عاد برنامج "فُرصة" ليثير الجدل داخل مجلس النواب، حيث انتقد برلمانيون، اليوم الإثنين، تسببه في "إغراق العديد من الشباب المغاربة بالديون، ما جعلهم مهددين بالسجن والمتابعات القضائية، بعد عدم توصلهم بالتمويلات رغم قبول ملفات مشاريعهم"، معتبرين أنه "فشل نظرا لأسباب متداخلة، منها تفويض تدبيره للشركة المغربية للهندسة السياحية، وهزالة قيمة القرض الممنوح للمستفيدين منه، وعدم مواكبة مشاريعهم"؛ وهي الانتقادات التي رفضتها وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، مُتسلحة بحزمة من الأرقام والمعطيات التي تُترجم "النجاح الكبير للبرنامج". هذه الانتقادات ساقتها ريم شباط، النائبة البرلمانية عن حزب جبهة القوى الديموقراطية، خلال الجلسة الأسئلة الشفهية لمجلس النواب، قائلةً: "إن المئات من الشباب المغاربة الذين كانوا ينتظرون تمويلا بقيمة عشرة ملايين سنتيم لمشاريعهم، بعدما تمت الموافقة على ملفاتها من قبل مؤسسات التمويل والأبناك واللجنة المكلفة بدراسة وانتقاء الملفات، اكتشفوا أنه جرى إيهامهم فقط، إذ لم يتوصلوا بهذه التمويلات"، لافتةً إلى أن "هؤلاء مازالوا مهددين بالسجن والمتابعات القضائية بعدما غرقوا في الديون لأجل سداد الإيجار والضرائب والاشتراكات، نتيجة هذا التأخر". وأضافت النائبة البرلمانية ذاتها أن "بعض الضحايا قاموا بتقديم ملفاتهم للجهات المعنية منذ سنة 2022، ولم يستفدوا من التمويل إلى حدود اليوم، في وقت تم تمويل مشاريع العديد من الشباب الذين تقدموا بملفهم في السنة الموالية، ما يثير تساؤلا كبيرا"، مُعتبرة أن "مُطالبة المتضررين بتمرير ملفاتهم إلى برنامج 'انطلاقة' يشكل اعترافا ضمنيا بفشل برنامج 'فُرصة'"، ومُطالبةً ب"إنصاف هؤلاء الضحايا وصرف تمويل مشاريعهم في أقرب وقت". بدوره قال إبراهيم أوعبي، عُضو الفريق الحركي بمجلس النواب، إن "برنامج فُرصة واجه إخفاقا لعدة أسباب منها منح تدبيره للشركة الوطنية للهندسة السياحية التي لا يعد التشغيل ضمن اختصاصتها، وغياب التخطيط القبلي لأجل استهداف الفئات التي تستحق الاستفادة من الدعم والقروض"، عادا مبلغ القرض "هزيلا"، وزاد: "ما هو المشروع الذي يمكن إنجازه ب90 ألف درهم، ويُمكن من تلبية احتياجات صاحبه؟ إما مأكولات خفيفية أو مشروع آخر لا يضمن دخلا محترما مستداما". وسّجل عُضو الفريق الحركي بمجلس النواب أنه "بسبب غياب مُواكبة المستفيدين فإن أغلب مشاريع برنامج 'فُرصة' تعرّضت للإفلاس"، مُطالبا الوزارة في هذا الصدد ب"الكشف عن حصيلة المقاولات المستفيدة من البرنامج التي نجحت، وتلك التي أفلست". وفي ردها على أسئلة ومداخلات النواب والنائبات رفضت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني وصف برنامج "فُرصة" بالفاشل، "لوجود العديد من الأرقام والمعطيات التي تُثبت أنه بصم على نجاح كبير"، مُشيرة إلى أن "جميع المشاريع المستفيدة من البرنامج تستفيد من تتبع ومواكبة من قبل الشركات الحاضنة أو مؤسسات التمويل، طيلة سنتين، بعد حُصولها على التمويل". وتابعت: "هذا المعطى