من منصة الغرفة الثانية التي تضم في تشكيلتها تمثيليات أبرز المركزيات النقابية المغربية بسَط رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمام المستشارين "خلاصات" جولات الحوار الاجتماعي التي دشنتها حكومته مع النقابات، مورداً أن الحكومة "نجحت في عقد اتفاقات اجتماعية غير مسبوقة في تاريخ الحكومات المغربية". أخنوش، الذي كان يتحدث بعد زوال اليوم الثلاثاء خلال الجلسة العامة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة وتقديم أجوبته (وفق الفصل 100 من دستور المملكة)، والمخصصة لموضوع "الحوار الاجتماعي آلية للنهوض بأوضاع الشغيلة ورافعة لتحسين أداء الاقتصاد الوطني"، أبرز أن ذلك النجاح جاء "لِما تضمّنته الاتفاقات من التزامات واضحة هدفها الرئيسي تحسين الدخل في القطاعيْن العام والخاص، وتعزيز الحماية الاجتماعية لفائدة الطبقة العاملة، وحمايتها من كل التقلبات الظرفية والطارئة". "خلاصات ملموسة" المسؤول السياسي نفسه جدد التذكير، في معرض كلمته، بأن الجولة الأخيرة من الحوار الاجتماعي (أبريل 2024) أفضت إلى الاتفاق على مجموعة من النقاط التي همّت بالأساس "الزيادة العامة في الأجور في القطاع العام بقيمة 1000 درهم صافية على مرحلتين بالنسبة للفئات التي لم تستفد بعد من أي زيادة، وتخفيض الضريبة على الدخل IR بالنسبة لجميع الموظفين والأجراء التي ستصل إلى 400 درهم بالنسبة للفئات متوسطة الدخل"؛ كما لم ينسَ ذِكر "الرفع من SMIG بنسبة 10% جديدة خلال هذه الجولة، وكذا الرفع من SMAG الفلاحي بنسبة 10% جديدة خلال هذه الجولة كذلك". ولم يفت أخنوش التنويه ب"الحصيلة الإيجابية للحكومة مع شركائها الاجتماعيين والاقتصاديين، الواردة في اتفاق 30 أبريل 2022 (أول جولة حوار اجتماعي منذ تنصيبها) التي همّت -حينها أيضا- كلّاً من القطاعين العام والخاص". وزاد المتحدث شارحا: "على مستوى القطاع العام تم الرفع من الحد الأدنى للأجر إلى 3500 درهم صافية، بالإضافة إلى حذف السلم السابع بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئتيْ المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين؛ مع الرفع من حصيص الترقي في الدرجة من 33 إلى 36%، والرفع من قيمة التعويضات العائلية للأبناء الرابع والخامس والسادس في القطاعين العام والخاص من 36 درهما إلى 100 درهم؛ ومنح إجازة أبوية لمدة 15 يوماً". أما على مستوى الاتفاق في القطاع الخاص فيؤكد أخنوش أن "الحكومة تمكنت من تنفيذ عدد من الالتزامات التي تهم الزيادة في الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 10% على دفعتين: الأولى 5% ابتداء من فاتح شتنبر 2022 والثانية 5% ابتداء من فاتح شتنبر 2023". كما لفت المسؤول الحكومي ذاته إلى التوحيد التدريجي للحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، وتخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يومَ اشتراك إلى 1320 يومًا، معرجاً على مكسب "تمكين المؤمن له البالغ السن القانوني للإحالة على التقاعد والمتوفر على أقل من 1320 يوم اشتراك من استرجاع حصة الاشتراكات الأجرية واشتراكات المُشغّل". "المكتسبات المحقّقة خلال الجولة الأخيرة من الحوار الاجتماعي تُبرز بالملموس إدراكنا الجماعي مركزية الحوار الاجتماعي، باعتباره خيارًا إستراتيجيا للدولة، وحجم المجهودات المبذولة في سبيل تدعيم أسس الدولة الاجتماعية، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم"، يورد رئيس الحكومة. "حكومة اجتماعية بامتياز" من أبرز ما جاء في كلمة رئيس الحكومة خلال الجلسة الشهرية العامة قوله: "...