قاد الملك محمد السادس، منذ توليه العرش في يوليوز 1999 وعلى مدى 25 سنة، تحولات عميقة في الاقتصاد المغربي، تمثلت في مجموعة من البرامج والاستراتيجيات والمشاريع الإصلاحية التي أثمرت إنجازات مهمة، حظيت باعتراف إقليمي ونقلت المغرب إلى مصاف الدول الأكثر تقدما على المستويين القاري والعربي ورسخت أيضا مكانة المملكة كجسر محوري للارتباط الاقتصادي والاستثمار يبين أوروبا وإفريقيا؛ وهو العامل الذي رجح كفة ملف الترشح الثلاثي لاستضافة كأس العالم لكرة القدم "مونديال 2030" بين المغرب وإسبانيا والبرتغال أخيرا. وشرع المغرب، منذ أزيد من عقدين، في تنفيذ إصلاحات هيكلية لتحرير الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال؛ ما أسفر عن تحسين تصنيفه في ممارسة الأعمال، حيث احتل المرتبة ال53 من بين 190 دولة في 2020، وهو تقدم كبير مقارنة مع 2009 (المرتبة ال128). وقفزت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 2.1 مليار دولار في 1999 إلى 3.6 مليارات دولار في 2019، مستفيدة من مجهودات موازية على مستوى إصلاح الإدارة وتعميم اللامركزية، من خلال إرساء سياسة الجهوية المتقدمة، من خلال إحداث 12 جهة إدارية جديدة بصلاحيات موسعة لتدبير لشؤون المحلية، مع زيادة المخصصات المالية للجهات؛ ما حفز الاستثمارات الداخلية. وأكسبت البرامج والاستراتيجيات الإصلاحية التي أطلقت مع بداية الألفية الجديدة المغرب تجربة مهمة على مستوى التدبير العمومي، في التعامل مع التحولات الداخلية والإقليمية والدولية، خصوصا الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، وتفشي جائحة كورنا في سنة 2020، حيث جرى إطلاق النموذج التنموي الجديد بمبادرة ملكية في سنة 2021 بهدف تحقيق نمو شامل ومستدام وأكثر مقاومة للصدمات وموجه نحو تحسين جودة الحياة لجميع المغاربة، وتحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي بنسبة 6 في المائة، وتخفيض نسبة الفقر، من خلال مجموعة من المشاريع والبرامج في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والتكنولوجيا والابتكار. إصلاحات هيكلية لرفع مناعة الاقتصاد الوطني أشرف الملك محمد السادس على تنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة بهدف تحرير الاقتصاد، وتعزيز النمو، وجذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال تدابير عملية لتحسين مناخ الأعمال؛ بما في ذلك تبسيط الإجراءات الإدارية وتعزيز الشفافية والحكامة، تم تنفيذ سياسة الجهوية المتقدمة لتعزيز التنمية الاقتصادية المتوازنة بين مختلف مناطق المملكة. وهكذا، استثمر المغرب بكثافة في البنية التحتية للنقل؛ بما في ذلك بناء الطريق السريع الذي يربط طنجةبأكادير، وتحديث الموانئ، مثل ميناء طنجة المتوسط، الذي يعد من أكبر الموانئ في إفريقيا، وتطوير شبكة السكك الحديدية، بما في ذلك أول خط للقطار فائق السرعة في إفريقيا "تي جي في"، الذي يربط طنجة بالدار البيضاء. محمد جدري، خبير اقتصادي ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي، أن أكد أول أمر يجب التأكيد عليه عند تتبع التحولات التي شهدها الاقتصاد الوطني، منذ تولي الملك محمد السادس العرش سنة 1999 إلى غاية 2024، هو تضاعف الناتج الداخلي الخام للمغرب من 50 مليار دولار إلى أزيد من 140 مليار دولار. وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذا الإنجاز لم يكن ليتأتى إلا عن طريق تنويع الاقتصاد الوطني، الذي كان يعتمد بشكل رئيسي على الفوسفاط الخام والفلاحة والسياحة والصناعة التقليدية بدرجة أقل، قبل أن يتغير الوضع اليوم، حيث أصبحت المملكة