ما رأي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي في الاتهامات التي كالها رئيس الحكومة وأمين عام حزب المصباح عبد الإله ابن كيران للصحافة ؟ كيف كان إحساس الوزير الخلفي وهو ينصت لاتهامات رئيسه في الحكومة والحزب إلى الصحافة بكل أصنافها؟ أي مبرر سيقدمه وزير الاتصال للصحافة التي تهجم عليها رئيس الحكومة، ولاسيما، موقع هسبريس الإلكتروني الذي طالما طاردته شبهة الارتباط بالتيار الإسلامي مند التأسيس؟ لو قال السيد رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، أن موقع هسبريس الإلكتروني "باع الماتش" من موقع المسؤولية الحزبية لأمكن في هذا السياق، لمن يواكب تصريحاته الإعلامية ويتفاعل معها، أن يخضع كلام الأمين العام لحزب المصباح إلى تقييم سياسي.. لكن، أن يتهم موقع " هسبريس" في تجمع حزبي تم الترويج له في اليوتوب وفي عدد من المواقع الإلكترونية، من طرف أمين عام حزب سياسي يحوز دستوريا صفة رئيس الحكومة، بعد تعيينه من طرف ملك البلاد طبقا للفصل 47 من الدستور، هنا، يصبح كلام السيد ابن كيران كلاما غير مسؤولا ويمس في العمق بحرية الصحافة وبحرية الرأي والتعبير، التي تذرع بها وزيره في الاتصال "مصطفى الخلفي" لتبرير زلة وانفعال وغضبة رئيسه في الحزب والحكومة، لا سيما، وأن كلام هذا الأخير يأتي بعد صدور تقرير دولي صنف المغرب في الرتبة 147 عالميا في حرية الصحافة! السيد رئيس الحكومة أخطأ في تقديري الشخصي في تعاطيه مع الصحافة عموما و موقع هسبريس على وجه التحديد لهذه الأسباب: أولا: عندما أغدق الاتهامات على لصحافة يمينا ويسارا ووسطا دون أن يقدم ولو دليل واحد يعطي مصداقية لما صدر عنه من كلام، يفترض فيه الصحة في العلاقة مع البعض ويفترض فيه الخطأ مع البعض الآخر. ثانيا: عندما تحدث عن " بيعان الماتش" في حضرة الوزير مصطفى الخلفي، المكلف بحقيبة وزارة الاتصال، التي لا نجد لها أثرا في الدول الديمقراطية التي تحترم حرية الصحافة والنشر. وهذا مؤشر سلبي جدا، لا سيما، إذا استحضرنا طبيعة العلاقة التي تربط بين رئيس الحكومة وبين وزيره. ثالثا: عندما أشار لمؤسسات صحفية ولصحفيين بأسمائهم وتناسى أن من حق أي صحفي أو أي جريدة أو أي موقع الكتروني أن يختار طبيعة الخط التحريري الذي يراه مناسبا له ولنموذجه الاقتصادي. رابعا: كلام ابن كيران يتعارض مع الشهادة التي قدمها وزيره في الاتصال في حق موقع "هسبريس" في أكثر من مناسبة، بل، ومن داخل مؤسسة دستورية " البرلمان" عندما كان يتحدث عن تنظيم وتقنين الصحافة الإلكترونية، وهي الشهادة التي فهم منها البعض أن الخلفي قام بالدعاية للموقع. خامسا: نسي السيد عبد الإله ابن كيران وهو يتهم موقع هسبريس الإلكتروني ب"بيعان الماتش" أن هذا الموقع طالما طاردته شبهة الارتباط بالبيجدي تحديدا، ونسي أيضا، أن هذا الموقع هو الموقع الإلكتروني الذي احتضن ندوة وزيره في الاتصال مصطفى الخلفي لتقديم حصيلة حكومته من ماله الخاص. سادسا: كلام ابن كيران، ينم على أن الرجل مجروح، ولا أحد استطاع من خلال رسائله المتعددة الاتجاهات، تبيان طبيعة الجرح الذي لحقه من طرف الصحافة عموما وموقع "هسبريس" - الذي سبق له أن وصف صحفييه بعبارة " ماشي رجال" بالتزامن مع الحوار الذي أجراه الموقع مع الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية والذي قال فيه بأن البلاد تحتاج لحكومة وحدة وطنية" على وجه التحديد. سابعا: كلام رئيس الحكومة ضد موقع "هسبريس" فيه تشهير مجاني وغير مؤسس على أي أدلة ملموسة يمكن معها التماس العذر للسيد رئيس الحكومة...و إلاّ فليكشف لنا السيد رئيس الحكومة طبيعة المعلومات التي توفرت لديه وجعلته مقتنع كما يبدوا من طريقة كلامه وقسمات وجهه أن الموقع باع الماتش إذا هو أراد أن يعطي حقا مصداقية لما قاله في حق هذا الموقع. الخروج الإعلامي للسيد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس التحالف الحكومي خروجا لم يكن موفقا على الإطلاق حيث أنه كان انفعاليا وغير مدروس ولا يعكس في غالب الأحيان أي قرارحزبي. ولا استبعد أن يكون لهذا الخروج علاقة بالطريقة التي تعاملت بها الصحافة الورقية والالكترونية مع جريمة القتل التي أزهقت روح الطالب عبد الرحيم الحسناوي في المركب الجامعي ظهر المهراز من قبل طلبة ينتسبون لفصيل النهج الديمقراطي القاعدي...وفيه أيضا نوع من العتاب لصحافة ينظر لها السيد عبد الإله ابن كيران حسب ما يتضح من خلال كلامه كصحافة مرتشية ومتواطئة ومبتذلة ومرتزقة تعمل لفائدة خصوم سياسيين مفترضين لحزبه ولحكومته. في غياب أي دليل مادي ملموس من شأنه إعطاء المصداقية للكلام الذي صدر عن رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يبقى رجل السياسة في جميع الأحوال، ملزما باحترام حرية الصحافة وحق الصحفيين والمؤسسات الصحفية اختيار الخط التحريري الذي يرونه مناسبا لهم، ولا ينبغي تأسيسا على هذا المنطق لمن يحيطون به " رجل السياسة" أن يبرروا أفعاله وانفعالاته بحرية التعبير التي لا يبقى لها أي معنى عندما تمس هذه الحرية بكرامة وحرية وصورة ومصداقية ومهنية الآخرين، كما فعل وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد الخلفي، عندما اعتبر بأن هجوم ابن كيران على الصحافة واتهام بعضها ب" بيعان الماتش" يندرج في إطار حرية هذا الأخير في التعبير. هل هذه هي الحرية التي تنشدها السيد الوزير؟