أكدت عالمة اللسانيات الجزائرية الدكتورة خولة طالب الإبراهيمي في جواب عن سؤال حول قضية ترسيم الأمازيغية، بأن تحديات ذلك تعود إلى انعدام وجود لغة أمازيغية موحدة، لغة تعتبر معيارا لغويا شاملا. وأضافت الإبراهيمي التي كانت الأسبوع الفائت ضيفة على منتدى الإذاعة الجزائرية الثقافي، أن ذاك هو المشكل الأساسي الذي يفقد مطلب دسترة وترسيم الأمازيغية معناه الموضوعي، ودعت إلى تجاوز هذا التحدي بالعمل أولا على حل مشاكل الأمازيغية الداخلية أولا بأول. "" وأوضحت صاحبة كتاب "الجزائريون والمسألة اللغوية" وأحد الأصوات الموضوعية التي ناقشت مسألة التعدد اللغوي بوعي براغماتي ودون تشنج أو تعصب أن الفضاء اللغوي الأمازيغي غير موحد، "لذلك علينا أن نعلم كل لغة على حدة وأن نوفر معيارا لسانيا ونحويا على الأقل يجمع عليه الناطقون بها". وأضافت أن المسألة اللغوية في الجزائر مشكلة ثقافية ولغوية وليست مشكلة عرق أو جنس، لأن كل الجزائريين من نفس الأعراق وما يختلف بينهم هو أن هناك مناطق مسها التعريب مع دخول الإسلام وحتى قدوم الهلاليين، ومناطق أخرى بقيت محافظة على لغتها الأمازيغية. ونبهت إلى أن الأقطار العربية تُجْمِع على معيار لساني واحد هو اللغة العربية الفصحى، بينما لا توجد لدى الناطقين بالأمازيغية لغة مشتركة يجمعون عليها لغة موحدة، وتساءلت بالقول: "أية أمازيغية ندرس؟ أمازيغية القبائل أم الأوراس أم أمازيغية منطقة أخرى؟ وحتى إذا عزمنا على توحيد لهجاتها يجب ألا ننسى أن عدد الناطقين بها بالمغرب أكثر منهم بالجزائر ولهم ما يقولون". وأوضحت قائلة: من خلال نقاشي مع أهل الاختصاص فإن الأجدر هو بحث حلول آنية بكل منطقة ناطقة بالأمازيغية لاختلاف مستوى تقدم العمل العلمي بمجال هذه اللغة من منطقة لأخرى, لكن بنفس الوقت، يجب النظر للأمازيغية كلغة مشتركة بين كثير من بلدان المغرب والعمل على تطويرها وتوحيدها بإطار إقليمي هو الإطار المغاربي. وفي سياق آخر أكدت الإبراهيمي في كلمتها لمنتدى الإذاعة الجزائرية الثقافي أن سيطرة اللغة الفرنسية في المجتمع الجزائري تعود إلى كونها أصبحت لغة الخبز واللغة المسيطرة في الوسط المهني، وردت السبب إلى مخلفات الاستعمار الفرنسي الذي سعى إلى طمس اللغة العربية باعتبارها أهم مقومات الهوية الجزائرية. وأشارت بأن سياسية التعريب عرفت بدايتها من الأحزاب السياسية التي كانت تنشط في الفترة الاستعمارية عن طريق مطالبها الموحدة والمشتركة في إعادة اللغة العربية إلى مكانتها بإعادة فتح المدارس الناطقة بالعربية من جديد في فترة ما بعد الاستقلال، حيث شهدت سياسة التعريب مدا وجزرا في تطبيقها، بسبب عدة مشاكل سياسية منها النخبة المفرنسة التي تجهل اللغة العربية، وهو ما يجعلها تناقض كل ما يتعلق باللغة الأم التي تصفها بالتقليدية والنخبة المعربة المتقوقعة على نفسها. وقالت الابراهيمي إن الإشكال المطروح الآن كيف نطور اللغة العربية في الفضاء المدرسي ونخرج به من المفهوم التقليدي الذي ينظر إليها على أنها لا تستطيع مناقشة القضايا الكبرى. [email protected]