نقلت الشبكة العنكبوتية على اليوتوب، صورة حية لجريمة سجلت كل أطوارها الأليمة، بكاميرا المصلحة. المصلحة هي عبارة عن محل للبيع أو الشراء أو محل للهاتف أو الخدمات أو ما شابه ذلك. وهو عبارة عن كراج صغير مجهز لهذا الغرض تشتغل فيه الضحية بنظام زمني معين. الجريمة موثقة بالدليل القاطع وهو التصوير الرقمي الذي تم عن طريق كاميرا المصلحة المثبتة داخل المحل التجاري الذي تعمل فيه تلك الفتاة.فمن خلال قراءتنا للصورة قد نخمن أن الوقت كان ما بين الخامسة والسابعة مساء، لأن الفتاة/ الضحية،كانت في هذه الأثناء لمغادرة مقر عملها، إذ يباغتها المجرم فجأة ويغلق عليها الباب وهو شبه متأكد من أن لا أحد سيفسد عليه عمله الشنيع هذا. الصورة مأساوية للغاية ومرعبة،نظرا للطريقة البشعة التي تم بها الاعتداء على تلك الفتاة المسكينة.وهي من أبشع صور الجريمة التي نادرا ما يتم مشاهدتها عن طريق الفيديو، لأنه لا أحد بمقدوره تصو، بقدريمة تحصل بشريط مصور، فالغرض من بث كاميرا خاصة ليس هو حماية المكان، بل ينتظر منها فقط أن تصور أي اقتحام غير مسموح.فبقدر ما تساهم هذه التكنولوجيا في تنوير الرأي العام حول أفعال إجرامية تبقى غالبا طي الكتما، بقدرر ما تحمل إلى المشاعر والأحاسيس المرهفة أوجاعا وآلاما لا يمكن نسيانها بسهولة. المجرم خالط الفتاة بشكل مباغت وأنزل الباب الحديدي للمكان وطوقها بذراعيه القويتين وحاصرها من كل جانب. فتاة تبدو نحلية العود وغير قادرة على الدفاع عن نفسها،ومن خلال حركاتها المعبرة كانت تستعطف المجرم وتتضرع إليه,فما كان من المجرم الغاشم، إلا أن اخرج من حقيبته ساطورا أو سيفا يشبه الساطور ونزل به على رأس الفتاة بكل قوة عدة مرات وتركتها جامدة لا حراك فيها وعمد إلى الساطور فمسحه من الدماء وأودعه مكانه وخرج وهو يغلق الباب خلفه بإحكام. هذا ما نقلته كاميرا المصلحة التي سرت على شبكة اليوتوب،أما مصير الفتاة تلك، فكيفما كان هذا المصير،فهو في طي المجهول بالنسبة للمشاهد,وكل الدعاء لها أن يتعهدها الله بعنايته الكريمة وفي كل الأحوال. خلاصة المشهد، أن الكاميرا قامت بواجبها وسجلت اللقطة بدقة منذ بدايتها حتى مغادرة الجاني مسرح الجريمة.هذه التقنية متقدمة جدا كآلية أمنية تهدف إلى رصد الجريمة وتحديد ملامح المجرم والتقاط تفاصيل الحدث بعناية فائقة.لكن الذي يحز في النفس ويكاد يصيب المشاهد بالاختناق المرير هو كون هذه الآلة الصماء المتطورة عاجزة على مد يد المساعدة لتلك الفتاة المسكينة التي تألم لها الجميع.الجريمة تمت في زمن لا يستطيع احد أن يسيطر على مجرياته،لأن الغياب هو الحد الفاصل بيننا وبينها،ولذلك فما من أحد يستطيع أن يقدم مساعدة لهذه الفتاة المسكينة،كل مشاعرنا الحزينة نحوها،جاءت بعد تشخيص الحدث مصورا في أوانه ومتأخرا في الزمن،فقد نقل لنا الحدث طبعا عن طريق آلة مصورة، وبعد أن تم اكتشاف الفتاة منطرحة مدرجة في دمائها، ولعله الوقت الذي دخل فيه أحد ما المكان مستطلعا أو متسائلا؟ لا شك أن حدث الجريمة دائما وبكل تأكيد يجري بعيدا عن أعين الناس وفي غياب تام عن الوجود الأمني لأن المجرم يختار ضحيته في خلوة ويختار الزمن الذي يرتكب فيه جريمته ويختار مسرح الجريمة أيضا،وبمنطق الأشياء ليس هناك من يستطيع تخليص تلك المسكينة من براثين مجرم سفاح انعدمت منه الرحمة وانمحت منه المشاعر الإنسانية.فبدا كأنه وحش كاسر ينقض على فريسته ليلتهما دون أن يعي أن هناك من يراقب فعله ويرصد حركاته. لا شك أن محاربة الجريمة ليست فقط واجب الأمنيين،بل إن المجتمع برمته مسؤولا عن هذه الآفة الكاسحة وخصوصا أصحاب المتاجر ومصالح الخدمات وحتى السكان الذين يتوجب عليهم أن يساعدوا على تشغيل حراس أمنيين خاصين بالعمارات والدور السكنية والأسواق والمتاجر ،فمن شأن ذلك أن يقلص من حجم الجريمة ويحد منها لذا فإن تكثيف الجهود بين كل من السلطات الأمنية ولمواطنين،شيء ضروري لاستعادة الأمن والأمان بكل الأحياء والتجمعات السكنية والتجارية بالمدينة ،كما أن تكثيف الحملات التطهيرية لتطال الأحياء المشبوهة في المدن الكبرى والأحياء المجاورة لها،من شأنها أن تؤتي أكلها,ففي غضون أسبوع استطاعت المصالح الأمنية العاملة بالحي المحمدي عين السبع أن توقف 570 شخص من ضمنهم 162 ارتكبوا جنايات متنوعة ومتفاوتة الخطورة.وعلاقة بذلك،فإن القضاء له دور هام ومكمل لمحاربة الجريمة،فكي لا تذهب جهود الأمنيين سدا وهم يتعقبون المجرمين من كل صنف ليلقوا عليهم القبض ويقدموهم للعدالة،فعلى القضاة أيضا أن يتحملوا مسؤولياتهم اتجاه الإجرام ويحكموا بالمدد الثقيلة ويحرموا المجرم القاتل من أجل السرقة أو الاغتصاب من كل ظروف التخفيف ومن كل احتمالات العفو بل إن مطلب العودة إلى عقوبة الإعدام في الحالات التي تتم فيها الجريمة بسبق الإصرار والترصد أو القتل من أجل السرقة أو القتل من أجل الاغتصاب،أمر وارد مع طلب التنفيذ العاجل لهذه العقوبة .هذا مطلب يجب النظر فيه مستقبلا كي يتوفر المجتمع على خصوصيات المجمع الآمن والمجتمع المتحضر والمجتمع الذي يعرف القانون ويخضع لشروطه.