كشفت فدرالية رابطة حقوق النساء عن مجموعة من الملاحظات التي جرى تجميعها انطلاقا من التدخلات التي قامت بها من خلال الزيارات واللقاءات الميدانية والورشات بالمناطق المتضررة للوقوف على أوضاع الساكنة، منوهة بوجود "أشياء إيجابية" ساهمت في التهوين من وقع هذه الكارثة على الساكنة المنكوبة وعلى النساء، وأثبتت مدى قدرة المجتمع المغربي على تجاوز الصعاب، خصوصا الحجم الكبير للتضامن بمختلف أشكاله المادية والمعنوية. الفيدرالية النشطة في الدفاع عن حقوق النساء، دخلت إلى "عمق الاختصاص"، وأفادت في الملاحظات التي قدمتها هذا الصباح بمقرها بالرباط، بحضور هسبريس، بأنه من خلال معاينتها لأوضاع النساء بالمناطق المتضررة، اتضح أن "النساء يواجهن تحديات كبيرة تعيق تنميتهن وضمان حقوقهن الإنسانية"، منها "تزويج الطفلات، والتعرض للعنف دون الإفصاح عنه، خاصة في ظل صعوبة وصول النساء والأطفال ضحايا العنف إلى مراكز الاستماع وخلايا الاستقبال بسبب بعدها عن الدواوير". وأشارت الهيئة سالفة الذكر التي اعتبرت عضواتها خلال التقديم أنه "من حسن الحظّ أن الفدرالية تتوفر على فروع جهوية تمكنت من التقاط مختلف حيثيات الوضع منذ لحظة الاهتزاز"، إلى "الصعوبات الجمة" التي كبّلت "قدرة النساء على التنقل بحرية والولوج للخدمات الأساسية"، مسجلة "افتقار العديد من النساء إلى الوعي بحقوقهن الإنسانية وإلى المعرفة بالقوانين الخاصة والمؤطرة لحقوقهنّ، مما يحد من قدرتهن على المطالبة بها والاستفادة من الدعم المتاح لنيلها. وفي مسار "تعرية الوضع"، لفتت الجهة المذكورة إلى "استبعاد النساء من المشاركة في تدبير ومعالجة آثار الزلزال، فضلا عن كونهن يواجهن نسب أمية مرتفعة ومعدلات عالية من الهدر المدرسي بين الفتيات، إضافة إلى غياب للعنصر النسوي في جهود إعادة الإعمار وتقديم المساعدات"، وزادت: "لاحظنا كيف تفاقمت معاناة النساء المعيلات للأسر جراء تداعيات الفاجعة، خاصة النساء المطلقات والأرامل والأمهات العازبات اللواتي لم تستفد أغلبهن من المساعدات المقدمة من طرف مجموعة من المتدخلين". وفي ما يخصّ التحديات المرتبطة بالاستفادة من مساعدات إعادة الإعمار، أكدت فدرالية رابطة حقوق النساء أن التحديات المسجلة "أثرت وتؤثر على العدالة والفعالية في توزيع هذه المساعدات"، مبرزة "عدم الأخذ بعين الاعتبار وضعية النساء المطلقات والأرامل، مما يحرمهن من الاستفادة من الدعم اللازم"، موردة أن "التوزيع غير العادل للمساعدات يخلق فجوات في تقديم الدعم اللازم للأسر المتضررة". وأضافت الجهة المذكورة قائلة: "هناك مشاكل في إحصاء المستفيدين والمستفيدات من هذه المساعدات، مما يؤدي إلى عدم الشمولية والتغطية الكاملة للاحتياجات"، موضحة أن بعض الأسر لم تستفد من دعم إعادة الإعمار نهائيا، مما يزيد من تفاقم أوضاعها المعيشية. هذا ناهيك عن ضعف التنسيق بين المؤسسات الرسمية الذي يؤدي إلى تعثر الجهود الرامية إلى إعادة الإعمار وتقديم المساعدات بشكل فعال". وواصلت الناشطات النسائيات استعراض ملاحظاتهن الميدانيّة بالقول إن "ثمة مشكلا آخر يزيد من حدة الأزمة، هو أن بعض العائلات توصلت بالدعم من أجل الترميم أو إعادة البناء ولكن لم يتم بعد إخلاء المنطقة من بقايا الهدم". "توصيات نسائية" انطلاقا من العمل الميداني الذي قامت به فدرالية رابطة حقوق النساء من أجل "دعم ومؤازرة ضحايا زلزال 8 شتنبر، ومن معاينتها لأوضاع الساكنة في المناطق المتضررة وتواصلها المستمر معهم، والاستماع لشهاداتهم بشكل فردي وفي إطار ورشات من أجل الوقوف على معاناتهم وطبيعة حاجياتهم"، دعت الفيدرالية إلى الإسراع بإعادة الإعمار وتسريع خطوات وتدابير إعادة إسكان المتضررين والمتضررات من الكارثة بضمان سكن لائق لهم وفك العزلة عنهم. وأوصت الجمعية النشطة في مجال حماية حقوق المرأة ب"تعزيز ولوج الساكنة المتضررة من الزلزال إلى الخدمات الأساسية وضمان توفرها، مع تكثيف الدعم الطبي النفسي المباشر للمتضررين والمتضررات لتجاوز المخاوف والآثار النفسية الناتجة عن الزلزال"، مشددة على "التسريع بعملية إعادة تشييد وبناء المرافق والمؤسسات الحيوية الضامنة لخدمات القرب للساكنة في كافة المجالات كالصحة والتعليم والنقل". الفدرالية ألحت على "وضع النساء في قلب المخطّطات والبرامج الرامية إلى إعادة التأهيل السوسيو-اقتصادي بالمناطق المتضررة، ورصد ميزانيات خاصة للنهوض بأوضاعهن، واعتماد مقاربة النوع والميزانية المستجيبة للنوع في برامج تنمية الجماعات الترابية"، مسجلة الحاجة إلى تقوية "التنسيق بين المؤسسات الرسمية من أجل نجاعة التدخل، ووضع آلية لمتابعة وتقييم البرامج التي تستهدف ساكنة المناطق المتضررة بالزلزال". والتمست الهيئة الحقوقية "العمل على فك العزلة في المجال القروي وتحسين البنية التحتية، لاسيما الطرق، لتسهيل الولوج إلى الخدمات، واستفادة شباب الدواوير من فرص الشغل والمبادرات الوطنية الخاصة بإعادة الإدماج في سوق الشغل"، إضافة إلى "تعميم الاستفادة من البرامج الخاصة بالتنمية في المجال القروي، والرفع من جهود محو الأمية في صفوف النساء، وكذا محاربة الهدر المدرسي، وتعميم الاستفادة من المنح على كافة الأطفال، وخصوصاً الفتيات". وأوصت فدرالية رابطة حقوق النساء كذلك ب"وضع مشاريع مدرة للدخل لفائدة النساء، مع مواكبة النساء لخلق تعاونيات بالدواوير، ووضع خلايا الاستقبال ومراكز الاستماع للنساء والأطفال ضحايا العنف"، خاتمة بأحد أهم مطالب الحركة النسائية والحقوقية بالمغرب، ألا وهو "تمكين مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي".