تتزين شوارع الحواضر الكبرى في المغرب بلوحات إشهارية بديعة الألوان ؛ ومتنوعة النكهات واللمسات ومختلفة المواضيع والمغريات ؛ تستضيفك شابة حيوية في ثوب أخضر جميل خفيف ؛ تحمل شريطا يحيط بخصر نضر وتنصحك باسمة بأن سيجارتك الالكترونية الأنيقة الراقية تنعش إضافة إلى مزاجك ؛وتيرتك في التخلص من الشحوم ومن النهم ؛ نعم بكل بساطة ؛ هكذا ؛ بعد ذلك ستخطف بصرك سيدة رياضية دينامية ؛ ترتدي قميصا مقصبا أنيقا ؛ لم أعد أذكر كيف تقدم سيجارتها الالكترونية الصحية والغير المؤذية ؛ والتي حتما لاتقتل ولا تشبه في شيء السيجارة الورقية المتخلفة التي تعبث بالخلايا الرئوية وتنعشالانقسامات السرطانية؛ وتتورط أحيانا في تشوهات خلقية عند الأجنة ؛ وحتما ستصادف على متن لوحة إشهارية مثبتة في قلب شارع رئيسي أو في مفترق طرق مكتظ ؛ شابا وسيما نشيطا ؛ زادته سيجارته الالكترونية الخارقة الصحية ذكاء ً وإرادة ورغبة في العمل ؛ بنكهاتها الشهية وفوائدها المتنوعة والغير مسبوقة ؛ ولن تمنعك بالتأكيد إحدى المدارات الرئيسية حقك في الوصفة الصحية لعلاج الأرق تلحنها من أجلك فتاة نصف نائمة فوق لوحة اشهارية من الحجم الكبير. هكذا ببساطة؛ تتحلى شوارعنا وفي أهم واجهاتها الاشهارية ؛وفي ذروتها الاستعراضية بحملات تسويقية عنيفة تحاول إقناع مرتادي الشوارع من أطفال ومراهقين ونساء ورجال من كل الفئات العمرية بأهمية تدخين السيجارة الالكترونية بل تتلمس الدواعي وتتربص الحجج التي تنتهي كلها الى نفس الهدف وهو جذب مستهلكين جدد وبعث أجيال أخرى من المدخنين؛ تعزز جمهور الدخان والاحتراق والانتحار ؛ ومجموعة من المخاطرالمرتبطة بالسرطان والتسمم التي تضاهي مخاطر التدخين باحتراق مادة النيكوتين في السيجارة العادية والتي أقرها باحثون ومراكز أبحاث علمية تجاوبت معها مجموعة من الحكومات الفيدرالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي أوروبا التي تحاول دولها تقليص مدخنيها برفع سن المرخص لهم بشراء كل أنواع السجائر إلى واحد وعشرين سنة ؛ وأخرى تطبق نفس التشريعات المتعلقة بحظر الإشهار لكل أنواع السجائر عادية كانت أم إلكترونية ؛ فكيف إذن لا نقوى هنا على منع فقط الإشهار لها ؛ ولا نجد صدى لمطالب تسمعها الحكومة وتقر عبر وزيرها في الصحة بصوابيتها إلا أنهاوبسلطتها التنفيذية "الحصرية" وبأغلبيتها البرلمانية لا تملك شيئا من أجل إيقاف بيع الإشهار للمخاطر في الشوارع المغربية . إن غياب الدولة بكل مكوناتها ؛ وتغاضي الحكومة والصحافة والمجتمع المدني على جريمة الإشهار للتدخين بكل أشكاله مؤشر من مؤشرات قوة لوبي السيجارة الإلكترونية وضعف الدولة حياله ؛ إذ يبدو أن هذه الأخيرة غير قادرة أو غير مهتمة أو مُقدرة لخطورة تخليها عن مهمتها الأساسية السيادية المتمثلة في حفظ النظام والسلامة العامين ؛ وضمان حماية الفضاء العام من عوامل الخطر والمساس بسلامة وصحة المواطنين ؛ أو لعل آلِ السيجارة الالكترونية أطول من قامة الدولة وأصلب من سلطة القانون وأهم من سلامة الشعب ؛ أتمنى أن لا نستيقظ غداً على إشهار ملون لسيف الكتروني مسلول يصلح لزمرة "مُشرملين " أنيقين ؛بملامح هادئة وبقصات أكثر تناسقا وملابس رياضية أكثر بهاءً ؛ تسوق لمجرمينا سيوفاً متطورة تطلق شررا مخيفاً ؛ كافيا "لشرملة " الضحايا ؛ شرط أن يكون المستورد أطول من قامة الدولة وأصلب من سلطة القانون وأهم منا ومن سلامتنا جميعاً ...!!!