تمركزت الابتكارات التكنولوجية والرقمية في مجال الصحة، خصوصا المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، ضمن أهم المعروضات خلال أول أيام "جايتكس غلوبال 2024" بدبي، حيث استأثرت "الروبوتات" الجراحية والتطبيقات الخاصة بالتشخيص الطبي ومعالجة البيانات الطبية الرقمية باهتمام عموم الزوار، والمختصين من الأطباء ومهنيي الصحة الراغبين في استكشاف أحدث التقنيات في مجال تخصصهم. وسجلت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية حضورها في هذا الحدث العالمي، من خلال رواق خاص استقبل عددا من الزوار والعارضين المشاركين في قمة التكنولوجيا العالمية، حيث استغل المسؤولون المغاربة الفرصة من أجل استعراض تجربة المملكة في مجال رقمنة الخدمات الصحية وتحسين ولوج المواطنين إليها، بعد أن خطت في هذا المسار خطوات كبيرة في سياق تنفيذ مخطط تأهيل منظومة الصحة الذي انطلق بناء على تعليمات ملكية. وأوضح عزيز مرابطي، مدير الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في تصريح لهسبريس على هامش فعاليات "جايتكس غلوبال"، التي ستتواصل إلى 18 أكتوبر الجاري، أن "المشاركة في هذا الحدث الدولي الأكبر في عالم التكنولوجيات الحديثة تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية من أجل تأهيل منظومة الصحة في المغرب، إذ بذلت الوزارة مجهودات في سبيل تسهيل ولوج المواطنين في المناطق البعيدة والنائية إلى الخدمات الصحية، وذلك من خلال اعتماد التطبيب عن بعد، الذي ظهرت أهميته بشكل كبير في فاجعة زلزال الحوز، حيث ساهمت الوحدات التقنية الرقمية، التي تعتبر الأولى بإفريقيا، في توفير خدمات التطبيب عن بعد خلال ظرف وجيز وبجودة عالية"، مشددا على أن المملكة استغلت هذا الحدث في تقاسم تجربتها الطويلة في هذا الشأن، الرائدة على المستوى القاري، مع الدول الأخرى المشاركة. وأضاف مرابطي أن وزارة الصحة تسعى من خلال مشاركتها في هذا الحدث العالمي إلى توسيع نطاق شراكاتها الدولية واستقطاب أفضل الممارسات التكنولوجية لدعم التحول الرقمي، ما يساهم في تحسين كفاءة وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين المغاربة، مشيرا إلى أن هذه الجهود تعكس الرؤية الملكية لتحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية، وتوفير الرعاية الصحية المتخصصة لكافة المواطنين المغاربة، سواء في المناطق الحضرية أو القروية، مبرزا أن هذه المشاركة تشكل فرصة ثمينة لتبادل الخبرات مع الفاعلين الدوليين، واستكشاف حلول تكنولوجية مبتكرة تعزز كفاءة المنظومة الصحية الوطنية. التطبيب بالذكاء الاصطناعي شكلت التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي جانبا مهما من المعروضات الجديدة في مجال الابتكار التكنولوجي الطبي بمعرض "جايتكس غلوبال"، إذ ساهمت في تعزيز القدرة على تحسين التشخيص الطبي بشكل كبير، من خلال تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة ودقة تفوق القدرات البشرية. وقد سلطت شركات، مثل "Xpanceo"، الضوء على تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، التي ظهرت من خلال عدسات لاصقة ذكية تدمج جميع التطبيقات ومراقبة الصحة وميزات الرؤية المتقدمة في واجهة واحدة للواقع الممتد. وأوضح الدكتور روبرت نيلمان، خبير في مجال التكنولوجيا الصحية ببريطانيا، محاضر مشارك في جلسات نقاش بمعرض "جايتكس غلوبال"، أن "الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الأطباء، لكنه يوفر لهم أدوات متقدمة لاتخاذ قرارات طبية أكثر استنارة، مما يقلل من نسبة الأخطاء الطبية"، مؤكدا أنه في مجال العمليات الجراحية، تقدم "الروبوتات" الجراحية نفسها كأداة ثورية، حيث تتيح هذه الأجهزة للجراحين إجراء عمليات دقيقة ومعقدة دون الحاجة إلى التدخل الجسدي المباشر، مشددا على أن هذه "الروبوتات" لا تزيد من دقة العمليات الجراحية فحسب، بل تقلل أيضا من مضاعفات ما بعد الجراحة. يشار إلى أن مشاركة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في "جايتكس دبي 2024"، تمثل فرصة حيوية لتبادل الخبرات واستكشاف التقنيات الحديثة التي من شأنها تعزيز قدرات النظام الصحي بالمملكة، وضمان استعداده للتحديات المستقبلية، إذ تسعى الوزارة من خلال هذه المشاركة إلى بناء منظومة صحية رقمية تضمن تقديم خدمات صحية عالية الجودة لجميع المواطنين بشكل عادل، مع تعزيز قدرتها على الاستجابة للأزمات الصحية الطارئة، وضمان استدامة الخدمات الصحية.