أحالت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية على النيابة العامة ملفا جديدا لغسل الأموال القائم على التجارة trade-based money laundering، وذلك بعد تعقب شبكة دولية عمدت انطلاقا من المغرب إلى تبييض أموال بواسطة وثائق تصدير أسمدة، واستغلال عملية تجارية ضخمة عبر مجموعة من البلدان، معروفة بمخاطرها العالية في هذا الشأن، لتنفيذ غاياتها. وأفادت مصادر مطلعة، في تصريحات لهسبريس، بأن مصالح المراقبة بالهيئة استشعرت خطر عمليات غسل الأموال انطلاقا من معطيات توصلت بها من وحدة نظيرة بالخارج، تحفظت بشأن هويتها، موضحة أن معلومات أخرى وردت أيضا، عن الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، بشأن وثائق استيراد مشبوهة، صادرة عن شركة حديثة التأسيس، لا تتناسب قدراتها المالية مع قيمة عملية تصدير الأسمدة المرصودة. وأكدت المصادر ذاتها، التي طلبت عدم الكشف عن هوية البلدان موضوع العملية التجارية المشبوهة بسبب سرية الأبحاث، أن وثائق التصدير التي تقدم بها صاحب الشركة تضمنت مسارات شحن وتفريغ ضمت مجموعة بلدان عالية المخاطر في ما يتعلق بغسل الأموال، مشددة على أن طلب التصدير انطلق من المغرب، باعتباره المقر الحاضن للشركة المصدرة، بشأن سلع مستوردة من إحدى دول أمريكا اللاتينية، على أساس تصديرها إلى دولة أخرى، بناء على تعاقد مع شركة شحن في دولة رابعة، تكلفت بعملية التفريغ والشحن إلى وجهة الاستيراد النهائية. وتوصلت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بمعطيات من الوحدة النظيرة، المشتركة في تفكيك شبكة تبييض أموال بواسطة الأسمدة، تفيد بتورط الشركة المصدرة في عملية غسل أموال مشابهة جرى رصدها سابقا، موضحة أن هذه الشركة تعمل أيضا كوسيط تجاري (ترايدر) على المستوى الدولي، حيث ضمنت وثائق التصدير مستندات تشير إلى قيامها بعملية في هذا الشأن، همت المنتج موضوع التصدير (الأسمدة). وأشارت المصادر نفسها إلى تبادل سلطة الرقابة المالية مع وحدات شريكة، في سياق الأبحاث المشتركة حول شبكة تبييض الأموال باستعمال عمليات تجارية دولية كغطاء لها، المعلومات الخاصة بهوية صاحب الشركة المصدرة والمتعاونين معه في البلدان التي شكلت مسار عمليات الاستيراد والشحن والتفريغ، مؤكدة أن بعضهم تبين تكرر تورطهم في عمليات مشابهة خلال السنوات الماضية. وتوصلت الهيئة بنسخ عن اعتمادات مستندية للاستيراد والتصدير، استخدمت في العملية التجارية المعقدة بهدف تضليل سلطات المراقبة المالية في أكثر من دولة، فأخضعتها للتدقيق من أجل تحديد قيمة المبالغ المراد غسلها في العملية، والبحث عن مصادر هذه الأموال المشبوهة بالتنسيق مع الشرطة الدولية (أنتربول)، المنخرطة في مشروع LEAP، وهو مبادرة بين الجهة المذكورة ومكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، من أجل مواجهة غسل الأموال في دول أمريكا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ. وكانت سلطة الرقابة المالية الوطنية تلقت ما مجموعه 5171 تصريحا بالاشتباه في غسل الأموال خلال سنة واحدة فقط، فيما أحالت على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش ما مجموعه 54 ملفا، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تتعلق جميعها بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال أو بالجرائم الأصلية، وبتمويل الإرهاب.