دفع الحادث المأساوي الذي ذَهبت ضحيَّته سيدة في مقتبل العمر، بعد وضع حدٍّ لحياتها شنقا مؤخرا بمدينة سلا، وهي الحامل بتوأم، إلى تسليط الضوء على مدى الاهتمام بالحالة النفسية للمرأة الحامل إلى جانب الرعاية والفحص الطبيين. المرأة التي كانت تقطن لوحدها، على اعتبار أن زوجها يعمل جنديا بالأقاليم الصحراوية، عمدت إلى الانتحار في وقت يؤكد فيه معارفها ما كانت تتمتع به من طيبة معشر وجدية، الأمر الذي يَضع حالَتها النفسية في قفص الاتهام خصوصا وأن الإحصائيات تؤكد إصابة 1 من بين 10 نساء حوامل عبر العالم من نوبات اكتئاب. الحوامل والاكتئاب.. قصة "صداقة"! الجميع يبادر إلى تهنئة الحامل على هذا الحدث السعيد، إلا أن المرأة تبدأ بطرح الأسئلة عن مدى استعدادها لتصبح أما، وعن كفاءتها للعبور وتحمل مسؤولياتها كاملة بكل ما تحمله من أعباء وضغوط وحياة بقسمات جديدة كليا.. الطبيب النفسي الإكلينيكي فيصل الطهاري، يرى أن مجموعة من النساء يُصبنَ بالكآبة والحزن خلال شهور الحمل بسبب التغيُّرات الكبيرة التي تُصيب حياتهن فيشعرن بالخوف والتوتر والقلق أيضاً. موضحا أن بعض النساء الحوامل وخاصة اللواتي لم تكن لديهن الرغبة في الإنجاب يُصبن بالإكتئاب منذ بداية شهور حملهن، "هذا لا يعني أن الكثيرات ممن أردْن الإنجاب لا يشعرن أيضاً بالاكتئاب؛ حيث تكون التغييرات الهرمونيّة التي تصيب جسم المرأة مسؤولة عن هذا الاكتئاب. كما أن المتاعب الصحية كالدوخة والقيء لها علاقة مباشرة بهذا العارض، بالإضافة إلى بعض التوتر النفسي الطبيعي الذي يرافق الحامل ويتعلّق بسلامة وصحة الجنين." وأشار الطهاري في حديث مع جريدة هسبريس، إلى أن هناك قسماً من النساء يَمِلن أكثر إلى الإصابة بالاكتئاب ليأتي الحمل بضَغطه ليفجّرها. وتدلّ الإحصاءات، وفق المتحدث، أن فترة الحمل يَصحبُها عدد من الأعراض والاضطرابات النفسية الصغرى كالتوتر والقلق والاكتئاب والخوف وعدم الرغبة الجنسيّة وغيرها؛ لتكثر هذه العوارض في الثلث الأول من الحمل مقارنة مع الثلث الثاني. ويبدأ قلق من نوع آخر وهو القلق على صحة وسلامة وشكل الجنين في الثلث الأخير من الحمل. تعددت الأسباب.. والاكتئاب واحدُ ويُرجِئ الطبيب النفساني الأسباب المساعدة على إصابة الحامل بالاكتئاب، إلى الخلافات الزوجيّة التي تلعب دوراً مهماً في زيادة حدّة الاكتئاب على اعتبار أن الزواج غير المستقرّ والمُهدَّد بالفشل يُشعِر المرأة الحامل بالقلق والضغوط النفسية الثقيلة، وبالخوف على الجنين وعلى عدم تأمين جو ملائم له عند الولادة. وزاد المتحدث، أن العُقد والمشاكل النفسية السابقة عند المرأة قبل حملها، تلعب دورها في زيادة نسبة الكآبة وظهور الانفعالات المكبوتة واليأس والحزن المستمر، موضحا أن أبرز سبب مشترك للاكتئاب بين الكثير من الحوامل مردُّه سَماع الأوهام والأفكار والمفاهيم الخاطئة المرتبطة بالحمل خصوصاً إذا كان لدى الحامل الاستعداد للانغماس في الاستماع إلى مشاكل ومصاعب الحمل والميل نحو المبالغة واليأس. "هناك الكثير من الأمهات اللواتي يُبالِغن في إخبار الحوامل عن المشاكل التي صادفتهن في حملهن ويؤكّدن بأنّها ستتكرّر مع كلّ الحوامل، كحدوث نزيف أو سقوط الجنين وتغييرات الوزن والشكل وفقدان الجاذبيّة، وخصوصاً إذا حدث الحمل مباشرة بعد الزواج، فتتغيّر الحياة من سعادة شهر العسل إلى معاناة آلام الحمل". اكتئاب ما بعد الولادة.. أمر آخر اكتئاب ما بعد الولادة هو نوع آخر من الاكتئاب الذي يصيب النساء، يوضح فيصل الطهاري، مردفا بأن المرأة قد تصاب به أثناء الحمل ليستمر إلى ما بعد الولادة أو قد يُصيبها لأول مرة عند الوضع، مشيرا إلى أنه وفق الإحصائيات تصاب بهذه الحالة 10 إلى 15 امرأة من كل مائة امرأة تضع طفلا. هكذا تقاومين اكتئاب الحمل ويرى الطبيب النفساني، أن على الحامل المُكتئبة أن تستشير طبيباً مختصاً أو حتى طبيب الأسرة لمساعدتها على مواجهة الاكتئاب، علما أنها لن تستطيع أن تتناول أي نوع من الأدوية المقاومة للاكتئاب لأنّها تضرّ بالجنين، حيث يُمكنها الخضوع لعلاج نفسي والعلاج بالاسترخاء ومن الضروري جداً البوح بالمشاعر بصدق لمعرفة مدى حدّة المشكلة التي تعاني منها الحامل ولتحديد العلاج الأمثل، ناصحا الحوامل بعدم الانعزال عن المحيطين من الأسرة والأصدقاء والأهل، مع الأخذ بنصائح حوامل سعيدات بحملهن وطلب الدعم من الزوج بعد شرح المشكلة له ومساعدة النفس قدر المستطاع وذلك بالقيام بالحركات الرياضيّة.