تولى الإصلاحي مسعود بزشكيان رسميا، اليوم الأحد، الرئاسة في إيران، خلال مراسم تنصيبه من قبل آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الفارسية، بعد فوزه بانتخابات مبكرة أعقبت وفاة المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي. وبزشكيان هو أول المحسوبين على التيار الإصلاحي يتولى رئاسة الجمهورية في إيران منذ نهاية عهد محمد خاتمي في العام 2005، علما بأن الكلمة الفصل في السياسات العليا للدولة تبقى في يد المرشد الأعلى؛ وهو منصب يتولاه خامنئي منذ نحو 35 عاما. وخلال مراسم بثها التلفزيون الرسمي، تلا مدير مكتب المرشد "نص حكم الإمام الخامنئي في تنفيذ رئاسة الجمهورية للدكتور مسعود بزشكيان". وجاء فيه: "تكريسا لإرادة الشعب العظيم، أنفذ أصواتهم في اختيار الشخصية الحكيمة، الصادقة، الشعبية والعالمة... وأقلده منصب رئاسة جمهورية إيران الإسلامية". ورأى أن "الدورة الرابعة عشرة لانتخابات رئاسة الجمهورية، بعد الدورة غير المكتملة لرئيس الجمهورية الفقيد الشهيد (رئيسي)، إحدى مفاخر الشعب الإيراني، ودليل على استقرار نظام إسلامي راسخ، ومؤشر على عقلانية الأجواء السياسية في البلاد ورصانتها". وبزشكيان هو الرئيس التاسع للجمهورية منذ تأسيسها، بعد "الثورة الإسلامية" عام 1979، وأقيمت مراسم تنصيبه في حسينية الإمام الخميني في طهران بحضور مسؤولين إيرانيين ودبلوماسيين أجانب، على أن يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) الثلاثاء قبل تشكيل حكومته وطرح أسماء وزرائها لنيل الثقة. ويبدأ بزشكيان ولاية من أربعة أعوام بعدما تفوّق في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في الخامس من يوليوز الجاري، على المحافظ المتشدد سعيد جليلي. وكانت الانتخابات مقررة في العام 2025؛ إلا أنها أجريت بشكل مبكر هذه السنة بعد وفاة المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، في تحطم مروحية بشمال غرب إيران في ماي الماضي. وحصل بزشكيان (69 عاما) على أكثر من 16 مليون صوت، أي ما نسبته نحو 54 في المائة من إجمالي عدد المقترعين الذي ناهز الثلاثين مليونا. وبلغت نسبة المشاركة في الدورة الثانية 49,8 في المائة، في حين أن المشاركة كانت بحدود 40 في المائة في الدورة الأولى، وهي الأدنى في تاريخ الانتخابات الرئاسية في إيران. وكان بزشكيان الإصلاحي الوحيد الذي منحه مجلس صيانة الدستور الأهلية لخوض الانتخابات الرئاسية، وتنافس مع خمسة من المحسوبين على التيار المحافظ أبرزهم جليلي ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف. ولا يتمتع رئيس الجمهورية في إيران بصلاحيات مطلقة؛ لكنه يرأس المجلس الأعلى للأمن القومي، والسلطة التنفيذية (لا منصب لرئيس الوزراء في البلاد)، وهي إحدى السلطات الثلاث إلى جانب التشريعية والقضائية. ويؤدي دورا أساسيا في توجيه الحكومة وسياساتها الخارجية والداخلية؛ غير أن رأس الدولة وصاحب الكلمة الفصل في سياساتها العليا هو المرشد الأعلى. رفض "الضغوط" شكر بزشكيان، خلال مراسم التنصيب، خامنئي والشعب الإيراني على الثقة التي أولاه إياها، متعهدا تحمل "العبء الثقيل" المرتبط بمنصبه الجديد. وأتت الانتخابات الرئاسية في مرحلة حساسة من التحديات الداخلية والخارجية، بينما تعهد بزشكيان، خلال حملته الانتخابية، بالسعي إلى إحياء الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عن طهران لقاء تقييد أنشطتها النووية. وانسحبت الولاياتالمتحدة أحاديا من الاتفاق في 2018 معيدة فرض العقوبات القاسية، خصوصا على صادرات النفط. وأبدى بزشكيان، في رسالة نشرتها صحيفة محلية صادرة بالإنجليزية في وقت سابق من يوليوز الجاري، استعداده للدخول في "حوار بناء" مع الدول الأوروبية على الرغم من "تراجعها عن التزاماتها"، لتخفيف تأثير العقوبات الأمريكية. وعرض بزشكيان في الرسالة الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، وشدد على "ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرة واحدة وإلى الأبد، أن إيران لا ولن ترضخ للضغوط". وفي عهد رئيسي، سعت إيران إلى تحسين علاقاتها مع الصين وروسيا وترميم علاقاتها مع الجيران الإقليميين، على رأسهم السعودية، لتجنب تعميق العزلة. وبزشكيان هو جراح قلب يتولى تمثيل تبريز، كبرى مدن شمال غرب إيران، في مجلس الشورى منذ 2008. وشغل منصب وزير الصحة في عهد خاتمي.