إذا كان هناك أحد استفاد من النظام غير المؤسسي خلال السنوات العشرين الماضية، فهو بالتأكيد المخرج الأمريكي المثير للجدل، مايكل مور. "" فمنذ عام 1989، عندما اعتلى فيلمه "روجر وأنا" قائمة الأفلام الوثائقية الكوميدية في السينما غير الربحية، قدمت الأفلام العديدة والبرامج التلفزيونية والكتب الأكثر مبيعاً لمور ثروة مؤلفة من ثمانية أرقام. وفي كل ما سبق، يبقى مور النجم الأوحد بلا منازع. في فيلمه الأخير "الرأسمالية: قصة حب" يضع مور شريطاً أصفر اللون حول مبنى البورصة في نيويورك، يحمل عبارة "مسرح جريمة." لقد استحق هذا الكاتب والمخرج المبدع كل دولار ويورو اكتسبه بحق.. فقد جمع ما يزيد على 300 مليون دولار من أفلامه الثلاثة الأخيرة والتي حملت عناوين "بولينغ فور كولمومباين" و"فهرنهايت 9/11" و"سيكو"، فيما يعد "فهرنهايت" أكثر الأفلام الوثائقية تحقيقاً للربح في كل العصور. وحتى بالنسبة لمخرج تناول جماعة الضغط أو لوبي الأسلحة في بلاده، كما في فيلم "بولينغ فور كولومباين" والحرب في العراق كما في "فهرنهايت" وصناعة الرعاية الصحية الأمريكية كما في "سايكو"، فإنه مازال يعيش زاهداً ولم يصبح رجل أعمال كبير، رغم المفارقة بأنه صنع ثروته من مهاجمة "المؤسسة الأمريكية." ويبدو أن فيلم "الرأسمالية: قصة حب" سيحظى بالمجد الذي حظيت به أفلامه السابقة، وخصوصاً خارج الولاياتالمتحدة، وتحديداً في أوروبا، حيث يشارك الفيلم في مهرجان البندقية السينمائي. أما سبب الحب الأوروبي الكبير لهذا الرجل الأمريكي فربما يعود إلى أن أفلامه تغوص عميقاً في وجهة النظر القارية لأمريكا: أي أنها أصيبت بالجنون وغزت دول العالم التي لم تهاجمها أبداً، وتعتقد أن التغطية الصحية ليست حقاً للمواطنين وإنما ضرب من الخداع لتحقيق الربح. وبالمقابل، فإن أوروبا عبارة عن حضارة مسالمة تعرف حدودها وتهتم بشعوبها، أما الأمريكيون فهم مسلحون وخطيرون وأغبياء. يتناول آخر أفلام مايكل مور الأزمة المالية والاقتصادية في الولاياتالمتحدة خلال العام الماضي، ويمنح رؤية أوسع للانهيار المالي من خلال ملحمة تتناول المحظور: أي جرائم الرأسمالية على المستوى القومي الأمريكي. وخلال مشاركته في المهرجان الأوروبي، وصف مور الرأسمالية بأنها "الشر المطلق الذي لا يمكن إصلاحه إلا باجتثاثه من جذوره. ويتعرض الفيلم لكثير من الإحصائيات، فمثلاً يقول مور إن عائلة أمريكية تطرد من منزلها كل سبع ثوان ونصف الثانية، معتبراً أن هذا الرقم مخيف للغاية. ويتناول الفيلم قصص الأمريكيين البسطاء الذين يضطرون إلى النون في منازل أو شاحنات متنقلة، حيث يرافق تعليق لمور خلال الفيلم يقول فيه الولاياتالمتحدة لم تعد دولة ديمقراطية بل أصبحت تمثل "حكم الأغنياء".. الأقلية القليلة التي تمتلك معظم الثروات. شاهد تقديم فيلم مايكل مور الجديد