تتداخل مجموعة من المعارف أثناء الحديث عن السياسة لأنه لكل سلطته. لكن عندما نربط السلطة بالطبيعة السياسية ندخل إلى عالم الظواهر. التي تتخذ أشكالا سلبية وإيجابية حسب نمط اشتغال السلط. وحيث ما كان التأهيل السياسي نتجنب الشقاء السياسي، وتتعزز السلطة في علاقتها بالسياسي. إذن هل السلطة تكتسب أم تمؤسس أم تصنف ضمن المنتوجات الاجتماعية التي تشكل منظومة تكاملية بين معارف شتى. إن السلطة السياسية تتخذ غالبا أبعدا قسرية من أجل صناعة ثنائية الغالب والمغلوب بحجة الانضباط وفرض النظام. تهون العلاقة إذا ميزت السلطة بين الشخصنة والمؤسسة. بين الاستبداد بالرأي وفتح أفق التشاور المجتمعي ولو كان شكليا. مما يبرز الاختيارات في هذا المجال نستحضر مناهج قبول السلطة السياسية المطروحة عن طريق اختيار ديمقراطي شفاف. يؤصل هذا تقليديا عن طريق الدسترة كمؤشر للتقدم والرقي. عندما تستقر السلطة العليا يشرع في اختيار وتعيين المستويات الأخرى المركزية والترابية، الإقليمية والعالمية حسب سلم سلطوي ينزاح أحيانا عن الموضوعية مما يفوت على الكفاءات المساهمة في البناء المؤسساتي للدولة. إن هذا العمل الذي تقوم به السلطة السياسية يجعلها تسبح في سياسات بدل سياسة واحدة. مما يعطي فرصة للتنوع والتعدد الديمقراطي بحجة أن السلطات السياسية متوافق عليها عن طريق الثقافة أو الاستفتاء. ليس من حق أي أحد أن ينتقد الاختيارات المجتمعية التي قد تتخذ السياسة العامة فيها مفهوما استراتيجيا يحدد التوجهات العامة للدولة في حين أن السياسات العمومية هي إحداث التقائية بين مجموعة من القطاعات التنموية. هذا الاختصاص مرتبط بتصنيفات السلطة بين العليا والدنيا. بناء على كل ما ذكر انتعش البحث العلمي في علم الاجتماع السياسي، وعلم الاقتصاد السياسي، والاختيارات الديمقراطية التي تؤسس للتداول السلمي حسب طبيعة السلطة السياسية والأنظمة السياسية، التي تشكل التيمة المركزية في عملية توزيع قيم الديمقراطية بالعدل وهو عمق حقيقة السلطة. إذن مهما كان التنظير على مستوى علم السياسة في علاقته بالأنظمة السياسية التي تختزل السلطة السياسية فإن السياسة التطبيقية أو السلوك السياسي هو جوهر التقييم والتقويم. لكن كيف نقتحم جدار الأنظمة السياسية التي تتحكم فيه ثنائية الثابت والمتحول والتجلي والتخفي متضمنا المحظور على مستوى الحق في الحصول على المعلومة لاعتبارات تهم الحفاظ على أسرار الدولة؟ رغم كل ما ذكر حاول البحث العلمي أن يقتحم الجدار المعيق للمقاربة من خلال العلم والمعرفة والفكر والنسقية بغية التكامل والتفاعل. ويبدو لي أن هناك عناوين مفتاح لهذا البحث الذي يهم الأنظمة السياسية نحو: جدلية السياسي والاجتماعي- تأثير فضاء التنزيل السياسي على طبيعة الأنظمة السياسية- منسوب التكامل بين التطور المطرد للمجتمع وطبيعة الأنظمة السياسية- التمايز بين القرار السلطوي والقرار السياسي- انعكاس قرارات السلطة السياسية على المنظومة الحقوقية والحريات العامة. إن الغاية من تشكيل الأنظمة السياسية هو حب البقاء والاستمرارية في الوجود، لذلك يفتح أحيانا نوافذ وليس أبوابا من أجل التشاور وإبداء الرأي. لكن يضبط الإيقاع لهذه العملية حتى يضمن خلاصات متناغمة مع طبيعته، والزمكان الذي صنع بيئته، ومن تم تصبح السياسة ميكانيزما متحكما في فن تدبيره الديمقراطي على حسب المقاس والرقعة المتاحة. فهل الاختيار الديمقراطي لعبة حديدية لا يقتحمها إلا أولي العزم المتحكمين في النظام العالمي بناء على بؤر مفتوحة على كل الاحتمالات المخطط لها؟ إن ارتباط السياسة بالأنظمة اختيار صعب ومعقد، ومتنوع المناهج المولدة للأفكار المحددة للوظائف. لأن التداخل حاصل بين السبب والنتيجة على الانطلاق. يكون اختيار مخارجه تتوزع بين السلبي والايجابي، التطور والتخلف، الرقي والتقهقر. من تم تبدأ رحلة المقارنة بين المنتوجات السائدة، في إطار نظري ومنهجي، سياسي واجتماعي ولا يخلو الدين من الحضور في المعادلة انطلاقا من المقصدية، أو وحدة الغاية وخصوصية المقاربة.