ونحن على مشارف النصف الثاني من عملنا في الحكومة يمكنني التأكيد أمامكم وبكل افتخار أن هذه الحكومة هي حكومة اجتماعية بامتياز، شكَّلَ فيها الحوار الاجتماعي مَدخلا رئيسيًا لبلوغ أهداف الدولة الاجتماعية في شموليتها". وتابع أخنوش في نبرة افتخار: "بلادنا أصبحت أكثر من أي وقت مضى تتميز بوجود نقابات ومنظَّمات مهنية مسؤولة، وحكومة قوية بإرادة سياسية طموحة"، مسجلا أن "الحكومة تعتبر الحوار الاجتماعي وسيلة حضارية لحماية حقوق الشغيلة بمختلف فئاتها، مع فلسفة جديدة تضمن هوامش جديدة لحرية التعبير وتحافظ في الآن نفسه على استمرار العمل بالمقاولات كما مؤسسات الدولة". "رؤية جديدة" شدد المسؤول ذاته على أن "مفهوم الحوار الاجتماعي -في تقدير هذه الحكومة- لا يقتصر على الجوانب المالية والتقنية فقط، لكن نَحمِل رؤية متكاملة وفق أدبيات دولية منظمة له... على مسار بناء أفق كبير للدولة الاجتماعية، وبالتالي ضمان الأمن والاستقرار الاجتماعي". هذه النتيجة، بحسب توصيف المسؤول الحكومي الأول، "أكْسَبتْنا مناعة حقيقية لتجاوز كل الإكراهات والصعوبات التي كان يعرفها الحوار الاجتماعي الوطني والقطاعي خلال الفترات السابقة". كما أشار أخنوش في حديثه إلى أن الحكومة التي يرأسها "رغم الظروف الاقتصادية الصعبة كانت على موعد تاريخي للوفاء بالتزاماتها المعبّر عنها في البرنامج الحكومي"، مسترجعاً بالذاكرة أنها "باشرت جولات الحوار الاجتماعي منذ تنصيبها، مع بناء مرحلة جديدة من التوافقات الوطنية مع مختلف الشركاء، وتحقيق مستويات متقدمة من الانسجام والتكامل على المستويين الوطني والترابي، وكذا على المستوى القطاعي"، على حد تعبيره. واسترسل رئيس الحكومة: "(...) الحكومة أولت أهمية قصوى للقطاعات الاجتماعية والاقتصادية، والذهاب بعيدا نحو ابتكار حلول جديدة لإشكالات التعليم والصحة والتشغيل، وضرورة بلورة تصور جديد للتحديات التي تمس قضايا السيادة، وجعل العنصر البشري في صلب برنامجنا الحكومي، وبالتالي تحقيق التصور العام للدولة الاجتماعية في شموليتها كما يطمح إليها المغاربة". أولوية ملحة في سياق متصل أكد أخنوش أن "الحكومة ومن خلال آلية الحوار الاجتماعي تريد خلق جسور التواصل مع المركزيات النقابية وأرباب العمل للتفاعل الإيجابي مع القضايا ذات الأولوية ببلادنا، وعلى رأسها قضية التشغيل بهدف خلق الاستثمار المنتج للعمل اللائق وضمان استدامته"، لافتاً إلى أن "الرؤية التي تمتلكها الحكومة اليوم مبنية على ثنائية الاستثمار المنتج وعلاقته بالدينامية الوطنية للحوار الاجتماعي، بما يشكل قاطرة حقيقية للإقلاع الاقتصادي، وبالتالي التسريع من وتيرة خلق فرص الشغل لفائدة المواطنات والمواطنين"، وتابع بالاستدلال: "...لعلّ المؤشرات الاقتصادية النهائية لسنة 2023 تبرز بالملموس حجم المجهود الحكومي لتجاوز كل التراكمات السابقة التي أثرت على وضعية التشغيل ببلادنا.. حيث تمكن الاقتصاد الوطني ولله الحمد من تحقيق نتائج جد إيجابية فاقت كل التوقعات، رغم توالي السياقات الوطنية والدولية الصعبة". "نحن على يقين تام بأن الجميع سيساهم، كل من موقعه، في تعبئة الموارد والإمكانيات التي تسمح بتطوير منظومتنا الاقتصادية المنتجة لفرص الشغل، والتي تضمن الكرامة والعيش الكريم لجميع المغاربة"، يخلص أخنوش.