كانت مزعجة جدا مبادرة عدد من مثقفي هذا البلد للدفاع عن وكالين رمضان وتصنيف ذلك الدفاع ضمن خانة وجوب احترام الحريات والحقوق الفردية، بغض النظر حول ما إذا تعارض ذلك مع الإسلام أم لا. "" في مقدمة أولئك المثقفين محمد الساسي، وتلاه بوبكر الجامعي وبعض المحامين من بينهم اليساري زعزاع. ولم تشذ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن الركب، وللأسف الشديد، فدافعت عن هؤلاء الشباب مثلما دافعت عن الشواذ جنسيا من قبلهم خلال خروجهم العلني ومطالبتهم بتقنين شذوذهم وإلغاء كل القوانين المجرمة لهذا الداء، وهي الدعوة نفسها التي تبناها مجموعة المراهقين بمحطة قطار المحمدية مطالبين بإلغاء المادة 222 من القانون الجنائي التي تعاقب بالسجن على المجاهرة بالإفطار في رمضان. ومنبع الانزعاج من الدفاع عن هذه الظواهر المرضية مرده إلى لعبة خطيرة باتت هي الموضة داخل بلادنا، وهي لعبة تمييع المفاهيم وإفراغها من محتواها. فالشذوذ حرية فردية، والخمر مشروب إنساني روحي، والدعارة ضرورة مجتمعية وسياحية، والزنى حرية جسد، والخروج عن طاعة الأب ثورة شباب، ورمي الآباء داخل مراكز المسنين حاجة إنسانية توفر للمسنين الرعاية الصحية بعدما انتهى تاريخ صلاحيتهم بالنسبة للأبناء. لعبة تمييع المفاهيم إذن صارت هي السلاح المفضل لدى البعض ممن يخشون مواجهة المجتمع المغربي بجميع فئاته بحقيقة أفكارهم وأهدافهم.. فهم يعلمون وكما ظهر ذلك جليا لهم أن الإنسان المغربي البسيط لا شيء يجعله يقبل غير الله ربا والإسلام دينا ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا. وأي خروج عن هذه العقيدة يقابل بالرفض من طرف الجسم المغربي الطاهر، لذلك فهؤلاء يختفون وراء مظاهر براقة خادعة تلخص في مفهوم الحداثة، ووراء مفاهيم مائعة لنشر أفكارهم وما يخيل لهم أنها مبادئ سامية. وما يجري الآن هو امتداد لما جرى في وقت سابق حينما ظهرت مصطلحات من مثل "اللائكية الإسلامية" أو "الإسلام العلماني" أو "الإسلام الليبرالي" أو "الإسلام اليساري"،وذلك لتبرير ظواهر مرضية مخالفة لمبادئ الإسلام. وبداية لنقرر أن المجتمع المغربي ليس لديه أي مشكل في مناقشة تلك المفاهيم كما يطالب الحداثيون الجدد، لكن بشرط أن يكون النقاش صريحا وواضحا لا لبس ولا غموض فيه. فإذا كان الإسلام يقرر أن الصوم ركن من أركان الدين إلى جانب الصلاة والزكاة وحج البيت والشهادتين، فإن إنكاره جحودا يخرج الإنسان من دائرة الإسلام، وعلى الذين يعتقدون ذلك أن يقرروا بصراحة إلى أي معسكر يريدون الانتماء. والله تعالى يقول "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة/ 85). القرآن واضح ومن العيب الإيمان ببعض الآيات وجحود بعضها الآخر، كما فعل بعض العرب الذين أسلموا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكفروا بعد وفاته، حيث اقترحوا على خليفة رسول الله أبي بكر رضي الله عنه التنازل عن بعض الأركان مقابل بقائهم داخل دائرة الإسلام وعدم شن أي هجوم على أهله. غير أن الخليفة العظيم كان حاسما وضرب بيد من حديد على يد المتلاعبين بالدين... ليس المقصود بهذه الكلمات إخراج أي واحد من دائرة هذا الدين، فالإسلام دين الله ووحده سبحانه وتعالى من يعلم صدق إيمان المؤمنين. لكن هي معادلة على كل الشباب الذي يعتقد أن الدين لعب ولهو وتلاعب بالكلمات واتباع للهوى أن يراجع نفسه، ويفيق من الغفلة ويطلع على حقيقة نوايا الذين يحركون فيهم هذه الدوافع. ولا غرابة في أن يكون متزعمو مثل هذه الظواهر المرضية مرتبطون بالخارج شكلا ومضمونا، لأن التربة المغربية قد تنتج نباتا نكدا، لكن في عمومها هي تربة طاهرة تخرج النبات الطيب المحب لله ورسوله وللمؤمنين. بل حتى الشباب المنحرف خلقيا قد يقبل أي شيء إلا أن تمس حرمات الله وهذا أمر يعلمه الجميع. الصراحة إذن هي الفيصل وإذا كان لدى المجاهرين بمخالفة أوامر الله باسم الحداثة والانفتاح ذرة من الشجاعة، فليعترفوا بحقيقة أمرهم، حتي يتميز كل طرف بأفكاره ومعتقده، فلكل طرف تفاصيل عيشه وسلوكه سواء في الحياة أو حين الممات، وعند لقاء الله تتضح الأشياء "إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون" صدق الله العظيم. [email protected]