ربما شاهد الكثيرون الفيلم السينمائي "أفاتار"..الفيلم الذي لاقى إعجاب الكثيرين لروعة المشاهد وخصوصا كوكب بندورا الذي دارت حوله أحداث الفيلم، لكن السؤال من أين تم إيحاء تلك المشاهد؟ هل هي من الخيال العلمي؟ أم هي موجودة فعلا؟ والجواب هو نعم، جل المشاهد تم أخذها من مكان غريب ومدهش في كوكبنا.. وهذا المكان موجود في الصين، وتحديداً حديقة تشانغجياجيه الوطنية (Zhangjiajie National Forest Park) ، ومن خلال الفرصة التي أتيحت لي للمشاركة، وكسفير للمغرب في منتدى للفيلم القصير عن حديقة "تشانغجياجيه" الموجودة في شمال مقاطعة هونان بوسط الصين، قمت بزيارة لهذه الحديقة الرائعة. تحتوي حديقة تشانغجياجيه الوطنية الصينية على 243 عمود صخري شاهق، ويرتفع كل واحد من هذه الأعمدة لأكثر من 1,000 متر.. لا يمكن لزائر هذه الجبال الساحرة التي فيها من الغموض والإثارة وشكل هذه الصخور التي يشبهها الصينيون هنا كالسيجارة الواقفة، وقممها المغطاة بغابات بدائية كثيفة، إلا أن يفتتن بجمال هذه الطبيعة الفريدة التي تجعلنا نشعر كأن التاريخ قد عاد بنا إلى الوراء ملايين القرون، مع العلم أن هذه القمم تتكون أصلاً من حجر الكوارتز الرملي. تحتوي حديقة تشانغجياجيه، بجانب هذه الصخور المدهشة على 23 نوع من الحيوانات النادرة، وأكثر من 3,000 نوع من النباتات، حيث تم في العام 1993 إدراج حديقة تشانغجياجيه على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وفي العام 2004 صُنفت كواحد من الحدائق الجيولوجية العالمية. تمتد حديقة تشانغجياجيه على مساحة 4810 هكتار، ويوجد بها أكثر من 100 مزار سياحي وستة خطوط سياحية، خلال تجوالي لبعض من هذه المزارات، زرت جبل تيانزا، كنت متشوقا للغاية لصعود المصعد الزجاجي الذي يسمى "مصعد 326 طابق"، يحتاج فقط 90 ثانية ليأخذك إلى قمة الجبل. أما بخصوص التجول في ربوع حديقة تشانغجياجيه، فقد كانت في السابق الطرق في حديقة تشانغجياجيه للغابات دروبا جبلية ترابية، ولكن أصبحت هذه الطرق الآن ممهدة بألواح حجرية عالية الجودة، حيث يسعى المسؤلون على توفير الحماية لزائري الحديقة وللحديقة أيضا. وعلى الرغم من إقامة بعض المنشآت، مثل الفنادق ومكاتب البريد والمتاجر والمستشفيات والبنوك والمدارس حولها، تحافظ حديقة تشانغجياجيه على غاباتها، وفي هذا الصدد أقامت برج مراقبة لحماية الغابات ومكافحة الحرائق في قرية هوانغشي وسبعة مراكز لحماية الغابات ومكافحة الحرائق، و52 كيلومترا من الأحزمة لمكافحة الحرائق، وطريقا عاما طوله 19 كيلومترا وطريق آخر طوله75 كيلومترا في الغابات لمكافحة الحرائق. وخلال أكثر من عشر سنوات زار أكثر من 10 ملايين سائح حديقة تشانغجياجيه ، أغلب السياح هم من الجالية الكورية الجنوبية، أولا لقرب المسافة من كوريا إلى الصين، وثانيا من حيث أنه هناك تقليد في كوريا إذا أراد الإبن إعطاء هدية غالية لوالديه، فهذه الهدية تكون عبارة عن رحلة إلى حديقة تشانغجياجيه الصينية، وفي عام 2004 صُنفت كواحد من الحدائق الجيولوجية العالمية و زارها في هذه السنة فقط حوالي 546 .2 مليون سائح، وفي التاسع عشر من مايو عام 2004 أقامت المنطقة علاقة توأمة مع حديقة Ho-heTanerh للغابات في النمسا، وتتعاون معها في بحوث “السياحة البيئية”، وبفضل هذا تجذب حديقة تشانغجياجيه المزيد من السائحين إلى يومنا هذا. • طالب دكتوراه في جامعة الهونان بالصين [email protected]