تتوفر على قطاعات صناعية مميزة وواعدة؛ على رأسها الصناعات الاستخراجية. وسجل جدري: "انتقلنا من تصدير الفوسفاط الخام بدون أية قيمة مضافة إلى تصدير الأسمدة والبذور ذات القيمة المضافة العالية، ليقفز رقم معاملات المجمع الشريف للفوسفاط إلى 120 مليار درهم، أي حوالي 12 مليار درهم، في سنة 2022، بعلاقة مع توجه هذه المؤسسة في التركيز على البذور الخضراء والأمونياك الأخضر؛ ما سيؤهل المغرب إلى لعب دور كبير في الأمن الغذائي مستقبلا". وأضاف المتحدث ذاته أن "القطاع الثاني موضوع تحولات مهمة هو صناعة السيارات؛ ذلك أن المغرب أصبح يحوز بنية صناعية حقيقية للسيارات بنسبة توطين محلية تجاوزت 64 في المائة، في أفق بلوغ 80 في المائة خلال القادم من السنوات. أما على مستوى التنافسية، فالمملكة تحتل المركز الثالث بعد الصين والهند، وتصدر اليوم حوالي 700 ألف سيارة برقم معاملات يتجاوز 120 مليار درهم، في أفق بلوغ 200 مليار درهم، من خلال تصدير مليوني سيارة في مقبل السنوات، بما في ذلك السيارات الحرارية والكهربائية". وفي هذا الصدد، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن مناطق المملكة تحتضن أزيد من 250 مصنعا موزعا بين طنجة ومكناس والقنيطرة وسلا والدار البيضاء وبوالقنادل؛ ما يكشف عن تشغيل أكثر من 250 ألف شابة وشاب في هذا القطاع، الذي يدر مبالغ مهمة من العملة الصعبة ويجذب عددا كبيرا من المستمرين الأجانب، آخرهم الصينيون الذين سينشطون في صناعة البطاريات الكهربائية، حيث يتوفر المغرب على إمكانيات كبيرة وواعدة في هذه الصناعة. وبخصوص صناعة الطائرات، قال جدري، في تصريح لهسبريس، إنه "ليست هناك طائرة تحلق في العالم اليوم إلا وبها قطعة غيار مصنعة في المغرب"، موضحا أن نسبة التوطين في هذا القطاع وصلت إلى 40 في المائة، وجار تطويرها، ويشغل 40 ألف شابة وشاب، فيما وصل رقم معاملاته إلى 45 مليار درهم، مع توقعات بزيادته خلال السنوات المقبلة، بعلاقة مع توقيع اتفاقيات مع مجموعة من الشركات الكبرى في مجال الطيران. ونبه المصرح لهسبريس إلى أن قطاع السياحة شهد، من جهته، تطورا مهما؛ ذلك أن المغرب كان يستقبل، خلال فترة التسعينيات، بين 3 و4 ملايين سائح سنويا، قبل أن يقفز العدد إلى 15 مليون سائح اليوم، مع توقعات ببلوغ 26 مليون سائح في أفق 2030. وأفاد جدري إلى أن قطاع السياحة يشغل عددا مهما من اليد العاملة بشكل مباشر وغير مباشر، ويدر مداخيل مهمة من العملة الصعبة، حيث تتراوح بين 110 مليارات درهم و115 مليار درهم أي حوالي 11 مليار دولار. ولم يغفل الخبير الاقتصادي قطاع النسيج والألبسة والجلد وقطاع الصناعات الغذائية. كما أن صادرات القطاع الفلاحي أصبحت تتراوح بين 80 مليار درهم و90 مليارا، بفضل مخططات استراتيجية استثمارية؛ مثل مخطط "المغرب الأخضر" و"الجيل الأخضر". وأتاح تنويع الاقتصاد الوطني، حسب المتحدث ذاته، إمكانية تحقيق مجموعة من المكاسب وزيادة خلق الثروة ومناصب الشغل؛ فيما يتوقع مضاعفة الناتج الداخلي الخام من خلال رؤية 2035 والنموذج التنموي الجديد الذي يشرف عليه الملك محمد السادس إلى 260 مليار دولار خلال العشر سنوات المقبلة. مزور: طموحات الملك غير محدودة بالنسبة إلى المغرب طوّر المغرب، خلال السنوات الماضية، استراتيجيات صناعية قطاعية مهمة؛ بما في ذلك مخطط التسريع الصناعي 2014-2020، الذي هدف إلى زيادة نسبة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل، حيث تم إنشاء مناطق صناعية، فيما شهدت قطاعات مثل السيارات والطيران نموا سريعا، بينما استثمرت المملكة بالموازاة مع ذلك في البنية التحتية للنقل، بما في ذلك