تحت شعار "محمد بنسعيد آيت إيدر.. رمز الصمود والنضال"، نظم الحزب الاشتراكي الموحد- فرع إنشادن، السبت، حفل تأبين المجاهد محمد بنسعيد آيت إيدر بمسقط رأسه بدوار تن منصور (جماعة إنشادن بإقليم اشتوكة آيت باها)، بتنسيق مع فروع الحزب بالجنوب. وحضر الحفل الأمين العام للحزب، جمال العسري، والنائبة البرلمانية نبيلة منيب، إلى جانب قيادات وطنية وجهوية وإقليمية ومحلية. وأسهبت الكلمات التي ألقيت بالمناسبة في التذكير بمسيرة الفقيد، وبمختلف المحطات التي بصمت حياته، سواء في فترة الاستعمار من خلال قيادته عددا من خلايا الكفاح المسلح في حركة المقاومة الوطنية، أو خلال توليه المسؤولية السياسية عن جيش التحرير في الجنوب، بعد الاستقلال، وتجربته السياسية والحزبية والبرلمانية، فضلا عن نضالاته ودفاعه عن الوحدة الترابية للمغرب في المحافل الدولية. جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال في كلمة له إن "الفقيد المجاهد محمد بنسعيد آيت إيدر زرع فينا قيمة الوفاء، التي لا يمكن أن نتحدث عنها دون استذكاره، فقد ظل وفيا للوطن رغم كل المحن التي واجهته، ورغم الاعتقال والقمع والمحاكمات وإصدار عقوبة الإعدام في حقه، ورغم النفي وغير ذلك، وعبر وفائه للوطن، ظل وفيا لمنطقته منطقة إنشادن، التي لم يكن لها أن تعرف لأنها ضمن المغرب غير النافع". "وجعل الرفيق محمد بنسعيد من هذه المنطقة ليس فقط منطقة حزبية ووطنية فقط، بل منطقة إقليمية وعربية وإفريقية، حيث كل الأنظار تتجه إلى إنشادن لأنها أنجبت هذا الرجل، الذي جعل المنطقة وقضاياها ومشاكل ساكنتها حاضرة دوما في البرلمان لأنه كان يؤمن بالوفاء والإخلاص، وبوفاته أصبح فقيد الوطن، حيث كان يثق في الوطن وفي الشباب والأطفال والشيوخ. كان رجلا قل مثله"، يضيف المتحدث ذاته. وتابع قائلا: "أما القيمة الأخرى التي زرعها فينا فهي القناعة والأمانة، فقد كان المجاهد بنسعيد أمينا على القيم، على المبادئ، على الأفكار، وأمينا على المال في زمن كثرت فيه الأطماع، حيث حرص على أن يكون مال المقاومة للمقاومة ومال الحزب للحزب ومال الغير للغير، فقد كان قنوعا أمينا، وفيا، مخلصا لمبادئه، وظل أيضا يحلم بالديمقراطية الحقة وبمغرب الكرامة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فآمن بهذه الأفكار وضحى من أجلها". أما البرلمانية والأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، فقالت، في كلمتها التأبينية بمركز تن منصور، إن "الفقيد بنسعيد كان وطنيا، وتجري الوطنية في دمائه وفي جيناته، بالتواضع والهمة العالية التي تتطلب ذلك، فظل منخرطا في كل معركة،إذ لو لم يتم حل جيش التحرير كنا سنطوي ملف أقاليمنا الجنوبية وكنا سنحررها بدون أن نستسلم ولا أن نبيع الوطن من أجل أن يعترف لنا الرئيس الآخر بكون طرح الحكم الذاتي جيد، وكنا سنزيد في تحرير كل البلاد دون القبول بالاستقلال المبتور". وأوردت "لقد ناضل الرفيق بنسعيد في كل المحطات داخل وخارج الوطن، وكان رجل ثقة وذا أخلاق رفيعة، مدافعا بشراسة عن وحدة المغرب في أحلك الأوقات، كما شكل استثناء في البرلمان المغربي، ولم تشهد المؤسسة التشريعية إلى اليوم برلمانيا مثله. كان ديمقراطيا فوق الديمقراطية، فهو يقف دائما إلى جانب القضايا الشعبية وانشغالات الناس حول قضايا الأرض ونهب الثروات ومشاكل الماء وغيرها، وتمنينا أن يكون نجاحه في البرلمان سنة 1984 موضوع دروس للناشئة في المدارس من أجل الانخراط في السياسة في نبلها وأخلاقها". عبد العزيز كوكاس، الكاتب الصحافي، اعتبر في كلمته أن بنسعيد كان "رمزا يعلو على الحزب وعلى الدائرة، ولو أنه ابن تن منصور باشتوكة آيت باها، ابن سوس، لكنه ظل يناضل بأفق وطني، وهو الذي كان دائما يخلق الدفء في السياسة، وبفقدانه نفقد رجلا لا يتكرر في الزمن المغربي، الذي أصبحنا نرى فيه أشباه الزعماء وأشباه من يدعون محاربة الفساد. لقد كان يربط بين الصدق في الممارسة السياسية، الصدق الأخلاقي والصدق في مجال العلاقة بين رفاقه والدائرة التي يمثلها، وكان لسانها الدائم، حيث يعمل بأكثر مما تعمل الفرق البرلمانية التي توفرت لها الإمكانيات". وقال كوكاس "القضايا التي كان يطرحها بنسعيد تخلق الضجة في السياسة المغربية، فكيف تجرأ أن يطرح سؤالا حول تزمامارت، فانبعث مغرب آخر وجيل آخر وأسئلة أخرى، فتم فتح ملف كبير في مجال حقوق الإنسان، مما أعطى الكثير للدفء في السياسة المغربية، بنسعيد تجمع فيه ما تفرق في غيره، كان مقاوما ومناضلا ومكافحا وديمقراطيا واشتراكيا وتقدميا، ولم يتخل عن أي جزء من هذه الأجزاء، ولم يخن القضية وظل يصون العهد أبدا، كان له صوت مسموع، ووجه مشرق في العلاقات الخارجية، وكانت له أيضا أخلاق السرية الوطنية لحفظ أسرار التنظيم، وكان شفافا ويؤمن بحق الناس في المعلومة".