سارع الشيخ محمد بن عبد الرحمان المغراوي، رئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، إلى نبذ السياسة وما يتبعها من أمور وشرور، حسب رأيه، مؤكدا أنه "ليس من منهجنا الخوض مع الخائضين في السياسة المعاصرة التي نراها بعيدة عن السياسة الشرعية". وأكد المغراوي، في بيان له نشره أخيرا على صفحته الفايسبوكية، أن "منهجنا لم يكن يوما الانشغال بالمظاهرات والاعتصامات والمسيرات، وغيرها من الوسائل التي لم يجن المسلمون، من ورائها إلا القلاقل، والدماء والمحن"، مضيفا أن "واقع المسلمين أثبت أن هذه الوسائل لا تقيم دينا ولا تبقي دنيا". وفي تبرير انخراط ما يسمى السلفية التقليدية بالمغرب في مواقف سياسية سابقة، قال المغراوي "إن كانت لنا نوع من مشاركة في فترة ما، فبالقدر الذي كنا نأمل من ورائه تقليل الشرور والمفاسد، ولم يكن ذلك عدولا منا عن منهجنا أو انسلاخا من دعوتنا" وفق تعبيره. وانتقد المغراوي محاولات بعض أتباع تياره السلفي التوسع في التقديم الذي دبجه في صدر كتاب "الاستبصار والتؤدة في عرض المستجدات والنوازل على قواعد المصلحة والمفسدة" لأحد أبرز مقربيه، الشيخ حماد القباج، مشدد على أن ما كتبه لم يكن "ليتخذ ذريعة للتوسع فيما لا نرتضيه أصلا لدعوتنا". المغراوي عاد في بيانه، الذي أتى متساوقا مع ما رشح من مواقف المملكة العربية السعودية أخيرا إزاء ما يعتمل في البيت المصري، بعد تصنيف وزارة الداخلية السعودية جماعة الإخوان المسلمين المصرية ضمن الحركات الإرهابية، ليؤكد أن "منهجه يقوم بالأساس على الاشتغال بالعلم الشرعي تعلما وتعليما وعلى الدعوة إلى العمل بهذا العلم". القباج، وكأنه يرد على موقف المغراوي، دبج أخيرا مقالا أكد من خلاله أن "السياسة في العالم العربي والإسلامي باتت في أمس الحاجة إلى إصلاح يدنو بها من كمالات السياسة الشرعية، مما يفرض انخراط المصلحين وعلى رأسهم العلماء، في إقامة دعائم هذا الإصلاح بما يؤدي إلى تقليص حجم الاستبداد وسلوك الظلم والاعتداء على الحقوق". الكنبوري: اختبار صعب للسلفية التقليدية إدريس الكنبوري، الكاتب والباحث في الشأن الديني، يربط بيان الشيخ المغراوي بسياق المواقف السعودية الأخيرة مما يجري في الساحة المصرية، وصدور بيان وزارة الداخلية السعودية التي اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين المصرية، والدولة الإسلامية في العراق والشام داعش وجماعتين أخريين، ضمن الحركات الإرهابية. ووجد الكنبوري، في تصريحات لهسبريس، أن الموقف السعودي هو "اختبار للموقف السلفي التقليدي الذي أصبح خاضعا لعملية فرز، بين التيار الذي يؤكد على أهمية الإصلاح العقدي باعتباره المدخل الوحيد للإصلاح، وبين التيار الذي يربط بين هذا الإصلاح العقدي والإصلاح السياسي". وأفاد الباحث أن التيار الأول له موقف من المظاهرات والاحتجاجات ذات الطابع السياسي، وهو الموقف الذي ينتصر له الآن الشيخ المغراوي الذي يقف إلى جانب اختيار السعودية، ويرفض عمليات التجديد أو المراجعة التي قام بها بعض أتباع تيار السلفية التقليدية إزاء المسألة السياسية. واستطرد الكنبوري بأن "هذا هو أصل الخلاف بين القباج والمغراوي، فالأول سبق له أن أصدر كتابا بعنوان" الاستبصار والتؤدة في عرض المستجدات والنوازل على قواعد المصلحة والمفسدة"، ينتقد فيه بعض أسس السلفية التقليدية مثل الموقف المرتبط بالفتنة مثلا، ويؤكد على أهمية التدافع، كما أصدر بيانا ينتقد فيه موقف السعودية من أحداث مصر قبل حوالي عام، بينما يصر المغراوي على اعتبار كل ذلك نوعا من الانحراف عن المنهج السلفي". وانتهى الكنبوري إلى أن "هذا الصراع لا يمكن عزله عن السياسة السعودية اتجاه جماعات الإخوان المسلمين بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص"، متوقعا أن "ما حصل في السلفية التقليدية بالمغرب حدث وسيحدث مثيل له في المملكة السعودية نفسها، لأن التيار السلفي التقليدي يخضع اليوم لاختبار صعب" وفق تعبيره.