بموجب تعديل حكومي، شغلت إمكانيات حدوثه الرأي العام لمدة طويلة، أُسندت لمحمد سعد برادة، أمس الأربعاء، مهامُ قيادة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لما تبقى من العمر الحكومي، خلفا لشكيب بنموسى الذي تم تكليفه من طرف الملك محمد السادس بخلافة أحمد الحليمي على رأس المندوبية السامية للتخطيط. حصول محمد سعد برادة على حقيبة الوزارة المكلفة بالتعليم والرياضة أتى موازاة مع الترقّب الذي ظهر لدى متتبعي الشأن السياسي والتعليمي كذلك، منذ وضوح مصير شكيب بنموسى، بخصوص "البروفايل" الذي من المنتظر أن يتكلف بإدارة أحد أكثر القطاعات حساسية بالمغرب. برّادة هو من الناشطين في مجال المال والأعمال، وعضو في المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ويحظى بثقة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وهو كذلك عضو إدارة شركة "TGCC" المتخصصة في الأشغال العمومية؛ كما يعتبر المسؤول الأول بشركة "MICHOC" للحلويات الصلبة والشكولاتة، ويقف كذلك وراء تسيير شركة "Safilait" المتخصصة في صناعة منتجات الحليب ومشتقاته. ويعد برادة كذلك مهندسا حاصلا على ديبلوم من مدرسة القناطر والطرق بباريس، قبل عودته للمغرب وانخراطه في مجال المال والأعمال بالبلاد، ليصبح من الواقفين وراء تسيير شركات مدرجة بالبورصة وتشغل الآلاف من العمال والموظفين. وبتعيينه وزيراً يظهرُ أن حكومة عزيز أخنوش تُعوّل على محمد سعد برادة من أجل استكمال المشوار الذي كان بدأه بنموسى، خصوصا في ما يتعلق ب"مواصلة الإصلاح"، بناء على ما جاء ضمن البرنامج الحكومي، في وقت يبقى التعليم أحد أكثر القطاعات الوزارية عدم استقرارٍ، وذلك بعدما صار وزراء التعليم خلال السنوات الماضية دائما في صلب التعديلات الحكومية التي يتم التأشير عليها. وليست مهمة الوزير التجمّعي الجديد بالسهلة، على اعتبار أن قطاع التعليم يعد أحد القطاعات التي تعهّد حزب التجمع الوطني للأحرار، في فترة الانتخابات، بتحقيق تقدمٍ بخصوصها، خصوصا مع الاضطرابات التي ظل يعرفها طيلة العقود الماضية رغم التغييرات المتواصلة ل"كُرسي القيادة". محمد سعد برادة سيكون إذنْ مطالبا، وبتوجيه من الحكومة، بالسير على التوجه نفسه الذي سار فيه سلفه شكيب بنموسى، خصوصا في الشق المتعلق بتنزيل مضامين خارطة الطريق 2026/2022 التي تتضمن بين ثناياها 12 التزاما حكوميا من أجل "مدرسة عمومية ذات جودة". أولى الرهانات على العضو الجديد في حكومة عزيز أخنوش تتعلق بتسريع تنزيل مشروع "مدارس الريادة" الذي تم إعطاء انطلاقته في زمن شكيب بنموسى، إذ سيكون على الوزير الجديد الرفع من إيقاع هذا المشروع، خصوصا على مستوى السلكين التعليمييْن الإعدادي والثانوي، في أفق تعميمه بشكل كامل. "الجودة" ملفٌ آخر من المنتظر أن يكون على رأس الاهتمامات الأولى للوزير سالف الذكر، موازاة مع استمرار شرائح واسعة من المغاربة في تفضيل مدارس التعليم الخاص على نظيرتها الواقعة تحت تدبير وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خصوصا مع توالي أرقامِ مراكز دولية وتصنيفاتٍ عادة ما تضع التعليم بالمغرب في مراتب متأخرة على المستوى العالمي. الوزير التجمعي الجديد تنتظره، بعد أن حصل على ثقةِ كل الملك محمد السادس ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، مهمةٌ تبدو ثقيلة، وترتبط بحل الملفات الاجتماعية المتبقية، التي مازالت شرائحُ واسعة من الشغيلة التعليمية تتمسك بها وتهدد بإعادة إذكاء شرارة الاحتجاج بالقطاع، فضلا عن تنزيل مضامين الاتفاق الموقع من طرف الحكومة مع المركزيات النقابية بتاريخ 26 دجنبر 2023. وتطمح الشغيلة التعليمية والنقابات التربوية هي الأخرى إلى طيّ صفحة شكيب بنموسى بعد قدوم الوزير الجديد، خصوصا في ما يتعلق بمواصلة الحوار الاجتماعي بعد الاضطرابات التي شهدها القطاع لأشهر متواصلة بفعل عدم التوافق حينها مع الوزارة على مضامين "النظام الأساسي". كما سيكون المُدبّر الجديد لشؤون وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مطالبا بالتفاعل مع التوصيات الأخيرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، التي تؤكد على ضرورة الرفع من إيقاع الإصلاح بقطاع التعليم وتسريع إصدار القوانين والمراسيم والقرارات المنبثقة عن مقتضيات القانون الإطار 17.51. محمد سعد برّادة من المنتظر كذلك أن يكون مواكبا لمختلف الأوراش التي تتعلق بقطاع الرياضة الذي تتكلف وزارته بتسييره، في وقت يُدشن المغرب مرحلة جديدة في التأسيس لبنية تحتية رياضية تليق بحجم التظاهرات التي سيحتضنها خلال السنوات الأخيرة، بداية بكأس الأمم الإفريقية لسنة 2025، فضلا عن فعاليات قارية أخرى ستسبق تنظيم الحدث العالمي الأبرز "مونديال 2030′′، مع كل من إسبانيا والبرتغال. ويُنتظر من الوزير الجديد أن يعمل على إعادة النظر في مختلف الإستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالقطاع الرياضي، سواء بخصوص الألعاب الفردية أو الجماعية، خصوصا بعد الضجة التي أثارتها الحصيلة المتواضعة للرياضة الأولمبية في دورة باريس الأخير، رغم الميزانيات المهمة المرصودة لمختلف الجامعات النشيطة في هذا الصدد.