1- يستحق الشيخان يوسف القرضاوي وعبد الباري الزمزمي، كل التنويه بعدما أكدا، حسب ما نشرته صحيفة "أخبار اليوم المغربية" أنهما "لا يؤيدان ارتداء النقاب وإن كانا يؤيدان حق المرأة في حرية اختيار لباسها". فما أحوجنا إلى موقف واضح كهذا، خصوصا في هذا الظرف العصيب الذي يجتازه المسلمون المقيمون في الغرب، بسبب أشياء تافهة لا تستحق حتى مجرد الالتفات إليها، وعلى رأسها مسألة النقاب. 2- النقاب أو البرقع ليس لباسا إسلاميا، ولم يأمر به القرآن الكريم ولا الرسول، لكن البعض يصرّ على معاكسة هذه الحقيقة، ويسعى إلى إضفاء صبغة دينية على لباس معيّن. الإسلام لم يأمر النساء بارتداء لباس بعيْنه، ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المومنين يُدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يُّعرفْن فلا يؤذيْن". صدق الله العظيم. أي أن الأهمّ والمهمّ في اللباس هو أن يكون لباسا محتشما، ساترا للعورة لا أقلّ ولا أكثر. 3- أنا شخصيا ليست لديّ أي مشكلة في أن ترتدي امرأة ما برقعا لا يُظهر منها إلا عينيها، شريطة ألا تعتبر هذا البرقع زيا إسلاميا، لأننا نشترك جميعا في هذا الدين. ففي القرية التي تربّيت فيها كانت النساء يرتدين "الملحفة" التي تغطي سائر جسد المرأة، بما في ذلك وجهها، وأمي ما تزال ترتدي هذا اللباس إلى اليوم. الفرق الوحيد بين لباس "الملحفة" و "الحايك" وغيرها من الأزياء المغربية العتيقة والبرقع هو أن الأول ترتديه نساء بعض المناطق المغربية لكونه من العادات والتقاليد المتعارف عليها، بينما النساء اللواتي يرتدين النقاب يعتبرن أنفسهم ملتزمات بأحد أركان الإسلام. وإذا سايرنا هذا الطرح فسوف نصل في النهاية إلى خلاصة مفادها أن النساء اللواتي لا يرتدين النقاب يخلن بأحد أركان الإسلام، وهذا بالطبع غير صحيح. لذلك نقول بأن الحجاب وحده يكفي. 4- ولكي نتيقن من أن البرقع ليس لباسا إسلاميا، والدين لا يهتم بالمظهر بل يهتم بما تخفي الصدور، يجب علينا ألا نغفل بأن عددا من الرجال بدورهم، عندنا في المغرب، صار لهم لباسهم المتميز، ويتجلى في السراويل القصيرة التي تنتهي أطرافها عند منتصف الساق، و"الفوقيات" القصيرة والطاقية فوق الرأس. فهؤلاء أيضا يعتبرون أن هذا اللباس لباس إسلامي، والحال أنه ليس سوى لباسا دخيلا على المجتمع المغربي، جاءه من أفغانستان. إن الحشمة مطلوبة، والحياء مرغوب، لكن لباس الشهرة مكروه. 5- أنا أريد أن أعرف مثلا، وهذا مثال بسيط فقط، كيف لرجل يريد خطبة فتاة منقّبة أن يرى وجهها، وهذا ما يشرعه الدين الإسلامي؟ إذا رفضت فهذا معناه أنها تخلّ بواجب ديني، وإذا قبلت أن تكشف وجهها أمام رجل غريب فهذا معناه أنها تعترف من تلقاء نفسها بأن حجْب الوجه عن غير المحارم ليس أمرا شرعيا. فلماذا يصرّ بعض المسلمون على إحالة دينهم إلى مشقة وعسْر، رغم أن الدين الإسلامي دين يسر وليس دين عسر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "بشّروا ولا تنفّروا، يسّروا ولا تعسّروا". إن ما يجب على المسلمين أن يحرصوا عليه هو الارتقاء بسلوكياتهم وتصرفاتهم نحو الأفضل، حتى نصير أمة متحضرة، وما أحوجنا إلى القيام بهذه المهمة اليوم، بعدما صرنا نكتشف كيف أن رجلا مسلما ملتحيا، يرتدي "الزي الإسلامي"، ومتزوج بأربع نساء منقبات، لم يرف له جفن عندما كذب على دين الله تعالى، ونسب إلى الإسلام بهتانا، بعدما قال أمام العدالة الفرنسية بأن الإسلام يبيح لزوج متزوج أن يتخذ لنفسه ما شاء من العشيقات، وكل هذا الافتراء والبهتان على دين الله تعالى لكي يتجنب طرده من فرنسا، "بلد الكفر والكفار" كما يقول المتشددون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم. [email protected]