لم تحظ تصريحات وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، أمس الخميس، حول فواجع النقل المزدوج، التي تأتي بعد جدل "صمته" تجاه حادثة أزيلال التي أودت بحياة 11 شخصا، ب"ترحيب" من الوسط الحقوقي بالمنطقة. ورمى عبد الجليل، خلال حلوله بالندوة الصحافية الأسبوعية للناطق الرسمي باسم الحكومة، كرة مسؤولية هاته الحوادث في مرمى الجهات، بداعي "الجهوية المتقدمة، التي تعطيها مسؤولية النقل"، وفق تعبيره، على الرغم من إقراره ب "وجود استعداد للوزارة من أجل مواكبة الجهات لإيجاد حلول للتنقل بالنسبة للمواطنين". واستغرب نشطاء وحقوقيون حديث الوزير عن كون "خيار النقل المزدوج لم يعد يناسب مغرب 2024′′، ما يطرح تساؤلات حول جهوده الحالية ومساعي الوزراء السابقين في حل هاته المعضلة وتحديث الأسطول، وهو ما حاول تبريره ب "استمرار عمله على تنزيل الاستراتيجية الوطنية التي ستعالج هاته المشاكل". ولم يجد الوزير أي اختلاف لهاته الحوادث عن غيرها، إذ أكد أن "الاختلاف يوجد فقط في عدد الراكبين، وهو ما يجعل الحوادث في تلك المناطق مؤلمة"، مستدركا بأن "مسؤولية السلامة الطرقية مشتركة ويجب أن تكون متكاملة". تصريحات مرفوضة حسن الشهلاوي، رئيس المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان بجهة بني ملال-خنيفرة، قال إن تبريرات الوزير عبد الجليل "مرفوضة تماما، وليست في محلها، خاصة وأن الجهة والوزارة متكاملان". وأضاف الشهلاوي، في تصريح لهسبريس، أن المشاكل التي تحدث في الطرقات "مسؤولية مشتركة بين الجهة والوزارة"، موردا أنه "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه اجتماعات تنسيقية بينهما، يأتي الوزير لرمي الكرة في ملعب الجهات". وتابع رئيس المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان بجهة بني ملال-خنيفرة بأن "جميع الجهات المعنية مسؤولة عن هاته الحوادث، ويجب عليها أن تتحمل المسؤولية الكاملة، وتبحث بشكل مشترك عن حلول جذرية فعالة". وشدد المتحدث على أن "مطالبنا ليست باستحضار حلول سريعة، فنحن بالطبع لا نمتلك عصا سحرية، بل على الأقل استحضار المسؤولية، وتوفير رؤية واضحة مستقبلية تمنع حدوث مثل هاته الفواجع". ودعا الشهلاوي المسؤولين إلى "تجنب تحميل بعضهم البعض مسؤولية هاته الحوادث، والعمل في أقرب وقت على المناقشة والعمل الجدي لإيجاد حلول واضحة وصريحة". المسؤولية مشتركة محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، رفض هو الآخر تصريحات وزير النقل والتجهيز، قائلا: "هاته المنطقة تتميز بتضاريس وعرة، مع عجز كبير في توفير التنقل، ما يعني أن المسؤولية واضحة، ولا يمكن أن نرميها على الجهات فقط". وأضاف الديش، في حديث لهسبريس، أن "الجهوية المتقدمة، التي تخول للجهات صلاحيات عديدة، على غرار مجال الطرق، أمر مفهوم؛ غير أن الوسائل المستخدمة فيها نقاش كبير للغاية، وهنا تبرز المسؤولية المشتركة". وبين رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل أن "الواقع المعاش الذي نراه بأعيننا، وليس بمنطق الدفاع عن الجهات أو إخلائها من المسؤولية، (يكشف) أن ميزانيتها لا تكفي لتحديث هذا الأسطول الخاص بالنقل المزدوج، وهو الحال لدى العديد من القطاعات التي تعجز الجهات عن الاشتغال عليها بسبب الميزانية". واستطرد المتحدث بأن "الوزارة مسؤولة عن حادثة أزيلال وغيرها من الفواجع، وستكون مسؤولة حتى لو ثبت بالفعل أن الجهات هي من قصرت في الأمر؛ ما يعني أنها في الواجهة الأولى، ثم بعدها المسؤولية مشتركة". وشدد الديش على أهمية اتخاذ الوزارة إجراءات عملية وواقعية، خاصة فيما يتعلق بالتراخيص المقدمة للسائقين، وهو الحال لدى السلطات المحلية التي يجب أن تشدد المراقبة، مشيرا إلى أن هاته العملية صعب تحقيقها بشكل سريع، خاصة وأن الساكنة تحتاج إلى التنقل.