حثّت مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، الأحد، الرئيس إيمانويل ماكرون على إجراء استفتاء على قضايا رئيسية مثل الهجرة والأمن، مشيرة إلى أن سماع رأي الفرنسيين بشأن هذه المسائل قد يساعد في الخروج من المأزق السياسي. وعيّن ماكرون، الخميس، ميشال بارنييه (73 عاما) رئيسا للوزراء، سعيا إلى المضي قدما بعد الانتخابات المبكرة التي جرت في يوليوز وأسفرت نتائجها عن جمعية وطنية منقسمة تفتقر إلى أغلبية مطلقة. لكن المحللين يقولون إن البلاد مقبلة على فترة من عدم الاستقرار، إذ يُنظر إلى بارنييه المنتمي إلى يمين الوسط على أنه ضعيف سياسيا ويعتمد على دعم "التجمع الوطني" الذي تتزعمه لوبن والمناهض للاتحاد الأوروبي وللهجرة. ويواجه رئيس الوزراء الجديد رفضا من "الجبهة الشعبية الجديدة"، صاحبة أكبر كتلة في الجمعية الوطنية، رغم افتقارها إلى أغلبية مطلقة. وتظاهر أكثر من 100 ألف من أنصار الجبهة اليسارية، السبت، في مختلف أنحاء فرنسا للاحتجاج على تعيين بارنييه والتنديد ب"استيلاء ماكرون على السلطة". "سلطة القرار" وحثّت مارين لوبن، الأحد، ماكرون على إجراء استفتاء بشأن قضايا رئيسية مثل الهجرة والرعاية الصحية والأمن، لسماع رأي الفرنسيين في هذه المسائل. وقالت أثناء زيارة إلى منطقة هينان-بومون (شمال)، وهي من معاقل اليمين المتطرف، إن حزبها "سيدعم دون تحفظ أي نهج يهدف إلى منح الناس سلطة القرار المباشر". وأضافت أن "إيمانويل ماكرون نفسه، رغم الفوضى التي خلقها، لديه أدوات للحفاظ على ديموقراطيتنا حيّة". وأشارت لوبن إلى أنها ستراقب من كثب كل تحركات بارنييه، الذي تولى سابقا حقيبة الخارجية وكان كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي خلال مفاوضات مغادرة بريطانيا للتكتل (بريكست). وحذّرت من أنه "إذا تم نسيان الفرنسيين أو إساءة معاملتهم مجددا خلال الأسابيع المقبلة، فلن نتردد في حجب الثقة عن الحكومة". خلال حديثها للصحافيين، قالت لوبن (56 عاما) إنها تتوقع أن تجري فرنسا انتخابات تشريعية جديدة "خلال عام". واعتبرت أن "ذلك أمر جيد؛ لأنني أعتقد أن فرنسا بحاجة إلى أغلبية واضحة". من الجدير بالذكر أن "التجمع الوطني" حُرم من الحصول على الأغلبية المطلقة وتشكيل حكومة، بعد أن انسحب نحو 200 مرشح من أحزاب مختلفة في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة في يوليوز لتوحيد الأصوات ضده. وقد ندد التشكيل اليميني المتطرف بالخطوة. وتعهّد اليسار الإطاحة ببارنييه، من خلال اقتراح حجب الثقة. واقترحت "الجبهة الشعبية الجديدة" تعيين لوسي كاستيه، الخبيرة الاقتصادية البالغة 37 عاما، رئيسة للوزراء؛ لكن ماكرون رفض هذه الفكرة بذريعة أنها لن تنجو في حال إجراء تصويت على حجب الثقة. كفء ومحبوب أجرى ميشال بارنييه، الذي يعكف على تشكيل حكومته، مشاورات مع بعض الفاعلين السياسيين الرئيسيين في البلاد، خلال نهاية الأسبوع. والتقى، الأحد، مع إدوار فيليب، رئيس الوزراء السابق، الذي قال إنه سيسعى إلى خلافة ماكرون عام 2027، ومع الوسطي المخضرم فرنسوا بايرو. وأظهر استطلاع للرأي، نشرت نتائجه الأحد، أن الفرنسيين راضون إلى حد كبير عن اختيار ماكرون لرئيس الوزراء؛ لكنهم يعتقدون أن بارنييه لن يستمر طويلا في منصبه الجديد. و52 في المائة ممن الفرنسيين راضون عن تعيينه، حسب الاستطلاع الذي أجراه معهد إيفوب لصالح صحيفة "جورنال دو ديمانش". بالمقارنة، كان 53 في المائة من الفرنسيين قد أعربوا عن رضاهم عند تعيين سلفه غابريال أتال في بداية يناير، ليصبح أصغر رئيس وزراء في تاريخ فرنسا في سن 34 عاما. وحسب الاستطلاع، يرى أغلبية المشاركين أن بارنييه، رئيس الوزراء الأكبر سنا في تاريخ فرنسا الحديثة، كفء (62 في المائة)، ومنفتح على الحوار (61 في المائة)، ومحبوب (60 في المائة)؛ لكن 74 في المائة من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أنه لن يستمر طويلا في منصبه. وأجرى معهد إيفوب الاستطلاع عبر الإنترنيت في الفترة من الخامس إلى السادس من شتنبر الجاري، وشمل 950 شخصا بالغا مع هامش خطأ قدره 3,1 نقطة مئوية.