انطلقت مساء الأربعاء بمداغ في إقليمبركان، الدورة التاسعة عشرة من الملتقى العالمي للتصوف، الذي تنظمه، تحت رعاية الملك محمد السادس، الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها ومؤسسة الملتقى، بشراكة مع المركز الأورو-متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، وذلك بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. عرف حفل افتتاح هذه الدورة التي اختير لها شعار "التصوف ومآل القيم في زمن الذكاء الاصطناعي"، حضور علماء ومفكرين وباحثين من مختلف القارات، سيتدارسون، وفق الجهة المنظمة، مواضيع "الهوية الدينية والثقافية للمسلم والعلوم الإسلامية والتصوف ومدى استفادتها من الرقمنة والذكاء الاصطناعي". يهدف هذا الملتقى إلى تسليط الضوء على "التأثيرات الكبيرة لهذه التقنيات الحديثة على حياة الإنسان، وما تشكله من تحديات فيما يتعلق بالحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للمجتمعات والشعوب والبحث عن السبل الناجعة للاستفادة من تطور التكنولوجيا الحديثة على الرغم من افتقارها إلى الفهم العاطفي والذكاء الروحي". وسيحاول المشاركون في هذه التظاهرة العلمية، في الفترة ما بين 11 و16 شتنبر الجاري، "إيجاد حلول تضمن استفادة البشرية من هذه التقنيات دون فقدانها لإنسانيتها، ومدارسة سبل تخليقها، والبحث عن السبل الكفيلة بالإجابة عن مختلف التساؤلات الجوهرية المرتبطة بمآل القيم والخروج بمشاريع قابلة للإنجاز والتنفيذ بما يخدم مصلحة البشرية ومستقبلها". كما سيتناول الباحثون محاور عدة تهم "القيم الروحية والأخلاقية والتربية الصوفية والتنشئة على القيم والتراث الصوفي ومستجد الأدب الصوفي التربوي وجمالياته في ظل الذكاء الاصطناعي، ثم كفايات التصوف في تخليق الذكاء الاصطناعي وتحصين القيم". في هذا السياق، قال منير القادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى، إن اختيار شعار هذه الدورة "ليس اعتباطيا"، مشيراً إلى أنه "في ظل هذه التحولات التكنولوجية، يساهم التصوف كركيزة أساسية تهتم بالأخلاق وتزكية النفس في توجيه حسن استخدامنا للذكاء الاصطناعي، حتى لا يفتقد هذا الإنسان لهويته وقيمه". وأضاف بودشيش ضمن تصريح لهسبريس: "إننا مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى للعودة إلى قيمنا الروحية والأخلاقية، ولنتأكد من أن التكنولوجيا، مهما كانت متقدمة، تظل وسيلة لتحقيق الخير والعدالة والرحمة في هذا العالم". وأشار إلى أنه في عصر الذكاء الاصطناعي "حيث تؤثر التكنولوجيا على جوانب كثيرة من حياتنا، تصبح القيم الروحية الأخلاقية للتصوف أكثر أهمية"، مشدّداً على أن الذكاء الاصطناعي، بالرغم من قدراته الهائلة، لا يمكن أن يعوض القيم الإنسانية والروحية التي تحكم أفعالنا ونوايانا". وفضلا عن الجلسات العلمية، يتضمّن برنامج هذه الدورة من الملتقى مجموعة من الأنشطة الموازية، من بينها معرض للكتاب، ومنتدى شباب الطريقة، ومسابقة في حفظ وتجويد القرآن والنصين الشعري والصوفي، والدورة الثانية عشرة من القرية التضامنية، ويوم تكويني خاص بالمقاولات الناشئة في ميدان التكنولوجيا والتنمية المستدامة، وورش حول موضوعات استراتيجيات التمويل، نموذج الأعمال، التصميم التفكيري وتقنيات التسويق، فضلا عن مسابقة لتتويج أحسن ثلاث شركات ناشئة من الجهة الشرقية بحضور مجموعة من الشخصيات الفاعلة في ميدان ريادة الأعمال.