بناء الطريق السريع الذي يربط طنجةبأكادير، وتحديث الموانئ، مثل ميناء طنجة المتوسط الذي يعد من أكبر الموانئ في إفريقيا، وتطوير شبكة السكك الحديدية بما في ذلك أول خط للقطار فائق السرعة في إفريقيا، يربط طنجة بالدار البيضاء. وأوضح رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أن أهم تحول سجل خلال ال25 سنة الماضية هو تغيير الاقتصاد الوطني لهيكلته كليا، حيث انتقل الاقتصاد من نمو مبني على الاستهلاك الداخلي إلى نمو قائم على التصدير، حيث انتقل رقم معاملات القطاع الصناعي من 200 مليار درهم في 2002 إلى 800 مليار درهم في 2022، أي تضاعف أربع مرات خلال الفترة المذكورة، وهو تطور يرتكز على رؤية شمولية مبنية على الانفتاح الذي يتيح للمستثمر الوافد على المغرب إمكانية الولوج إلى الأسواق العالمية بدون حواجز جمركية، من خلال اتفاقيات تبادل حر مع أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية والدول العربية والدول الإفريقية. وأكد مزور، في تصريح لهسبريس، أن هذا الأمر كان غير كاف؛ ما حفز الملك محمد السادس على تنزيل أوراش لتطوير بنية تحتية ذات جدودة عالمية، ابتداء من ميناء طنجة المتوسط إلى الطرق لسيارة ومينائي الناظور والداخلية، وهي بوابات المغرب التي توفر ولوجية بتنافسية عالمية، قبل الانتقال إلى تقوية القدرات البشرية والإشراف المباشر في القطاع الصناعي على التكوين المهني، من أجل توفير الكفاءات المهنية القادرة على الاشتغال في هذه المصانع. وقال المسؤول الحكومي عينه، في السياق ذاته، إن "طموحات الملك غير محدودة بالنسبة إلى المغرب"، مؤكدا أن استقطاب المستثمرين العالميين فرض توفير مناطق صناعية ذات جودة عالمية، تحتوي على جل الخدمات الضرورية، مع مناخ أعمال مناسب لاحتياجات وتطلعات هؤلاء المستثمرين، قبل الانتقال إلى اختيارات دعم الاستثمارات ومواكبتها، من خلال التركيز على قطاعات صناعية عالمية ومتابعة تطورها؛ الأمر الذي ظهر في تحول قطاعات غير مصدرة خلال ال25 سنة الماضية إلى أولى القطاعات على مستوى التصدير، مثل قطاع صناعة السيارات وقطاعات ذات تقنية عالية، والتي أصبحت تصدر منتوجات إلى الخارج بدورها، على غرار صناعات الطيران والإلكترونيات، بالإضافة إلى استرجاع قوة قطاعات تقليدية، مثل النسيج والصناعة الغذائية. وشدد وزير الصناعة والتجارة على أن المملكة برهنت على قدراتها في الأسواق العالمية، خصوصا الأسواق الأوروبية، منبها أيضا إلى أن المبادرة الملكية لفتح البوابة الأطلسية عبر ميناء الداخلة ستدشن لمرحلة أخرى من انفتاح الاقتصاد الوطني واقتصادات دول الساحل بشكل خاص. حداد: تطور السياحة المغربية نتاج تراكمات إصلاحية عديدة راهن المغرب على استراتيجيات قطاعية، مثل "المخطط الأزرق"، من أجل تطوير البنية التحتية السياحية وجذب المزيد من السياح الدوليين؛ وذلك من خلال إطلاق محطات سياحية، مثل أكادير والسعيدية، ليصبح المغرب وجهة سياحية رئيسية في إفريقيا. واستثمرت المملكة، أيضا، في الحفاظ على تراثها الثقافي الغني والترويج له، من خلال ترميم المواقع التاريخية وتنظيم المهرجانات الثقافية الدولية؛ ما ساهم في جاذبية البلاد السياحية. لحسن حداد، وزير السياحة السابق ورئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أكد أن "تطور السياحة المغربية نتاج تراكمات إصلاحية عديدة". وأوضح حداد أن المغرب أصبح، خلال العقدين الماضيين، بفضل توجيهات الملك محمد السادس، وجهة سياحية مفضلة، حيث ساهمت استراتيجيات رؤية 2010 ورؤية 2020 في تنويع العرض السياحي؛ من خلال تطوير محطات ساحلية جديدة، وتعزيز الثروات الثقافية