مهم، لأن أغلب حاملي المشاريع لم يكن الإشكال لديهم في التمويل، بل في تنفيذ فكرة مشاريعهم وإنجاحها". كما ذكرت عمور أن "البرنامج كان ذا تأثير كبير، بحيث خلق 37 ألف منصب شغل، 44 في المائة منها لفائدة النساء"، مُشيرة إلى أن "'فرصة' حقق هدفه الطموح بتمويل 20 ألف حامل مشروع خلال سنتي 2022 و2023، بل تخطاه بتمويل أزيد من 1200 حامل مشروع إضافي". ولفتت الوزيرة إلى "نسبة المشاريع المتواجدة بالجماعات القروية والمدن الصغيرة المستفيدة من تمول البرنامج، من مجموع المشاريع المستفيدة، انتقلت من 60 في المائة سنة 2022 إلى70 في المائة سنة 2023". "إنجازات سياحية" أوردت المسؤولة الحكومية ذاتها أن "القطاع السياحي بصم السنة الجارية على إنجازات قياسية مٌقارنة بالسنة الماضية؛ إذ زار 13,1 مليون سائح المغرب خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، ما يعني زيادة بمليوني سائح مُقارنة بالفترة ذاتها من 2023؛ كما جلب القطاع حتى شهر شتنبر 76,4 مليار درهم من مداخيل العملة الصعبة، أي بزيادة ب7 في المائة"، مٌضيفةً أنه "تم تسجيل 21 مليون ليلة مبيت، أي بزيادة 10 في المائة عن السنة الماضية". "هذا الأداء الجيد هو نتيجة للتنزيل الترابي لخارطة الطريق السياحية 2023- 2026، إذ جرى التوقيع على عقود تطبيقية لها مع ثماني جهات، وكذا تشجيع الاستثمار من خلال برنامج CAP HOSPITALITY، الذي تتحمل بموجبه الدولة الفوائد على القروض الممنوحة لرفع العرض السياحي، وبرنامجGo سياحة الذي يهدف إلى مواكبة المقاولات السياحية في مجال التنشيط والترفيه، وبلغ عدد المشاريع المستفيدة منه 256 مشروعا"، تواصل عمور. وتوقعت المسؤولة الحكومية ذاتها أن "يصل مبلغ الاستثمار في الإيواء السياحي إلى 8 مليارات درهم، ويبلغ عدد الأسرة الجديدة المنجزة 7700 بمتم هذه السنة"، مُردفةً بأن "هناك تفاؤلا وتوقعا بأن يتجاوز المغرب 16،5 مليون سائح في 2024". وبخصوص تنزيل خُطة المكتب المغربي الوطني للسياحة للفترة 2026/2023 أوضحت الوزيرة أن "الوزارة بذلت مجهودات كبيرة لتطوير النقل الجوي الذي يُعد محورا أساسيا ضمن هذه الخُطة، إذ أبرمت عدة اتفاقيات شراكات مكنت من رفع مقاعد النقل الجوي ب 37 في المائة سنة 2023، مقارنة بالسنة الماضية؛ وفتحت خُطوط جوية غير مسبوقة مثل خط مراكش- موريال، وخط مراكش- نيويورك"، مُشيرة إلى "إحداث لجنة مكلفة بالنقل الجوي تضم الوزارة والمكتب الوطني للسياحة والمكتب الوطني للمطارات لضمان التنسيق اللازم على هذا الصعيد". وفي ما يهم المحور الثاني للخطة، أي الترويج والتسويق، أكدت المسؤولة الحكومية عينها أن "المكتب طور شراكات مع منظمي الأسفار مكنت من التعاقد مع مليوني مسافر، أي بزيادة 49 في المائة في 2024 مقارنة ب2023، وقام بحملات ترويجية واسعة في إطار 'المغرب أرض الأنوار' و'نتلاقاو فبلادنا'"، لافتةً إلى "مشاركة المكتب في عدة تظاهرات بغرض فتح أسواق جديد؛ مثل المعرض الدولي للسياحة في طوكيو 2024، وحصوله على جوائز متميزة في عدة معارض، من بينها معرض العطلات ببروكسل".