تتوسّع التعبئة الطلابية داخل جامعات في عدد من الدول تضامنا مع قطاع غزة، غداة دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن يسود النظام في الجامعات الأميركية، فيما أخلت الشرطة الفرنسية مبنى معهد العلوم السياسية في باريس من المتظاهرين بلا حوادث. وتشهد جامعات في فرنساوكندا وسويسرا وأسترالياوالمكسيك اعتصامات وتحركات تطالب بوقف الحرب التي اندلعت قبل سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة المحاصر. في الولاياتالمتحدة، التي انطلقت منها التعبئة الطلابية على خلفية الحرب، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس ضرورة أن يسود "النظام" في الأحرام، وذلك بعدما لزم الصمت فترة طويلة حيال هذا الموضوع. وأتى تصريح بايدن بعدما فكّكت الشرطة التي حضرت بكثافة المخيمات التي نصبها طلاب مؤيدون للفلسطينيين في جامعات مختلفة، كانت آخرها جامعة كاليفورنيا لوس أنجلس، حيث أوقف العشرات. في وقت باكر الجمعة فككت الشرطة سلميا مخيما في جامعة نيويورك (NYU) بناء على طلب المؤسسة. في جامعة شيكاغو تحدثت الإدارة عن "معلومات حول وجود مشادات جسدية" في الحرم الجامعي، مشيرة في بيان إلى أنه في غياب اتفاق مع المحتجين فإن الوقت حان لتفريق الحشد. وكانت الشرطة موجودة في مكان الأحداث الجمعة. وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين يتواجهون مع متظاهرين مناهضين لهم. وبعدما انتقدها طلاب وأعضاء بهيئة التدريس بشدة لدعوتها الشرطة مرتين للتدخل تحدثت رئيسة جامعة كولومبيا، مينوش شفيق، عن "اضطرابات" في المؤسسة التي تديرها، وقالت في شريط نشر الجمعة على وسائل التواصل الاجتماعي: "كان الأسبوعان الماضيان من أصعب الأسابيع في تاريخ كولومبيا"، مضيفة أن احتلال الطلاب مبنى كان "عملا عنيفا". وتابعت شفيق: "لدينا كثير من العمل لنقوم به، لكنني ملتزمة بالعمل كل يوم ومع كل واحد منكم لإعادة البناء في حرمنا الجامعي". وليل الثلاثاء الأربعاء أخرجت القوات الأمنية التي تدخّلت بصورة مكثفة الطلاب الذين كانوا يحتلّون مبنى في جامعة كولومبيا العريقة في مانهاتن احتجاجا على الحرب في غزة. كذلك، فُكّكت مخيمات أخرى في جامعتَي أريزونا في توسون (جنوب غرب) وويسكنسن ماديسون (شمال) وفق وسائل إعلام محلية. وأعلنت شرطة نيويورك الخميس أن 48 في المائة من الأشخاص ال282 الذين أوقفوا في حرمي جامعتي كولومبيا و"سيتي كوليدج أوف نيويورك" مساء الثلاثاء هم متظاهرون غير منتسبين إلى المؤسستين. وفي جامعة تكساس في دالاس أخلت الشرطة الأربعاء مخيما احتجاجيا وأوقفت 17 شخصا على الأقل بتهمة "التعدي الإجرامي"، بحسب الجامعة. وأعلنت جامعة براون في بروفيدنس بولاية رود آيلاند (شمال شرق) التوصل إلى اتفاق مع الطلاب، يقضي بتفكيك مخيمهم الاحتجاجي في مقابل تنظيم الجامعة عملية تصويت حول "سحب استثمارات براون من شركات تسهّل وتستفيد من الإبادة الجماعية في غزة". "الحزم كامل" في فرنسا وفي فرنسا أخرجت الشرطة المتظاهرين من مبنى معهد سيانس بو من دون حوادث. وأوضحت شرطة باريس: "أرسل قائد الشرطة قوات إنفاذ القانون لإخلاء سيانس بو... أُخرج 91 شخصا دون حوادث". وقال طالب يدعى هشام، عرف عن نفسه بأنه ممثل ل"لجنة فلسطين"، إن سلطات الجامعة أمهلت المجموعة 20 دقيقة للمغادرة قبل الإجلاء القسري، إذ إن "الامتحانات ستجرى اعتبارا من الإثنين". وقال باستيان (22 عاما) لوكالة فرانس برس إنه أُخرج على أيدي شرطيين مع متظاهرين آخرين بشكل سلمي في مجموعات من 10 أشخاص، لكن لوكا، وهو متظاهر آخر، قال: "جُر البعض وأُمسك آخرون برؤوسهم