والتاريخية للبلاد. كما أدى تحديث البنية التحتية، بما في ذلك المطارات والفنادق، والترويج للسياحة المتخصصة إلى زيادة كبيرة في عدد الزوار، لتصبح السياحة الآن ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني؛ ما ساهم بشكل كبير في الناتج الداخلي الإجمالي والتشغيل. وأضاف وزير السياحة السابق أن الاقتصاد المغربي شهد، تحت حكم الملك محمد السادس، تحولات عميقة؛ فقد جرى تنفيذ سياسات طموحة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز النمو الاقتصادي. وفي هذا الصدد، أكد المتحدث ذاته أن إحداث نظام التعريف الضريبي الموحد للمقاولة (ICE) في 2011 ساهم في تبسيط الإجراءات الإدارية للشركات؛ ما خلق مناخا أكثر دينامية للأعمال. كما أشار إلى أهمية إطلاق مخطط المغرب الأخضر خلال 2008 في تحديث القطاع الفلاحي؛ الأمر الذي زاد من الإنتاج، وعزز مكانة المغرب كفاعل رئيسي في الزراعة العالمية. كما مكن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) الصادر في 2014 من تعبئة الموارد الخاصة لتمويل البنية التحتية العامة؛ الأمر الذي حفز الابتكار والتنمية في المملكة. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، شدد رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في تصريح لهسبريس، على أن المغرب حقّق تقدما ملحوظا، حيث تم تدشين أول خط فائق السرعة في إفريقيا خلال سنة 2018، إضافة إلى توسيع الطرق السريعة والموانئ؛ ما حسن بشكل كبير من الربط داخل المملكة وشجع على التجارة. ولفت حداد إلى أن المغرب أطلق، في سنة 2005، تحت قيادة الملك محمد السادس، مخطط الإقلاع الصناعي؛ وهي استراتيجية طموحة استهدفت تحويل وتنوع الاقتصاد الذي كان يركز حتى ذلك الحين على الفلاحة والصناعات التقليدية. فيما أسس هذا المخطط قاعدة للتصنيع الحديث، مع التركيز على قطاعات استراتيجية، مثل السيارات والطيران والإلكترونيات، وكذا النسيج والصناعات الغذائية. وأضاف أن شركات دولية مرموقة مثل "رونو- نسيان" و"بوجو- ستروين" استثمرت في المملكة؛ ما حفز الإنتاج المحلي، وأوجد آلاف مناصب الشغل، وعزز قدرات التصدير. ونبه الخبير لدى مجموعة من المؤسسات الدولية إلى أهمية إطلاق مخطط التسريع الصناعي في 2014، لغاية تعزيز المكتسبات وتكثيف التصنيع، مستهدفا قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، حيث ركز المخطط على تحسين تنافسية الشركات ودمج سلاسل القيمة وتطوير مناطق صناعية جديدة متكامل. وشدد على أن المخطط المذكور شكل مبادرة رائدة، تمثل في تعزيز النظم الصناعية البيئية؛ ما شجع التعاون بين الشركات الكبرى والصغيرة والمتوسطة والمراكز البحثية، مؤكدا أن المغرب أصبح بفضل هذه المبادرات منصة صناعية تنافسية، خاصة في قطاعات السيارات والطيران؛ ذلك أن مجمع طنجة المتوسط الصناعي أصبح مركزا لوجستيا رئيسيا في إفريقيا بفضل التنويع الاقتصادي وتحسين البنية التحتية والالتزام بالمعايير الدولية للجودة، لتبرز المملكة اليوم كفاعل رئيسي في الصناعة الإفريقية والعالمية. جازولي: رهان ملكي على الطاقات المتجددة والاستثمار الخاص التزم المغرب بقيادة الملك محمد السادس بانتقال طاقي طموح، من خلال إطلاق مشاريع كبرى في مجال الطاقة المتجددة، حيث تعد محطة الطاقة الشمسية "نور" في ورزازات من كبريات المحطات في العالم؛ فيما يسعى المغرب إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في المزيج الطاقي إلى 52 في المائة بحلول 2030، من خلال إنشاء العديد من محطات الرياح الكبيرة، منها مزرعة الرياح في طرفاية بقدرة 300 ميغاواط، وهي من كبريات مزارع الرياح في