مفتي تونس: عيد الأضحى سُنة مؤكدة ولا يمكن إلغاؤه    أمن ميناء الناظور يحبط محاولة تهريب 26 كيلوغراما من المخدرات كانت متجهة صوب أوربا    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    سان جرمان يتأهل إلى الربع بفوزه على ليفربول بركلات الترجيح    باريس سان جيرمان يقصي ليفربول بركلات الترجيح ويتأهل لربع نهائي دوري الأبطال    دعم إفريقي لترشيح السيدة بوعياش لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    الملك يزور ضريح جده محمد الخامس    انطلاق مسابقات تجويد القرآن الكريم في إطار رمضانيات طنجة الكبرى    زلزال إداري يهز قطاع التربية الوطنية بعد إعفاء 16 مديرا إقليميا    انهيار مباغت لمنزل بالعكاري في الرباط.. وفاة سيدة واستنفار السلطات    تطوان.. حجز 17 ألفا و 505 من الأقراص الطبية "ريفوتريل" المخدرة وتوقيف أربعة أشخاص    بعد "جانا" العاصفة "كونراد" في طريقها إلى المغرب.. أمطار غزيرة وثلوج    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    إعفاء المدير الإقليمي للتعليم بالناظور    إجراءات وهبي تثير الجدل.. الغلوسي: إعلان غير مباشر عن "حالة استثناء" في المغرب    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    اتفاقية شراكة بين وزارة التجارة والصناعة و"التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    الشرقاوي: وكالة بيت المال القدس الشريف نفذت أزيد من 200 مشروعا كبيرا لفائدة المقدسيين منذ إحداثها    إسرائيل تقترح تمديد وقف إطلاق النار بغزة 60 يوما    وهبي يقْسِم أنه لن يعدل المادة 3 من المسطرة الجنائية للتبليغ عن الفساد    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل ورش الارتقاء بالمنظومة الصحية    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. برشلونة أول المتأهلين إلى ربع النهائي بفوزه على بنفيكا    موكوينا يدخل في صراع مع جماهير الوداد    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    أوكرانيا تقبل مقترح أمريكي بشأن هدنة لمدة 30 يومًا    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    فيديو: أمير المؤمنين الملك محمد السادس يترحم على روح المغفور له الملك محمد الخامس    هل الصيام يشفي القلب أم يشكل خطراً عليه؟ اكتشف الحقيقة مع الدكتور حفدي المهدي (فيديو)    مجلس الحكومة يتدارس مرسوماً متعلقاً ب"طنجة تيك" يوم الخميس    جائزة القيادة في النوع الاجتماعي: البنك الدولي يكرم لُبنى غالب، عضو مجلس إدارة مجموعة طنجة المتوسط    مطالب برلمانية بالكشف عن أسباب ارتفاع صادرات زيت الزيتون رغم تراجع الإنتاج    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العراق يملك واحدا من أعلى احتياطيات الذهب عربيا ب162طنا    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    تلوث الهواء يطال 14 مدينة هندية    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    الصين: متوسط العمر بالبلاد بلغ 79 عاما في 2024 (مسؤول)    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رابعة الزاهدة تتسائل هل الزهد والمطالبة بالحق لا يجتمعان
نشر في هسبريس يوم 10 - 03 - 2014

عندما يتكلم من لم يحط بتاريخ الصالحين والقائمين بالحق علما، فلاشك أنك تجده يقع في كثير من المغالاطات التي يستوجب التنبيه لها، والوقوف على اختلالاها، حتى لا يلتبس على الناس الأمر ويختلط حابله بنابله، ولعل بعض من ينتصر لخط سياسي يرتمي في أحضان الحكم المطلق، يحاول تبييض ذلك الوجه القبيح و التسويق السياسي لبضاعته المزجاة.
هذا ما يفعله بعض الناس الذين جعلوا من السيدة رابعة العدوية مثالا يعرضونه على الأجيال المعاصرة، كنموذج لاستحالة الجمع بين الهم الفردي في سلوك طريق معرفة الله والتذلل بين يديه ويعبرون عنه " بالزهد " وبين القيام على الظالمين، وذلك عندما يُعَرِّضون بالقائمين على الظلم في أرض الكنانة بقاهرة المعز، وبالضبط في ميدان الطاهرة رابعة العدوية، ويتهمونهم بطلب الدنيا ومزاحمة أهلها طلبا للحكم. فعل ذلك أحدهم في يوم الثامن من مارس (وهوتاريخ نشره للمقال )* بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وقال في مقاله بأن تجمع المساندين للرئيس الشرعي مرسي الذي تم تفريقه في أقل من يوم، بعد اعتصام دام أزيد من شهر، بطريقة كلام هي أقرب للتشفي منها للوصف. لم يراعي فيها أحاسيس أهالي من قتلوا غدرا وفيهم النساء، وان اختلف معهم في طريقة التدافع التي عالجوا بها قضيتهم وحاولوا من خلالها دفع الظلم الذي لحقهم.
طلاب دنيا
يصاب المرء بالحيرة من كلام مثل هؤلاء الناس الذين يكتبون بطريقة هي أقرب للافتاء، يخيل للقارئ لهم أن مخالِفهم قد اقترف اثما وجاء ببدعة منكرة في الدين وكأن الزهد (و المصطلح يحيل على الدروشة) والمطالبة بالحق ضدان لا يجتمعان . في تكريس واضح لخط الانبطاح الفاضح الذي لا يقيم دينا ولا يبقي على دنيا، وكأن مهمة الصالحين والعلماء التبعية المطلقة للماسكين بزمام الأمورلاغير.
