الإجابة الصحيحة على سؤال جزئي : لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟ قد يظن المرء أن الكتاب والمفكرين العرب لا يعرفون الجواب الصحيح على سؤال جزئي قديم طرحه شكيب أرسلان وظل يردده أهل التقلييد من الذين يودون نعت أنفسهم بالتقدميين. سيبين هذا المقال القصير جدا أن التقدمين مراوغون ولربما منافقون لأنفسهم ولشعوبهم. السؤال الكامل هو : لماذا خسر الفكر الديني اليهودي-المسيحي-الإسلامي هيبته ومصداقيته في شرح الكون وتاريخه بعدما نجح الأوروبيون في إعادة إحياء (رونيصانص) الجزء الرابح من الفكر اليوناني العلمي ؟ بعبارة أخرى : لماذا افلست فيزياء أرسطو وشارحه الأعظم، إبن رشد، وكذا فكر الكنيسة التي تبنتهما بعدما نجح الأوروبيون في إعادة إحياء فكرة دوران الأرض الضئيلة حول الشمس العظيمة كما قال بذلك علماء الإغريق (ومن بينهم ارسطرخس) وبعدما عادوا إلى فييزياء هندسية وتجريبية كان قد أسسها أرخميدس، المعاند الأول والأكبر لفيزياء أرسطو ؟ (لمن يشك في علم العرب بعظمة الشمس بالنسبة للأرض ما عليه سوى قراءة فصل المقال لابن رشد). الجواب في السؤال : لأن الأرض تدور رغم كل ما قالت به التوراة وما اعتقدته الكنييسة ومن نحى منحاها من أهل التوحيد. وهذا الجواب يعلمه كل العرب والعجم ويعلمون أنه الشرح الصحيح لسبق الأوروبيين الغربيين للآسيويين الصفر وللروس البيض وللترك والعرب السمر وللأفارقة السود وللهنود الحمر. لكن لا أحد يود الإعتراف بأن سلفنا غير صالح لكي لا تنهار أوهامه ويتبن نفاقه لنفسه. خسرت التوراة وخسر أرسطو وابن رشد القائلان بدوران الشمس حول الأرض و بتوسط الأرض للكون أيما خسران ونجحت الفيزياء المنطلقة من النظرية المعارضة لنظرية علماء أهل التوحيد الذين لا علم لهم بالعلوم الهندسية والتجريبية بينما هم في علم الغيب راسخون. وسلام على من لهم عقل للتمييز وشجاعة فكرية للإعتراف بإفلاس كل أجدادنا ليس في ميدان العلوم الفيزيائية فحسب بل كذلك في صنع الأسلحة الفتاكة الناتجة عن تلك الفيزياء التي أصبحت نووية اليوم والتي سبقنا إليها الغرب ثم الشرق وباكستان وإسرائيل ولربما إيران. أما إفلاسهم في علم السماوات وقشرات بصلتها المتطابقة فحدث ولا حرج. والجواب المكتمل على السؤال الجزئي هو كما يلي : كانت لنا الريادة والملك لما كان السلاح سيفا وقوسا ورمحا وامتيازا في ركوب الخيل وتنقلا على ظهر الجمال وتحولت الريادة لمن تفوقوا علينا في الردع. كنا عنيفين ووجدنا من هو أعنف منا. لا أقل ولا أكثر ولا دخل لما فوق السماوات في هاته الشؤون الأرضية.