إفريقيا، في سياق استهداف البرنامج الوطني للطاقة الريحية إنتاج 2000 ميغاواط من الطاقة بحلول 2020، موازاة مع الاستثمار في بناء وتحديث السدود لزيادة إنتاج الطاقة الكهرومائية، ما ساهم في تعزيز القدرات المائية للمملكة، والاستفادة منها في توليد الكهرباء. وتم تحديث وتوسيع الشبكة الكهربائية لضمان توزيع الطاقة المتجددة بكفاءة في جميع أنحاء المملكة، فيما ساهمت المشاريع الطاقية في خلق فرص عمل محلية وتطوير المناطق القروية، حيث استفاد المغرب من دعم مالي وتقني من العديد من الجهات الدولية؛ مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي لتطوير هذه المشاريع، إلى جانب شراكات مع دول ومنظمات دولية لتبادل الخبرات والتكنولوجيا في مجال "الطاقة المتجددة" بمختلف أنواعها. وقال محسن جازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، إنه "خلال العقدين الماضيين، بفضل قيادة الملك محمد السادس، أصبح المغرب يتوفر على بنية تحتية بمواصفات عالمية، مكنته من تطوير قطاعات اقتصادية مهمة كصناعة السيارات والطائرات وغيرها. كما انخرط في إصلاحات هيكلية كبرى، لتحرير كل الطاقات والإمكانات الوطنية، وجعل المملكة المغربية أرضا مفضلة للاستثمارات الوطنية والأجنبية"، مشيرا إلى أن الملك محمدا السادس راهن في سنة 2022 على الاستثمار الخاص المنتج واعتبره رافعة أساسية للاقتصاد الوطني لتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة، من خلال قدرته على توفير فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية. وأكد جازولي، في تصريح لهسبريس، أن الملك حدد الخطوط العريضة للسياسة الوطنية المتعلقة بالاستثمار الخاص، والمتمثلة في تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمار وخلق 500 ألف منصب شغل بين 2022 و2026، بالإضافة إلى اعتماد ميثاق جديد للاستثمار، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وتحسين مناخ الأعمال. وشدد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية على أنه من أجل تفعيل هذه التعليمات السامية انخرطت الحكومة في تنزيل أهداف الاستثمار الخاص، باعتماد مقاربة التقائية بين كل الفاعلين، لتحديد أهداف جهوية وقطاعية، والشروع في تطوير مرصد وطني للاستثمار لتتبع تحقيق هذه الأهداف، موازاة مع اعتماد الميثاق الجديد للاستثمار في ظرف شهرين بعد الخطاب الملكي السامي. وأوضح المسؤول الحكومي بالقول إنه "إلى حد الآن، تم تفعيل نظامين لدعم الاستثمار، وبدأنا لمس نتائج هذا الدعم على أرض الواقع. والحمد لله، خلال سنة، تمكنا من مضاعفة قيمة الاستثمار بخمس مرات ومضاعفة مناصب الشغل التي سيتم إحداثها بسبع مرات". وأضاف المتحدث ذاته أنه لتسهيل عملية الاستثمار في مارس 2023، تم إطلاق خارطة طريق استراتيجية لتحسين مناخ الأعمال في أفق 2026، معتبرا أنه بالإضافة إلى خلق مناصب الشغل، فالعدالة المجالية في توزيع الاستثمار تمركزت كأحد أهم أهداف السياسة العمومية المتعلقة بالاستثمار الخاص. وفي هذا السياق، أشار محسن جازولي إلى أن المغرب أصبح، بفضل تحفيزات الميثاق الجديد للاستثمار، يتوفر على مشاريع استثمارية في جميع الجهات وفي أقاليم كانت تحتاج إلى مثل هذه المشاريع، مثل ميدلت ووزان وخريبكة، وكذا ڭرسيف وجرادة وتارودانت، وغيرها. وشدد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية على أن الحكومة تواصل تعزيز جاذبية المجالات الترابية للاستثمار؛ من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتكوين الموارد البشرية، ومواكبة المستثمرين، بهدف جعل العمالات والأقاليم محركا للتنمية في المملكة.