ومثل هؤلاء لا يعتبرون بمن سبقهم في خدمة الظلمة، وان أتوا بالمسوغات التي يريدون اثبات صحة ما عليه يدافعون. ولهم في أعوان الأمويين عبرة، كيف كانوا الأمراء منهم يستبدلون من يدينون لهم بالولاء بغيرهم كما يستبدل الواحد منا جواربه كل صباح. وما تاريخ البرامكة الفصيل الأعجمي الذي شكل أحد الاذرع الواقية والخادمة للعباسيين منا ببعيد، كيف آلت اليه نهايتهم، فصاروا مضرب المثل لمن يساهم في تشييد حكم طائفة اختطفت الحكم وتوارثته وبعدها يتم لفظهم كما يلفظ البحر الجيف ( أعطيت المثال ببني أمية وبني العباس لقرب عهدهم بالسيدة رابعة التي جعلها الكاتب نموذجا يخدم قناعاته). ولكل من يأْهل من نفسه التعاون مع الحاكمين المستبدين خدمة للناس حسب ظنه.. مثل وعبرة ..وذلك لمن ألقي السمع وهو شهيد والموتي يبعثهم الله.
وحقيقة الأمر أن الوقوف الى جانب الظالمين ومقولة الاصلاح من الداخل وغمز ولمز القائمين بالحق، ماهو إلا تمديد لزمن الظلم واستمرار للحكم الجائر. الذي يبسط لأعوانه اليد ويستبدلهم بغيرهم اذا استجدت الظروف بما يخدم بقاءه في الحكم واستمرار سلالته ونظامه ، فمن هو طالب الدنيا اذن ؟
الخلفية
ان المتمعن في مثل هذا الكلام لا تخفى عليه الأرضية التي ينطلق منها،و الضاربة جذورها في فقه الأحكام السلطانية، ترى أن الاستبداد قدر هذه الأمة ، وماعليها سوى الادعان له، مع التأسيس لحاضرها ومستقبلها على ضوءه، وأن أي مصارعة لهذا المقدور هو تعريض لها للخطر، وكأن للمسلمين شوكة تحميهم و دولة تجمعهم.
ان هذه العقلية المحافظة التي تنهل مما أثله علماء السلاطين الغارقين في الدنيا و زينتها، والمشيرة في الآن ذاته بأصابع الاتهام لغيرها من القائمين بالحق و المدافعين عن شعوبهم، قد انقضت مدة صلاحيتها في زماننا هذا، ويكشف هذه الحقيقة ما يصلنا عن المنتفعين من وضع يخدمهم ويلعب لصالح المستكبرين يبين كيفية تنعمهم مع أولياء نعمهم ، وذلك بالصوت و الصورة الموثقة التي تجوب العالم الأزرق تفضح المزورين وتظهر حقيقتهم لكل الناس، بعد ما ولى زمن القصور الممتنعة والستر المرخاة.
رمتني بدائها
ليس قصدي كيل التهم، وانما أسائل فكرة تناقض ذاتها، وتعتبر أن مشاركة الظالمين في ادارة الحكم مزية وقُرْبة ربانية، وان كانت فيها مخالطة صريحة لأبناء الدنيا وبناتها، وهم الغارقون في الأشياء حالا ومقالا.
وعلى الطرف النقيض من ذلك يكرس أصحاب هذه الفكرة مبدأ دع ما لله لله .وما لقيصر لقيصرالبغيضة، وكأن أمثال هؤلاء المصلحون من داخل الاستبداد..أئمة معصومين، وأَهْلٌ لمعافسة الدنيا ولهم من القدرات والعلوم ما يستطيعون به ترويض الدنيا وكبح جماحها. وان كان الواقع يكذب أصحاب هذه المقالات، وما نراه بأم أعيننا من التحول الكبير الذي يطرأ على معيشة أصحاب نظرية التغيير من الداخل يكذب كل الادعاءات.
العبرة بالخواتيم
يدور التاريخ دورته الحاسمة ليدفع بأمة المختار لإمامة الأمم وما هذا المخاض العسير التي تعيشه هذه الأمة إلا برهان وإرهاص لما سيفتح الله لأمة حبيبه صلى الله عليه وسلم، ان اقتفت درب المقاومة السلمية، لتشق طريق نهضتها بعد سقطة طال أمدها والكل بتقدير من العزيز العليم .
ان المحاربين المباشرين لنهوض هذه الأمة من هواة الانقلابات والمشككيين (وان كانوا من المحسوبين على الاسلاميين وا أسفاه) قد اختاروا الطريق الخطأ هذه المرة، وسيندحر تدبيرهم. وان صلحت نيات المشككين، فان الصواب قد تمت مجانبته. ولقبول الأعمال شرطين هما صلاح النية مع الصواب وهو ما وافق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسنته نصرة المستضعفين كيف ما كانت ملتهم ومذهبهم.
*مقال نشر في الجريدة الالكترونية هسبرس تحت عنوان " رابعة الزاهدة أشهر نساء هذه السنة "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.