وضع "م.م" شكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان ضد "أ.ي"، مستشار أحد الوزراء في حكومتي سعد الدين العثماني الأولى والثانية، يشير من خلالها إلى أنه "تعرض لعملية نصب واحتيال من طرف المشتكى به". وأوضح محامي المشتكي أن الشخص موضوع التهمة قام بإيهام موكله بأنه يتوفر على نفوذ وتدخلات بوزارة العدل من أجل تسهيل اجتياز مباراة أو التعيين بأحد المناصب المهمة. وأضافت الشكاية أن "المشتكى به أوقع المشتكي في التغليط والتدليس من خلال تقديمه وعودا كاذبة كونه سيمكن زوجته من النجاح في المباراة، وهو الأمر الذي لم يحدث رغم تسلمه مبلغ 300.000 درهم". وأورد المحامي أن "المشتكى به بحكم اشتغاله كمدير للديوان سابقا في وزارة العدل استغل نفوذه وتواجده الدائم مع الوزير، وأخذ عددا من الصور بجواره من أجل إيهام وإسقاط ضحاياه واستغلالهم والنصب عليهم". وكشف مضمون الشكاية أنه "أثناء عملية نصب المشتكى به على موكله كانت هناك حوارات ولقاءات متعددة بينهما، الأمر الذي يمكن توثيقه من خلال عدد من المحادثات الصوتية والسمعية حسب مرفق محضر المفوض القضائي". وطالبت الشكاية ب"إجراء بحث تمهيدي في موضوع الشكاية وتقديم المشتكى به إلى النيابة العامة، مع مواجهته بمحادثاته الصوتية والكتابية مع المنوب عنه الواردة والصادرة عبر تطبيق 'وتساب'". في المقابل، نشر المتهم "أ.ي" "تدوينة" على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قال فيها: "ترددت كثيرا حتى أكتب هذه الكلمات، وترددت كثيرا في تحديد من سأتوجه إليه بها، أو ما الغاية أصلا من كتابتها، وأنا أرى البعض قد انتصب قاضيا وحكما، وأصدر في حقي أقسى الأحكام، وأنا أشهد على ممارسات بشعة عنوانها التشهير والدعاية السلبية لشخصي، وترددت كثيرا، لكن ما جعلني اتجرأ على الكتابة هو حاجة داخلية في نفسي، وصوت داخلي يخبرني بضرورة قول أي شيء لكن ليس كل شيء". وأضاف المتهم: "إنني بحق فوجئت كيف يمكن أن ينتفض هؤلاء من حولك، وكيف يمكن أن يكشفوا ما بداخلهم من حقد وغل وكراهية، فقط لأجل شبهة وتهمة وحده القضاء من له حق النظر فيها، ووحدهم المقربون من يعرفون أنها تهم واهية، وأن السبب الأول والأخير في إثارتها كان هو الشهامة؛ شهامة تعلمناها في الاتحاد الاشتراكي وجعلتنا نجعل المغرب (وطني) سابقا على كل شيء، ومن تطوان (مدينتي) أولوية الأولويات؛ أولوية دفعتنا وتدفعنا دائما إلى نكون في طليعة خدامها من أبنائها". كما ورد ضمن "التدوينة": "أنا اليوم لست ضعيفا كما يريدون، ولست مهزوزا كما يروجون؛ أنا أقوى منهم جميعا، فأنا أعلم أنني يوسف هذه القضية، والله سبحانه على علم بذلك، ولي كامل الثقة فيه أنه منصفي، وأنا قوي اليوم بما يكفي لأستمر في الدفاع عن حزبي، ولأمنع كل خصومه من النيل منه عن طريقي، وأعلن عن تجميد عضويتي فيه بكل شجاعة (دفاعا عنه) إلى حين سطوع شمس الحقيقة، فلسطوع الشمس دائما موعد حتى في الليالي الدلماء. وعموما شكرا للجميع، لمن ناصرني وحتى لمن وجد الفرصة لاغتيالي". أما محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، فأكد أن "النيابة العامة مطالبة بالبحث مع الطرفين معا وكل الأطراف المتدخلة في الموضوع، ومتابعة من سمى نفسه ضحية نصب، وأيضا المشتكى به الذي ثبت عليه تسلم المبلغ المالي (300.000 درهم)"، مضيفا أن "مثل هذه الشكايات ترفع الستار عن واقع قائم، واقع يتباهى فيه الناس بالفساد دون خجل أو شعور بالذنب أو خوف من اللوم". وأردف الغلوسي بأن "الفساد أصبح ثقافة في المجتمع لأسباب متعددة لا يتسع المجال للخوض فيها، والبعض يعتبره حقا وليس شبهة وجريمة، إذ لو تمكنت الزوجة من الظفر بالوظيفة لما تقدمت بأي شكاية أو تبليغ في الموضوع، وسيكون حصولها على المنصب بدون استحقاق وبمقابل مادي كبير ظلما وتعديا على حقوق من يستحق هذا المنصب من المتبارين". وشدد المتحدث ذاته على أن "النيابة العامة مطالبة بأن تتدخل بشكل عاجل وحازم، وأن تتصدى لهكذا ممارسات مشينة لتحصين المباريات من كل تلاعب محتمل، لأن ذلك يشيع الظلم واللامساواة في المجتمع"، موردا أن "الفساد يعبر عن نفسه في واضحة النهار، وهذا أمر مخيف". كما قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام: "لاحظوا كيف أن منصبا عاديا في الوظيفة العمومية يكلف مبلغا ضخما. عندما يصبح الاتجار بالوظيفة فاعلم أن الفساد أصبح معمما ومهيكلا دون الاكتراث بأي قوانين أو مرجعية دينية أو أخلاقية، لذلك نردد دوما أن الفساد تغول وأصبح يهدد الدولة والمجتمع وعلى الجميع مؤسسات ومجتمعا أن يتعبأ لمواجهته بصرامة، والضرب بقوة على أيدي الفاسدين والمتلاعبين بالمصالح والمسؤوليات العمومية دون تردد قبل فوات الأوان".