1) عندما نفّذ تنظيم "القاعدة" الإرهابي هجماته الشنيعة صبيحة يوم 11 شتنبر عام 2001، ودمّر برجي التجارة العالمية في جزيرة مانهاتن الأمريكية، رفض كثير من العرب أن يصدقوا بأن تنظيم القاعدة هو الذي نفذ تلك الجريمة الشنعاء التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وظلوا يبحثون عن جهة افتراضية ليحمّلوها وزر الجريمة، ليخلص الجميع في النهاية إلى أن ما وقع لم يكن سوى مؤامرة أمريكية في حق نفسها، كي يجد الرئيس الأمريكي وقتذاك، جورج بوش، الطريق معبدا لشن حرب على العراق! رغم أن أسامة بن لادن، سارع عقب التفجيرات الإرهابية، إلى الاعتراف بوقوف تنظيمه وراءها، لكن الناس رفضوا تصديقه، وكأنه بدوره واحد من المشاركين في المؤامرة! 2) شخصيا تحدثت مع أشخاص كان لديهم الاقتناع التام بأن الأمريكان والصهاينة الإسرائيليين هم من خططوا لتلك المؤامرة، أي أن بوش ضحّى بأكثر من ثلاثة آلاف مواطن أمريكي، ودمر مركز المال والأعمال الأشهر في العالم، كي يجد مبررا لإزاحة صدام حسين من على كرسي الحكم في العراق. أكثر من ذلك، كان هناك، في وسائل الإعلام هذه المرة، من قال بأن جميع اليهود الذين كانوا يشتغلون في مبنى التجارة العالمية الذي تم تدميره لم يحضروا إلى مقرات عملهم صبيحة ذلك اليوم الأسود! دون أن يقدموا دليلا واحدا على صحة مزاعمهم، ومع ذلك لقيت هذه الأكاذيب ترحيبا وتصديقا من طرف الجماهير العربية التي لديها عقول قابلة لتصديق كل شيء وأي شيء، ولو كان لا يحتمل ولو نسبة صفر فاصل صفر في المائة من المصداقية! 3) ولحسن الحظ فقط، أن أسامة بن لادن، لم يكتف بضرب المصالح الغربية لوحدها، بل امتدّ طغيانه وعدوانه ليشمل حتى الدول العربية والإسلامية، ومنها العاصمة السعودية الرياض! عند ذاك فقط، استيقظ العرب من أوهامهم، وتيقنوا من أن جريمة 11 شتنبر لم تكن مؤامرة صهيوأمريكية، بعد أن ذاقوا من نفس كأس المرارة التي أذاقها بن لادن للأمريكان! 4) اليوم، وفي غمرة تساقط العشرات من الضحايا في مختلف بقاع العالم، بسبب وباء أنفلونزا الخنازير، نسمع من يدعي بأن وباء الأنفلونزا ليس سوى مجرد "اختراع" جديد من طرف أصحاب شركات صنع الأدوية الأمريكية، خاصة منهم اليهود، من أجل كسب أرباح خيالية، عبر صنع أدوية خاصة بهذا "الوباء الافتراضي"! ورغم أن عدد الضحايا في بلدنا تجاوز عشرة ضحايا لحد الآن، إلا أن هناك من ما يزال مصرا على أن وباء أنفلونزا الخنازير ليس سوى مجرد مؤامرة يهودية أمريكية، دون أن يقدموا أي دليل على ما يزعمون! 5) المثير للشفقة هو أن الذين يتبنون مثل هذه الخزعبلات ليسوا فقط من عامة الناس، بل منهم المتعلمون وحتى المثقفون، وشخصيا سمعت محاميا يقول بعظمة لسانه بأن أنفلونزا الخنازير ليس سوى اختراعا أمريكيا تفتقت عليه عقول أصحاب شركات الأدوية الأمريكية من أجل المساعدة على إنقاذ اقتصاد بلادهم بعد نشوب الأزمة الاقتصادية العالمية، هذا على الرغم من أن الجميع يعلم بأن شركات الأدوية التي أعلنت لحد الآن عن صنع لقاحات صد الأنفلونزا ليست كلها شركات أمريكية. إيوا شوفو على تحليل ديال والو. بالنسبة لي، وحتى إذا صحّت هذه المزاعم، وإن كان ذلك غير قابل للتحقق، فهذا ليس سوى دليلا على أننا ضعفاء إلى درجة لا يمكن تصورها. لماذا، لأننا صرنا لعبة في يد الأمريكيين يفعلون بنا ما يشاؤون. السؤال الذي أطرحه دوما في مثل هذه المناسبات هو: لماذا لا يستطيع العرب أن يخترعوا بدورهم مؤامرات يضحكون بها على الغرب؟ علما أنهم ليسوا معروفين سوى بالقوالب الجاهزة! [email protected] mailto:[email protected]