استأثر كل من موضوع الأسعار في علاقتها بالقدرة الشرائية للمواطنين وإصلاح أنظمة التقاعد بحيّز كبير ضمن الأسئلة المبرمجة خلال جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس النواب، اليوم الإثنين، إذ أكدت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن "أعضاء الحكومة يعرفون مستوى الأسعار والوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة، ولا أحد يُمكنه نكران ذلك". جاء ذلك تفاعلًا من المسؤولة الحكومية ذاتها مع سؤال في موضوع "ارتفاع الأسعار رغم تراجع معدلات التضخم" طرحه الفريق الاشتراكي–المعارضة الاتحادية. واضطرت فتاح للحديث بالدارجة المغربية، خلال ردها على نائبة من الفريق المذكور عدّدت لوحات مُرقَّمة بارتفاعات عدد من المواد الغذائية الأساسية داعيةً الحكومة ل"فتْح أعيُنها في السوق": "لا أحد يُنكر أنه بعد توالي هذه الأزمات الأخيرة شهد المغرب ارتفاعا في الأسعار، لكن لا يمكن القول، في الوقت ذاته، إن المواطنين لا يَعلمون أو لمْ يرَوْا الإجراءات التي قامت بها الحكومة للحفاظ على القدرة الشرائية فضلا عن إجراءات الدعم الاجتماعي المباشر للأسر". وسجلت وزيرة الاقتصاد أن "الحكومة ملتزمة بوعودها التي أطلقتها السنة الماضية عندما توقعت في فرضيات قانون المالية لسنة 2024 خفضَ معدل التضخم، وهذا بالفعل ما حصل، إذ تراجع إلى أقل من 2 في المائة هذه السنة". وفي جواب عن سؤال في السياق ذاته حول "سياسة الحكومة في مجال دعم القدرة الشرائية للمواطنين" للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، قالت فتاح إن "القدرة الشرائية للمواطنين هي مِن أولويات وانشغالات الحكومة"، مشددة على أنه "يمكن اعتبار السياسات الحكومية مستندة إلى ركيزتيْن؛ الأولى تخص وضعية الأسواق وسياسة ملاءمة الأسعار، بينما الثانية هي الرفع من الدخل". وعدّدت الوزيرة في معرض الجواب بعض الإجراءات "المهمة جداً" حسب توصيفها، ذاكرةً "دعم الدولة المواد الأساسية كالغاز والبوتان، فضلا عن دعم بعض الخدمات الأساسية مثل الكهرباء (عبر المكتب الوطني للماء والكهرباء) بحوالي 13 مليار درهم كي تبقى أسعار الفواتير مستقرة"، ومعرجة أيضا على "دعم مهنيي قطاع النقل وتخصيص دعم كبير سنوياً لمواكبة القطاع الفلاحي". 20 مليار درهم في المجمل، وفق إفادات وزيرة المالية أمام النواب، ف"الحكومة عبّأت 20 مليار درهم حتى تبقى أسعار المواد الغذائية في مستوى متناسب مع القدرة الشرائية"، مشيرة إلى "تنفيذ إجراءات ضريبية لتواكب هذا الدعم، منها خفض ومراجعة الضريبة على القيمة المضافة، وغيرها من الإجراءات"؛ كما تطرقت ل"دعم القدرة الشرائية من خلال جولات الحوار الاجتماعي، سواء في القطاعين العام أو الخاص، وهذا ما سيتم استكماله أيضا في مشروع قانون مالية 2025′′، حسبها. وقال نائب من الفريق الاستقلالي (أغلبية)، في تعقيب شديد اللهجة على الجواب، إن "أزمة غلاء الأسعار مَسّت كذلك الطبقة المتوسطة بكل مكوناتها، والكل يَكتوي بِنَارها؛ أزمة أصبحت تمس كل المواد الأساسية، ورغم ملايير الدراهم لدعم القدرة الشرائية التي خصصتها الحكومة لم تُحقق النتائج المسطرة لها من تحقيق اكتفاء ذاتي وسيادة غذائية..."، حسب تعبيره، قبل أن ترد فتاح باقتضاب: "هناك تعبئة حكومية لمواكبة ارتفاع الأسعار. 'وحنا عارْفين كايْن ارتفاع الأسعار'.. إلا أن هناك أيضا دعما للقدرة الشرائية من خلال جولات الحوار الاجتماعي، سواء في القطاعات العمومية أو في القطاع الخاص وكما اطلعتُم عليه فإن قانون مالية 2025 يتضمن برامج مخصصة لاستكمال دعم الأجور". "مُلتزمون بإصلاح أنظمة التقاعد" وخلال الجلسة ذاتها نال الموضوع الشائك المرتبط بإصلاح التقاعد بالمغرب "وحدة الموضوع" ضمن سؤاليْن عن "إصلاح أنظمة التقاعد، ومعاناة المتقاعدين في ظل ارتفاع معدل التضخم" (لفريق التقدم والاشتراكية ومجموعة العدالة والتنمية) وقالت وزيرة الاقتصاد: "أكدت هذه الحكومة أنها تريد تنزيل هذا الإصلاح برؤية شاملة ومتكاملة وتشاركية رغم أنه تأخَّرَ فعليًا لسنوات..."، قبل أن تؤكد أن "جولة الحوار الاجتماعي (أبريل 2024) تم خلالها الاتفاق على 3 ركائز: إصلاح وفق قطبيْن عمومي وخاص، تحديد آليات الانتقال إلى منظومة جديدة مع الحفاظ على الحقوق والمكتسبات مع تعزيز حكامة أنظمة التقاعد". وفي مؤشر دالّ أفادت فتاح بأنه "من أصل 10 ملايين ونصف مليون يعمَلون فإن نصفهُم فقط هم من يستفيدون حاليا من معاشات التقاعد في القطاعين العام والخاص"، معلنةً أن هناك تفكيراً مشتركاً في حلول لتوسيع المستفيدين وإعطائهم الحق في التقاعد. وذكّرت المسؤولة الحكومية ب"إقرار ارتفاع قيمة المعاشات ب5 في المائة لمتقاعدي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذلك [قانون 1300 يوم] الذي صودق عليه بمجلس المستشارين في انتظار مجلس النواب". وشددت الوزيرة على أن "التقاعد ليس ملفاً تقنيا بقدر ما هو ملف اجتماعي"، مردفة: "سبق لنا الالتزام أمام مجلسكم الموقر وجددنا الالتزام بالاشتغال معكم باتفاق مع الشركاء الاجتماعيين"، ومعتبرة أنه "كان لا بد من تحيين العرض الحكومي وفق الأرقام والدراسات بعد استطلاع رأي النقابات؛ كما أن مستجد الرفع من الأجور كان له وقع على صناديق أنظمة التقاعد واستدامة مالية الصناديق"، وختمت: "مازلنا مُلتزِمين 'وبْغِينا هذا الورش ينجح' لأنه في صالح المُتقاعدين حالياً، وأيضا لصالح الأجيال المقبلة، لأنه على عاتقنا ألّا نترك لهم ملفاً صعبًا جداً".