في خطوة استفزازية جديدة لمشاعر المغاربة بجهة الشرق، عمدت سوق "ميترو" (Metro) إلى توزيع إشهار من 10 صفحات، وعلى نطاق واسع، تحتل فيه الخمور صفحتين كاملتين من دون باقي المنتوجات، ووضعت الصفحتان على "المجلة الإشهارية" بشكل يجعل القارئ يفتح عينيه مباشرة على 16 نوعا من الخمور المختلفة الأحجام والأشكال والألوان، ومعنونة بالخط العريض "عروض حصرية لا تُفوَّت"! "" وسبق لمواطنين وجمعيات سكنية أن تقدموا لعدة جهات رسمية وبرلمانية بشكايات استنكروا فيها عرض الخمور كما "تعرض الطماطم والجزر"، إلا أن الأمور بقيت على حالها من دون تفعيل للقوانين التي تمنع ترويج الخمور والإشهار لها بين المواطنين. وكان فريق العدالة والتنمية قد تقدم بمقترح قانون يحظر إشهار الخمور بالمغرب كما أفادت جريدة "التجديد"، إلا أن معطيات المصادقة عليه من عدمها لا تزال مجهولة. وأفاد مصدر مطلع من داخل سوق الجملة المذكور ل "هسبريس " أن ما سماه "الكساد الاقتصادي" الذي أعقب الأزمة المالية، إضافة إلى ارتفاع أثمنة باقي السلع، والأساسية منها بالخصوص، كلها لعبت دورا كبيرا في "اشتداد التنافسية على ترويج الخمور على نطاق واسع لتعويض العجز والخسائر الحاصلة" ولم يستبعد "أن تكون هناك أسواق سوداء عشوائية قد خلقت لبيع الخمور في محلات عادية مخصصة لبيع المواد الغذائية فقط". وقد أصبح الكثير من المتتبعين يقتسمون ذات القناعة من كون مثل هذه الإشهارات إنما تخصص للخمور فقط مع تمويه بسيط بمنتوجات أخرى كحلويات للصغار ومساحيق التصبين و"شمبوانات"... الخ. فيما يرى آخرون أن المنتوجات المصاحبة لإشهار الخمور لا تشكل في حد ذاتها سوى عوامل جذب لفئات أخرى، كالمراهقين والنساء، يدخلون ضمن دائرة الاستهداف بهذه الإشهارات المجانية. ورغم أن دولا غربية مثل فرنسا وكندا سنت تشريعات تمنع الدعاية العامة لما تسميه "المشروبات الكحولية أو الروحية"، إلا أن المغرب لا يزال يتلكأ في إصدار تشريعات تحد من ظاهرة تقريب الخمور من المواطنين بكافة شرائحهم، وهو ما يهدد صحة وسلامة المجتمع وقيمه وهويته الحضارية بمبررات اقتصادية تغفل الجوانب السلبية لانتشار الخمور، والتي تأتي على رأسها ارتفاع حوادث السير بسبب السكر والعنف الأسري وتفشي الجرائم المصاحبة لجلسات معاقرة الخمرة. وتذهب بعض التحليلات إلى أن هناك جهات نافذة في الدولة تحول دون استصدار قوانين من هذا النوع باعتبارها تهدد مصالحها الاقتصادية الخاصة المغلفة بالمصلحة العامة.