صعد نجم الشيخ محمد الفزازي، أحد أشهر الوجوه السلفية بالمغرب، بشكل لافت في الأيام الأخيرة بعد إمامته الصلاة بالملك محمد السادس في أحد مساجد طنجة، وهو ما اعتبره الكثيرون حدثا غير مسبوق، باعتبار أن الذي خطب في حضرة الملك معتقل سلفي قضى زهاء 9 سنوات من 30 عاما حُكم بها في قانون ما سمي بالإرهاب. وكما صعد الفزازي درجات منبر مسجد طارق بن زياد بطنجة حيث أم صلاة الجمعة بملك البلاد، فإن الشيخ السلفي استحق أن يصعد درجات نادي "الطالعين" بهسبريس هذا الأسبوع، لأنه استطاع أن "يصالح" ولو بشكل فردي وجزئي إمارة المؤمنين بالتيار السلفي الذي جرب شيوخه ومناصره السجون والمعتقلات بعيد أحداث الدارالبيضاء في ماي 2003. الفزازي تمكن بفطنته ومراجعاته التي لم يتردد في إعلانها، ومواقفه التي أفصح عنها ولم تعجب بعض "إخوانه" السلفيين إزاء السياسة والدولة ورجالاتها ومفهوم الجهاد وغيرها من القضايا، أن ينتقل في ظرف ثلاث سنوات من "السجن إلى القصر"، بعد أن وافق ملك البلاد على أن يجلس القرفصاء لمساع خطبة الفزازي. وبهذه الخطوة الشجاعة التي أقدم عليها الملك محمد السادس، والمرونة التي أبان عنها الشيخ الفزازي، يُرتقب أن يتزحزح ملف السلفيين المعتقلين بسجون المملكة من مكانه بعد جمود طويل لا زال يعيشه، حتى أن البعض بات يرشح الفزازي لأن يكون مدخلا مناسبا للمصالحة بين الدولة والتيار السلفي. ولعل مراجعات الفزازي التي حارب من أجلها، ونال بسببها العديد من الانتقادات التي وصلت إلى حد اتهامه "بالخذلان والتخلي عن دينه"، حيث خاض "حروبا صغيرة" بعد خروجه من السجن راسما لنفسه طريقا آخر غير ما كان عليه، وهو ما قد "كافأه" عليه الملك بحضور خطبته في المسجد الذي يخطب فيه.