبسة، وهو ما أدّى إلى تكبيل الطاقات الصحافية في المغرب، وحال دون تشجيع الكثيرين على الاستمرار في الميدان بثقة، أو الاستثمار في المجال الإعلامي. واعتبر الأشعري أنّه من "غير المفهوم أنْ يتعطّل تعديل قانون الصحافة منذ سنة 2003 إلى الآن، رغم أنّ الأمر محسوم سياسيا، إذ أنّ الجميع مقتنع اليوم بأنّ استمرار اشتغال الصحافة تحت الضغط مسألة لا تخدم لا الصحافة ولا الديمقراطية"، مضيفا أنه لا يمكن بناء دولة ديمقراطية إلا بوجود إعلام حرّ ومستقلّ. وبخصوص الإعلام السمعي البصري، انتقد الأشعري، الذي كان جالسا على منصة واحدة إلى جانب مديرة الأخبار بالقناة الثانية، سميرة سيطايل، (انتقد) استمرار تحكّم الدولة في الإعلام السمعي البصري العمومي، قائلا إنّ هذا الإعلام عانى من جرح إخضاعه لوصاية وزارة الداخلية، "التي ما زالت متحكّمة في العلاقات التي تربط الإعلام بالسياسة"، على حدّ تعبيره. وأضاف الأشعري أنه لا يمكن مصالحة المغاربة مع إعلامهم، ومع صحافتهم، إلا إذا كانت هناك صناعة إعلامية مغربية حقيقة ومقنعة، لها علاقة بالمغاربة، لافتا إلى أنه لا توجد هوية وطنية، في أيّ بلد كان، معزولة عن الصور التي يتلقاها المشاهد في وسائل الإعلام، ويتمثّل من خلالها نفسه، وأضاف "المغاربة منفيون من وسائل إعلامهم، التي يرون فيها صورا، وتمثّلات، منتزعة من سياق آخر لا علاقة له بهويتهم".