عبّر حقوقيون وحقوقيات من خلال وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان المغربي، السبت، عن "عدم رضاهم" عن مستوى تمكين النساء المغربيات من حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بما يجعل "المساواة المنشودة بينهن والرجال غير قائمة حتى الآن"، مستحضرين أن "مقترحات التعديلات على مدونة الأسرة، التي جرى الكشف عن إجازتها من قبل الهيئة المكلفة، أبعد من أن تحقق هذا الهدف وأن تكرس الالتزامات الدولية للمغرب على صعيد حقوق المرأة". الحقوقيون الذين لبوا نداء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من أجل الاحتجاج بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة، تحت شعار: "جميعا لصون المكتسبات ومن أجل تشريعات تحمي النساء من التمييز وكل أشكال العنف وتضمن لهن المساواة دون تحفظات"، أكدوا تمسكهم ب"ضمان تأمين كافة الحقوق للمغربيات، وتوفير الحماية القانونية لهن من العنف والاستغلال في كل الفضاءات"، مشيدين في الآن ذاته ب"صمود النساء الفلسطينيات، بمن فيهن الأسيرات، تجاه الحرب وسياسة القهر والميز الإسرائيلية". وضمّن المحتجون مطالبهم في "شعارات متجددة"، شملت أساسا: "سوا اليوم سوا غدا..المساواة ولا بد"، "بالوحدة والتضامن..لي بغيناه يكون يكون"، موجهين "تحية نضالية..للمرأة الفلسطينية". تأمين الحقوق سعاد البراهمة، عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنسقة اللجنة المركزية لحقوق النساء بالجمعية، أوضحت أن "المناضلين الحاضرين هنا، رغم هذا الجو الماطر، أصروا على عدم إخلاف موعد الثامن من مارس؛ فجسدوا هذه الوقفة في اليوم الذي يشكل فرصة لتجديد رفع كل المطالب التي ترتبط بحقوق النساء". وأوضحت البراهمة، ضمن تصريح لهسبريس على هامش الوقفة، أن "هذا الشكل الاحتجاجي ينادي أساسا، ومن جديد، بسياسة تشريعية تحمي النساء من العنف، وتنبني على سن تشريعات ومدونة أسرة تضمن لهذا المكون المجتمعي وللأطفال الحماية القانونية، فتؤمن حقوق المرأة كاملة وتكرس المساواة بين الجنسين"، موجزة بأن الرهان "هو على نص قانوني يضمن حقوق الأسرة كاملة لكافة الشعب المغربي". وأفادت منسقة اللجنة المركزية لحقوق النساء بالتنظيم الحقوقي المذكور بأن "المحتجين هم اليوم هنا كذلك بغرض التنديد بالتراجعات الخطيرة على مستوى الحريات والحقوق بكافة أصنافها الاقتصادية والاجتماعية؛ بحيث يسجل أنه مازال ثمة قمع لكل الحركات الاحتجاجية، حتى تلك التي تقودها النساء"، مستنكرة "العنف تجاه من يطالب بحقوقه ومطالبه العادلة". "وضع غير مرض" أما عبد الإله بنعبد السلام، القيادي في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فوضع تخليدها اليوم العالمي للمرأة في سياق "مواصلة المغرب عدم احترام جزء كبير من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، رغم مصادقة عليها منذ سنوات"، مردفا بأن "الجمعية من خلال هذا الشكل الاحتجاجي تطالب الدولة بالوفاء بالتزاماتها المتصلة بضمان وصون حقوق المرأة". تنفيذ هذه "الالتزامات"، كما أورد بنعبد السلام ضمن تصريح لهسبريس على هامش الوقفة، "يستدعي من الدولة مراجعة القوانين المؤطرة، بما في ذلك مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ومع الاتفاقية التي صادق عليها المغرب في هذا الجانب، أي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة". مغربيات وفلسطينيات خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكدت أن "الثامن من مارس يأتي هذه السنة في ظل ارتفاع معاناة كل نساء العالم من القهر والميز؛ وضمنهن المغربيات اللواتي رزحن هذه السنة تحت وطأة قوانين جائرة وسياسات ظالمة، وتحت كل أشكال العنف والتمييز في كل المجالات والفضاءات، في طليعتها أماكن العمل والشوارع والبيوت". وقالت الرياضي، ضمن تصريح لهسبريس على هامش الوقفة ذاتها، إن هذا اليوم "يجيء كذلك في ظل غياب أي إرادة حقيقية لدى الدولة للاستجابة لمطالب الحركة النسائية المغربية، بقوانين منصفة وعادلة، ضمنها مدونة الأسرة"، مردفة بأن "كل ما قيل بشأن تعديلات هذه الأخيرة حتى وإن طبق فمازال بمثابة إعلان نيات على أي حال، لن يستجيب لمتطلبات المساواة وحتى في ميدان التزاماته في حقوق الإنسان، وفي مقدمتها اتفاقية 'سيداو'". وأعلنت المتحدثة ذاتها أن "عمل المنتظم الحقوقي المغربي من أجل ضمان حقوق النساء في كل مكان سيستمر، بما أن الاستغلال مستمر، ما تؤشر عليه مثالا لا حصرا حالة نساء فكيك اللواتي مازلن يواصلن احتجاجهن، وحوالي 500 عاملة بمكناس مطرودات تعسفا، فضلا عن النساء اللواتي يشتغلن في الحقول الزراعية جنوب المغرب، مناضلات ضد كل صنوف القهر والعبودية". كما أكدت الناشطة الحقوقية المغربية، وهي منسقة "مغربيات ضد التطبيع"، أن "إحياء هذا اليوم العالمي للنضال من أجل حقوق النساء يحل هذه السنة، كذلك، في سياق استمرار الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بعد حرب مدمرة، يتخللها صمود مشهود للنساء الفلسطينيات، وضمنهن الأسيرات اللواتي تعرضن لأبشع جرائم الحرب في السجون الإسرائيلية الظالمة". جدير بالذكر أن الجمعية طالبت في بيانها الذي تلي بالمناسبة، كذلك، ب"رفع كل التحفظات والتصريحات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وملاءمة التشريعات المحلية معها"، و"تغيير شامل وجذري للقانون الجنائي ومدونة الأسرة بما يتلاءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان"، و"ضمان حقوق النساء العاملات وحمايتهن من الطرد والتسريح وإلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي"، فضلا عن "مراجعة قانون العاملات بالمنازل بما يضمن حقوقهن"، و"احترام حقوق النساء المهاجرات".