اختارت جمعيات مهتمة بمجال السلامة الطرقية تنبيه وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل، إلى خُطورة تقنين الدراجات الكهربائية (التروتينيت) من خلال المصادقة على مرسوم إدراجها ضمن مدونة السير بصيغته الحالية، بالنظر إلى خلوه من مجموعة من المقتضيات التي تضمن حماية مُستخدمي هذه الدراجات من حوادث السير، لاسيما "زجر الشركات المستوردة المتلاعبة بخصائصها التقنية، وإجبارية ارتداء مستلزمات الحماية". وبينما زادت بعض الجمعيات التي تحدثت لجريدة هسبريس الإلكترونية أن "المرسوم يشكو فراغا أيضا على مستوى تحديد السن القانونية لاستخدام هذه الدراجات الكهربائية، ما يفتح الباب أمام استخدامها بشكل شائع من قبل القاصرين، مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر عليهم، في وقت حسم المشرع الفرنسي على سبيل المثل بمنع من هم دون سن العاشرة من سياقة هذه المركبات"، رفضت أخرى كليا تقنين "التروتينيت" في السياق الحالي، "بالنظر إلى غياب ثقافة الالتزام بقواعد السير من لدن عديمي الحماية، والافتقار إلى وسائل لمراقبة سرعتها، فضلا عن أن أغلب شركات التأمين لن تتحمس لتأمين هذه الدراجات في ظل توقع تسببها في حوادث سير كثيرة". وكان وزير النقل واللوجستيك محمد عبد الجليل أفاد، في جواب كتابي له، بأنه "في اتجاه التفاعل مع ظهور وسائل نقل جديدة على الطريق العمومية تم إعداد مشروع مرسومين بتغيير وتتميم المرسومين رقم 2.10.421 بشأن المركبات ورقم 2.10.420 بشأن قواعد السير على الطرق، يوجد في قنوات المصادقة حاليا". "تحفظ لأسباب متعددة" مصطفى الحاجي، رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية، قال إن "الهيئة مُتحفظة على مرسوم تقنين 'التروتينيت'، بالنظر إلى أسباب متعددة، على رأسها عدم مُصادقة المركز الوطني للاختبارات والتصديق على هذه المركبات المستوردة، وهو سبق له رسميا أن أبدى تحفظه بخصوصه بالاستناد إلى الدراسات التي أثبتت أن التعرض لحادثة سير في حالة السياقة وقوفا يكون أكثر خُطورة بأربع مرات من حالة السياقة في وضعية جلوس". وأضاف الحاجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المرسوم لم يتضمن أي ضمانات قانونية لعدم تلاعب الشركات المستوردة بالخصائص التقنية لهذه المركبات، لاسيما سعة الأسطوانة والمحرك الكهربائي، بما يضمن عدم تجاوزها السرعة القصوى المحددة في 26 كيلومترا"، لافتا إلى "وجود تلاعبات في محركات الدراجات النارية، بحيث نجد بعضها تتجاوز 180 كيلومترا في الساعة في بعض الأحيان". وسجّل رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية "عدم تحديد المرسوم السن القانونية لسياقة هذه المركبات، ما يفتح الباب أمام استخدامها من قبل قاصرين، مع ما يثيره ذلك، إضافة إلى الخطر الجسماني عليهم، من إشكاليات في التأمين في حال تعرضهم لحوادث السير"، مُتسائلا في السياق ذاته عن "سبب عدم تفعيل رخصة السياقة من صنف AM، التي تم إقرارها بموجب تعديل مدونة السير سنة 2016، وتسمح للمترواحة أعمارهم بين 14 و18 سنة بإجراء اختبار نظري في قانون السير والسياقة". وشدد الحاجي على "وجوب تضمين المرسوم اللوازم التي يجب على مستخدمي هذه المركبات استعمالها من أجل الوقاية من حوداث السير، لاسيما الخوذة والدروع الواقية وغيرها، وكذا التنصيص على منع استعمالها خارج المجال الحضري كما فعلت العديد من الدول، على رأسها فرنسا"، لافتا إلى أن "عدم تضمن المرسوم جميع المقتضيات سالفة الذكر سيجعل التقنين بابا للزيادة في حوادث السير في صفوف فئة عديمي الحماية الذين يشكلون أصلا نصف ضحايا هذه الحوادث بالمغرب". "خطأ التقنين" إلياس سليب، رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، عدّ أن "اتجاه وزارة النقل واللوجستيك نحو تقنين الدراجات الكهربائية ينطوي على خطأ كبير، ففي ظل عدم تنصيص المرسوم المذكور على إجبارية استعمال مستلزمات الحماية، من خوذ وغيرها، يُتوقع أن تتسبب هذه الدراجات في عدد كبير من حوادث السير يوميا"، لافتا إلى أن "شركات التأمين لن تقبل تأمين 'التروتينيت' بالنظر إلى أن ترقب تسجيل هذا العدد من الحوادث يجعلها ترى نفسها خاسرة في حال قامت بتأمينها في نهاية المطاف". وأضاف سليب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الدراجات الكهربائية لا توجد ضمانات على عدم تلاعب الشركات المستوردة بمحركاتها في حال التقنين؛ ففي ظل الوضع الحالي نجد أن بعضها تتجاوز 80 كيلومترا في الساعة"، لافتا إلى أن "تحديد القانون سرعتها يبقى غير كاف، بالنظر إلى عدم توفر وسائل لمُراقبة هذه السرعة في المغرب، بخلاف الوضع في فرنسا، حيث تم تجهيز الشرطة الفرنسية بأجهزة تسمح لها بمراقبة سرُعة 'التروتينيت' على الطرقات، وإرسالها إلى المحجز في حال كانت تتعدى السرعة القانونية". وأكد المتحدث ذاته أنه "لا يمكن التقنين أيضا في ظل غياب ممرات خاصة بهذه الدراجات الكهربائية، وعدم وجود وعي كاف لدى مستخدميها بأهمية احترام قواعد السير، لاسيّما التزام أقصى اليمين"، مشددا بدوره على أن "التقنين في ظل هذه المعطيات يهدد بتسجيل حوادث سير كارثية يوميا على الطرقات".