1- بمجرد أن أعلن عن تأخير تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم الذي سيقام في المملكة المغربية، بعد نقاشات عسيرة بين رئيس الفيفا جياني إنفانتينو ورئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم باتريس موتسيبي ورئيس الجامعة الملكية المغربية للعبة فوزي لقجع، وعلى الرغم من الإعلان بالغ الوضوح عن المبررات الموضوعية والمسوغات المسؤولة لهذا التأخير الاضطراري، أقلها أن صيف الموسم المقبل سيشهد تنظيم كأس العالم للأندية (32 فريقا)، وسيكون من الصعب على الأندية الأوروبية أن تسمح للاعبيها الأفارقة بالمشاركة في كأس الأمم الإفريقية، قلت بمجرد أن انتشر الخبر في المشهد الرياضي الدولي والقاري، حتى انطلق ما يسمى بالإعلام الجزائري في ممارسة هوايته المفضلة، المتمثلة في السب والشتم واستخدام كل الألفاظ البذيئة والمفردات السوقية، و التشهير بالمؤسسات الرياضية الدولية والإقليمية و تبخيس اجتهادها المتواصل، وأنا هنا أتكلم عن (الصحف والفضائيات ووكالة الأنباء الجزائرية العسكرية)، وليس عن المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي المليئة بالأراجيف والأكاذيب والخزعبلات غير المتناهية. 2- لقد انبرت هذه الترسانة الإعلامية المجنونة في استهداف المغرب، بطرق حاقدة غير شريفة، من قبيل إخفاء دواعي تأخير النهائيات الإفريقية، التي أعلن عنها بيان الكونفدرالية الإفريقية، والاقتصار فقط وفقط، على التركيز على أسطوانة عدم جاهزية المغرب لاحتضان "الكان". والواقع أن الجزائر هي العاجزة الآن والغد عن تنظيم أنشطة رياضية سليمة من الخطايا على جميع المستويات، وبعيدة عن العشوائية والبلطجة والتهور غير المحدود .. والحال أن هذه الجزائر لم تقو على تحمل نجاحات المغرب في أكثر من مجال، ولم تستسغ إلى اليوم كيف أن دولة "المليون شهيد"، حرمت من هذه الفرصة الرياضية الاستثنائية، وهي تسعى بلا فائدة إلى سحب هذا التنظيم من المغرب عبر رفع منسوب أصوات الجراد الإلكتروني، خاصة وأن "إشكال" الصحراء المغربية في طريقه إلى التسوية القانونية النهائية، بعيدا عن تمنيات وأحلام وشعارات الجزائر العنترية. 3- والواقع فإننا كمغاربة نخص الشعب الجزائري الشقيق بكل مشاعر الأخوة والمحبة والتآزر، داعين الله جلت قدرته عودة التطبيع والعلاقات الشاملة بين القطرين المغاربيين دون قيد أو شرط، لكن إعلام النظام الجزائري سعى سعيا ومال ميلا نحو إغراق سفينة الوحدة، وإشعال الحرائق في وجه البناء والتشييد والأمل، عبر إملاءات فوقية متعنتة. بح صوتنا ونحن نطالب بالتهدئة والعودة إلى جادة الصواب، وعبرنا كتابة في عديد المواقع الإخبارية الوطنية والعربية المحترمة، نذود عن قيم التسامح والتضامن والعمل المشترك.. لكن أصحاب القرار في البلد الجار أبوا إلا أن يبقوا على هذا الشرخ المأساوي الرهيب. 4- إن الصحراء المغربية قضية مغربية داخلية بين الدولة والانفصاليين الصحراويين، وهما الطرفان المعنيان بالوصول إلى الحل السياسي التوافقي الواقعي، فما دخل النظام الجزائري في الموضوع، ما شأنه وهذا التجييش والتحريض والاستهداف الأسطوري للمصالح الحيوية للمغرب؟ لماذا يحشر هذا النظام أنفه في "مسألة" لا ناقة له فيها ولا جمل؟ لماذا يخصص الإعلامي الجزائري الرسمي وغير الرسمي (وهل هناك فرق) التلفزيون الحكومي ووكالة الأنباء الرسمية والصحف واسعة الانتشار.. برامج شبه يومية تنفجر حقدا على كل ما هو مغربي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ورياضيا.. ومن تحصيل الحاصل القول بأن العاهل المغربي، خاطب بالصوت والصورة رئيس الجمهورية الجزائرية منذ أكثر من سنتين، أعلن عن استعداده للقاء قمة يجمعهما قصد النظر في كل الملفات العالقة بين البلدين الجارين، تاركا له اختيار التوقيت والمكان المناسبين لذلك، إلا أن رئيس الجزائر أجاب عن سياسة اليد المغربية الممدودة باللامبالاة و "اللاحدث"، بل وبتصريح دبلوماسي يتعارض ومنطق السياسة الدولية الواقعية والمتوازنة، حينما أعلن وبالصوت والصورة أيضا عن "نقطة اللاعودة" فيما يتعلق بالأزمة الحادة بين البلدين. وهكذا تناسلت الاتهامات والأراجيف والأكاذيب والمزاعم بالجملة، صدرت عن البنية العسكرية الجزائرية في حق المغرب، فأضحى هذا الأخير عدوا وسببا وراء أي إخفاق جزائري في السماء والأرض وما بينهما! 5- وعلى ضوء ما سبق، إذا كان أصحاب القرار في الجارة الشرقية قد أجمعوا على رفض أي صلح أو حوار أو تطبيع، فإن المغرب قادة وشعبا لن يتوقف عن انتهاج مسلك العقل والقيم الإنسانية الداعية إلى الأرقى والأفضل لشعوب المنطقة. وفي انتظار هذه المنافسة الكروية الإفريقية الهامة في أرض المملكة المغربية (ما بين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2026)، دامت الأخوة المغربية الجزائرية، داعين الله جلت قدرته أن يهدي السلطات الجزائرية سبيل الرشاد. *إطار تربوي وباحث في قضايا الفكر والسياسة