تأسفت كثيرا لعدم تهنئة المرأة الصحراوية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ولو معنويا، لأن المرأة في مجتمعنا مكرمة طيلة 365 يوما، وفرحت كثيرا عندما حمل اللواء هذه المرة أخي الدكتور "عبد الرحيم بوعيدة"، فأزاح بمقاله " كتابة بصيغة المؤنث... هدية لكل نساء الصحراء، غما تلبد ف"اخلاكي"، فأحسن الوصف والسرد والتكريم.. لكن يبدو أن القدر هذه المرة أبى إلا أن أشد العزيمة وأكتب في لحظة استفزاز لمشاعر كل الصحراويات والصحراويين بطلها كالعادة جريدة "هيسبريس" الإلكترونية التي ما فتأت تظهر كرهها وعداءها منذ نشأتها لأهل هذه البقاع الطاهرة من الأرض، خبر بقلم حاقد اسمه "عبد المغيث جبران" عنونه ب" النساء الدكاليات أكثر المغربيات نشاطا..والصحراويات أكثرهن خمولا"، واستغربت حقيقة لترادف مفهومي "المغربيات" و"الصحراويات" لأن الجريدة السالفة الذكر لم يسبق لها أن خلطت المفهومين قط فكانت كثيرا ما تصف الصحراويات ب"الخائنات الإنفصاليات"، وعند وصفهن بالمغربيات لم تبخل على نفسها بإضافة وصف "الخمول"، وربما القادم أسوأ.. جرت العادة يا "جبران" أن الكبار لا ينزلون إلى مستوى السفيه في نقاشه، حتى لا يعطوا له قيمة أكبر مما يستحقها، فقد علمنا حكماء الصحراء عدم الإكتراث للأبله، لا لكلامه ولا لكتاباته ولا حتى لحضوره، لكن بما أن ناقصي العقل مثلك قد يعتبرون لغة السكوت خوفا أو تأييدا لتراهاتهم، فلست في لحظتي هذه حكيما ولا واعيا ولا عاقلا شأني كشأن شريحة كبيرة من الصحراويين تعرفونهم تمام المعرفة، فإن درسوكم أن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، ففي مقرراتنا العين بالرقبة وبعدها فليتحمل الظالم ومن حوله مصاريف عزائه.. ولكم بداية الخبر كما نشر: "كشفت دراسة جديدة للمندوبية السامية للتخطيط عن كون الجهات التي تعرف أعلى معدلات لعمل النساء هي: دكالة عبدة بنسبة 34.4 في المائة، تليها الشاوية ورديغة ب32.4 في المائة، تتبعها سوس ماسة درعة بنسبة 31.1 في المائة، ثم الغرب شراردة بني حسن بنسبة 30.8 في المائة. وأوردت ذات الدراسة بأن "النساء في المناطق الجنوبية أقل نشاطا، وهو ما قد يعني أنهن أكثر "خمولا".." بتوظيفك يا "جبران" للجملة الأخيرة مما سبق، دليل على أنك أكثر جهلا في تفسيرك للإحصائيات ولغة الأرقام، فقد أظهرت ذكاء منقطع النظير في تحليلك الذي تقول فيه " وهو ما قد يعني أنهن أكثر "خمولا".." ولا أستطيع إلا أن أضع لك علامة "حسن جدا" على استنتاجك، الذي يعتبر قيمة مضافة للاستنتاجات والتحاليل العلمية، حقيقة لقد ساهمت كثيرا في عدم تكليفنا عناء التفكير والتخمين حول عكس مفهوم الأكثر نشاطا، لكن لا تنسى أنك نطقت باطلا باسم إحدى أكبر المندوبيات السامية في المغرب، ومن حقها أيضا أن تتابعك مثلما تشاء وبأي طريقة تختار، أما نحن فطريقنا واضح لا نحتاج دليلا حتى ولو كان في أحلك الليالي.. كان بإمكانك يا "جبران" أن توظف الخبر بشكل لا قدح فيه ولا إساءة، منتهجا بذلك إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط التي جاء فيها "تسجيل جهات الصحراء الثلاث أقل معدل لتشغيل النساء بنسبة 9.3 في المائة"، لا "الخمول"، لكن مكرك وضغينتك لأهل الصحراء جعلت بنيات أفكارك المتسخة تنطق تفسيرا أعرجا لا يبتعد بذلك عن أسلوب كتابتك الذي يبدو أنه أضل الطريق في تخوم وفيافي الصحراء، واسأل عن مصير من يضل الطريق؟ لا تخف.. فإما أن يموت عطشا أو تنهشه الذئاب.. أذكرك فقط أن هذه الإحصائية خاصة بمعدلات عمل النساء، وحتى تستوعب أكثر، فهي خاصة بالمرأة التي تشتغل والتي لا تشتغل، "اللي كاتخدم واللي ماكاتخدم"، وبما أن المرأة في مجتمعنا شيء مقدس، فالرجال عندنا يوفرون كل سبل الراحة والمتعة للصحراوية حتى لا تخرج للبحث عن العمل، فهي في غنى عنه، فهل يستطيع رجالكم مقارعة ذلك، لا أعتقد.. وحتى إن حاولت هذه المرأة البحث عن عمل فلن تجد ذلك، أتعلم لماذا؟ لأن جميع مناصب الشغل محجوزة مسبقا لكم، حتى تلك المرتبطة منها بشركات تصبير الأسماك التي تسيل لعابكم، وتشعرنا نحن بالغثيان، وحتى لا تذهب بتفكيرك بعيدا، فليس عيبا أن تشتغل المرأة، ولكن هذا ما وجدنا عليه آباءنا الأولين.. في مجتمعنا يا "جبران" للمرأة أدوار طلائعية لا ترى ولو استخدمت "الميكروسكوب"، أدوار تبدأ من أول قطرة حليب نرضعها مزودة بفيتامينات "الكرامة" و "العفة" و"عزة النفس" و "الشجاعة"، فيتامينات لا تتحلل إلا في أجسام الصحراويين، تلك معادلة ربانية قد لا تجد لها تفسيرا ولو درست طول حياتك.. في ثقافتنا يا "جبران"، "المرأة تخسر"، ليس بفهومكم القدحي الذي يعكس واقعكم، ولكن بمدلول الكلمة عندنا وما تحمله من معاني للدلع.. في ديننا يا "جبران"، نعمل بوصية الرسول صلوات الله عليه القائل: "رفقا بالقوارير" اللائي تنتهكون حقوقهن جهارا نهارا وعلى رؤوس الأشهاد، في تعارض تام ومطلق مع مبادئ المروءة والإسلام التي شب عليها الجميع منذ نعومة الأظافر، كلما اعتصمت إحداهن مطالبة بحقوقها. في قانوننا يا "جبران" لا يوجد ضوء أحمر، وبالرغم من ذلك نعرف كيف ندير أنفسنا بأنفسنا، فلا نحتاج ضوءا أخضر من أحد، لأن "الخضرة" مصاحبة لاحمرار دمائنا، نقف وقتما نشاء ونواصل متى نريد، لسنا دمى يحركنا من يشاء على هواه مثلك، ولا نستجدي أي مخلوق. وإذا بحثت عن اسمك يا "جبران" في قاموس الأسماء ستجد له معنى "الإصلاح"، "إيوا اصلح حالك، وادخل سوق راسك".