أو أكتافهم". وبقي بعض الطلاب في نهاية الشارع المغلق بعد إخلاء المبنى وكانوا يهتفون: "مازلنا هنا، حتى لو كان سيانس بو لا يريدنا"، و"يحيا نضال الشعب الفلسطيني". وخارج جامعة السوربون وسط باريس نظم أعضاء اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا "طاولة حوار" الجمعة، وقال رئيسه سامويل لوجوايو لإذاعة "جي": "نريد أن نثبت أنه ليس صحيحا أنه لا يمكنك التحدث عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني (...) للقيام بذلك علينا تحييد الأشخاص الذين يصفون الطلاب اليهود بأنهم متواطئون في الإبادة الجماعية". وخلال تجمع دعما للقضية الفلسطينية في البانثيون الجمعة في باريس، شارك فيه شبان ونواب من اليسار الراديكالي، قال زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون: "أنا أتحمل واجب الدفاع عن التزام الشباب النضالي ضد الإبادة الجماعية في غزة. أدعو كل من يستطيع الانضمام إليهم ودعمهم معنويا وماديا". كذلك، أخرجت الشرطة طلابا من معهد الدراسات السياسية في ليون، كما أبعدت عشرات الطلاب الذين كانوا يغلقون مدخل حرم جامعي في سانت إتيان، قرب ليون، لليوم الثاني على التوالي. من جهتها، أكدت الحكومة الفرنسية الجمعة أن "الحزم كامل وسيبقى كاملا"، مع تدخل الشرطة لفضّ الاعتصام. كذلك، احتلّ حوالي مائة طالب مؤيد للفلسطينيين الخميس قاعة في ردهة مبنى تابع لجامعة لوزان، مطالبين بمقاطعة أكاديمية للمؤسسات الإسرائيلية ووقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، حسبما أفادت وكالة أنباء "كيستون-ايه تي اس". وقال المنظمون في بيان إنّ التحرّك "يتبع مثال التعبئة في الجامعات في كنداوالولاياتالمتحدةوفرنسا". ويتكرر المشهد في دول أخرى، منها المكسيك، حيث نصب عشرات الطلاب والناشطين المؤيّدين للفلسطينيين في مكسيكو الخميس خياما أمام "جامعة المكسيك الوطنية المستقلّة"، كبرى جامعات البلاد، احتجاجا على استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس. ووضع الطلاب فوق مخيّمهم الاحتجاجي أعلاماً فلسطينية وردّدوا شعارات بينها "عاشت فلسطين حرّة!"، و"من النهر إلى البحر، فلسطين ستنتصر!". ورفع المحتجّون مطالب عدّة بينها أن تقطع الحكومة المكسيكية العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل. في أستراليا، تجمع مئات المتظاهرين منهم مؤيدون للفلسطينيين وآخرون مؤيدون لإسرائيل الجمعة في إحدى جامعات سيدني، وأطلق كل جانب شعارات. لكن الاحتجاج بقي سلميا رغم بعض الجدالات المتوترة. ويخيم ناشطون مؤيدون للفلسطينيين منذ عشرة أيام قبالة جامعة سيدني. والخميس، نظّم طلاب في جامعة النهرين في بغداد وقفة تضامنية مع قطاع غزة والاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جامعات أميركية. ورفع طلاب وأساتذة العلمين الفلسطيني والعراقي، ولافتات "فلسطين حرة". وقبل أيام نظّم طلاب في جامعات لبنانية عدّة وقفات تضامنية مع الفلسطينيين. وتجمّع عشرات الطلاب داخل حرم الجامعة الأميركية العريقة في بيروت، هاتفين "انتفاضة، انتفاضة"، ورافعين الأعلام الفلسطينية؛ ووضع عدد منهم كوفيات، وحمل البعض لافتة كتب عليها: "إزالة الاحتلال تعني تأسيس دولة ديمقراطية واحدة من النهر إلى البحر". وحمل آخرون لافتات متضامنة مع جنوبلبنان الذي يشهد تبادلا يوميا لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله منذ الثامن من أكتوبر، أي غداة اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم غير مسبوق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب الدولة العبرية.