لا ينكر أي متتبع للشأن التعليمي المغربي والجزائري وجود مادة تربوية يتعلم من خلالها المتعلمون ما حفلت به ذاكرة أمة الغرب الإسلامي من دروس النجاح والمقاومة والفشل على الصعد السياسية والثقافية والعلمية ، إلا أن سياسيي البلدين ربما لقنوا تاريخا غير التاريخ الإسلامي الذي يعبر عن هوية الأمة وذاكرتها والعقل الجمعي لشعوب اختاروا تقلد مناصب حكمها . نسي ساسة المغرب والجزائر أن المشكل حول الصحراء صناعة إسبانية – فرنسية ، بينما يتحمسون لإقامة علاقات قوية ومتينة مع إسبانيا ( المغتصبة لمدينتي سبتة ومليلية وجزر الكناري المغربية ) ومع فرنسا ( المساهم الرئيسي في تقوية لوبي الجنرالات الفرانكفوني بالجزائر ) . والأجدر بصناع القرار في البلدين الالتفات إلى خسائر " تكلفة اللامغرب " على حد تعبير خبراء الاقتصاد والتي تناهز ملايير الدولارات مع العلم أن الأهم عند فرنساوإسبانيا هو مصالحهما الاقتصادية في كلا البلدين لا غير . وما دام النزاع حول الصحراء مختلقا من أطروحة مفادها " حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره " فإن الخبير بالعقلية الصحراوية لا يمكنه استكشاف هذا الطرح في العقل الجمعي الصحراوي ، إن كنت كاذبا فلتقم أجهزة الأممالمتحدة التي تستغل ثروات المغرب والجزائر كحكم وهمي في نزاع لا يراد له أن يحل ، فلتقم بإنجاز جلسات تنويم مغناطيسي لجميع الصحراويين والجزائريين والمغاربة ليكتشفوا أنهم ذات واحدة وطموح مشترك ، أكثر من ذلك حلمهم جميعا هو تكسير الحدود بين الشعوب الإسلامية ولم لا مع جميع شعوب العالم التي تبتغي الحوار والتعايش والحق في الاختلاف سبيلا لحل مشاكل دنيا البشر . الصحراويون في المغرب والجزائر يستخدمون هذه الورقة للضغط على المغرب وضمان مساندة الجزائر ليس كرها في المغرب وحبا في الجزائر ، ولكن بسبب تهميش السلطات المغربية للنخب الصحراوية فترة السبعينيات من القرن الماضي متأثرة بالمد اليساري وأفكار التحرر التي يرعاها ثقافيا الاتحاد السوفياتي السابق ، وحينما سلك صناع القرار في المغرب في تلك الفترة سبيل القوة وفرض الأمر الواقع لم تجد النخب الصحراوية سبيلا غير التحالف مع الجزائر المبتلية بصناع قرار لا يرعون مصالح الشعب الجزائري قبل غيره من شعوب الجوار . بعد ذلك أحس الصحراويون بوجود قيادة تتحاور مع الحكومات الأجنبية ومن ثمة البحث عن السبل الكفيلة للقبض على الصحراء تعبيرا عن نزوع إنساني نحو السلطة والسيادة لا يمكن إنكاره . ومن أجل إصلاح أخطاء السبعينات عمدت السلطات المغربية إلى خلق جبهة موالية داخل النسق الثقافي الصحراوي ، لكنها فشلت في تقوية تلك الجبهة لأنها ولدت بشكل غير طبيعي ، والعامل الأساس في ذلك الفشل يكمن في خطأ قاتل تنهجه السلطات المغربية مع المغاربة قبل الصحراويين إذ تتعمد إغراق المتملقين والموالين بالمال والنفوذ لكي يكونوا عبرة للمعارضين ( السجن والتجاهل ) وبالتالي الدخول في لعبة النعمة الدنيوية مقابل الصمت الأبدي ، لذلك يجد المغرب نفسه في دوامة الصراع والاستقطاب التي لن تحل النزاع بشكل مطلق . بينما تنهج الجزائر سبيل تقوية جبهة البوليساريو من أجل ضمان الرمزية الوهمية حيث التعامل مع الجار الشقيق وفق منطق الدولة الندية إلهاء للشعب الجزائري عن المشاكل الأمنية والاقتصادية التي يرزح تحت وطأتها . وبعدما بلغ هذا الصراع الوهمي حدودا لا يمكن لعقلاء المغرب والجزائر والصحراء تقبلها والاستسلام لها نقترح على مسؤولي البلدين وممثلي جبهة البوليساريو تطبيق خطة توافقية تنبني على مضامين فكرية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب الصحراوي والمغربي والجزائري فوق أي مزايدة سيادية أو نفعية فئوية ، وأهم المقترحات : * إلغاء وساطة الأممالمتحدة كهيئة يستحيل أن تنجز حلا للنزاع وذلك لاعتبارين اثنين : - الدول المسيطرة على الهيئة من مصلحتها تشتيت الشعبين المغربي والجزائري لضمان التبعية المطلقة وجعل اقتصاديات هذه الشعوب سوقا استهلاكية لمنتجاتها . - هيئة الأممالمتحدة شاهد عيان على تشريد وذبح الشعب الفلسطيني وسرقة أملاكه، ورغم هذه الشهادة فإنها استصدرت قرارا لتقسيم أرض فلسطين التاريخية إلى دولتين ضدا على حق الشعب الفلسطيني في ملكية أرضه. فكيف بهذه الهيئة أن تعمل على إيجاد الحل المناسب للنزاع حول الصحراء والدول النافذة فيها تعلم تمام العلم أن هؤلاء المسلمون سيدافعون عن فلسطين إذا توافرت لديهم القوة الاقتصادية والثقافية ومتانة الجبهة الداخلية سياسيا واجتماعيا. * التفاوض المباشر بين أطراف النزاع دون وساطات خارجية في مدينة العيون وذلك بنهج أسلوب القطيعة المطلقة مع اندفاعات الاتهام والاتهام المضاد ، وبناء صفحة جديدة من العلاقات أساسها الاعتراف المتبادل دون مركب نقص. * اعتذار البوليساريو عن مساهمتها في عرقلة بناء المغرب العربي والسماح لسكان تيندوف بالتنقل الحر في المغرب والجزائر والصحراء ، واعتذار المغرب عن أساليب التعامل الأمني في تدبير الخلاف مع أطروحة الصحراويين ، وكذلك اعتذار الجزائر عن عدم التحلي بالحكمة في تدبير الخلاف بين السلطات المغربية وساكنة الصحراء. * تدشين عهد جديد من العلاقات الاقتصادية بين المغرب والجزائر ابتداء من تصدير الجزائر للبترول والغاز للمغرب بأسعار تفضيلية ، وسماح المغرب للجزائر بالصيد في المياه الإقليمية المغربية. وانتخاب اقتصاديين ورجال أعمال يقترحهم سكان المغرب والجزائر والصحراء يكونون اللبنة الأساسية لمركب صناعي مغربي – جزائري مشترك. وبتطبيق هذه الاقتراحات يمكن تجاوز فترات عصيبة من تاريخ الشعبين المغربي والجزائري استنزفت فيها أموال كثيرة وشردت أسر مسالمة ، ولن يتم ذلك إلا بالشجاعة والجرأة في تشخيص مكامن الداء ، لذلك نقترح على مراكز الاستطلاع في المغرب والجزائر والصحراء إجراء استفتاءات شعبية حول هذه المقترحات رغم أن النتيجة محسومة سلفا : شعوب المغرب والجزائر والصحراء تطمح إلى الوحدة لأن ما يجمعها أعمق وأقوى مما يفرقها.