تبذل الحكومة الإسرائيلية جهودا كبيرة لدفع المغرب إلى الانخراط بشكل أكبر في التطورات الأخيرة للوضع في غزة، بما يشمل مسألة تحرير الرهائن الإسرائيليين الذين أسرتهم حركة حماس، وبعضهم من أصل مغربي، إضافة إلى مسألة المساعدات الإنسانية وبحث مصير قطاع غزة ما بعد الحرب، فيما لم تؤت هذه الجهود ثمارها إلى حدود اللحظة، حسب ما أفادت به وسائل إعلام عبرية. وأوضحت المصادر ذاتها أنه رغم كون السلطات المغربية سمحت لمواطنيها بالتعبير عن غضبهم إزاء تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط ومستقبل العلاقات مع إسرائيل إلا أن "حكومة الدولة اليهودية مازالت تعتقد أن المملكة المغربية يمكنها أن تلعب أدوارا مهمة في كل ما يتعلق بالحل في غزة، حتى لو لم تكن هناك أي استجابة من طرف الرباط في الوقت الحالي". وعلاقة بآخر تطورات الوضع في غزة، عبر المغرب على لسان وزير خارجيته، ناصر بوريطة، في اتصال هاتفي مع حسن الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس الثلاثاء، عن رفضه استهداف القوات الإسرائيلية مدينة رفح، محذرا في الوقت ذاته من العواقب الإنسانية الكارثية التي سيُخلفها هذا الهجوم. تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية السابع من أكتوبر، تاريخ انطلاق الحرب بين حماس وإسرائيل، المستمرة إلى حدود كتابة هذه الأسطر مخلفة آلاف الضحايا والجرحى والنازحين، دخلت العلاقات المغربية الإسرائيلية في مرحلة "برود دبلوماسي" بعدما وصلت إلى أوجها في النصف الأول من العام الماضي، من خلال تبادل الزيارات بين مسؤولي الدولتين وتوقيع عدد من الاتفاقيات التي همت مختلف المجالات. غير أن الرباط ظلت رغم ذلك تربط تحقيق تقدم في علاقاتها مع تل أبيب بنوايا هذه الأخيرة تجاه الفلسطينيين، ووقف الاستيطان، وهو ما كان سببا في تأجيل قمة النقب الثانية التي كانت مقررة في المغرب مرات عديدة. في السياق ذاته، وعلاقة بتأثير تداعيات الحرب في غزة على علاقات البلدين، كشفت معطيات رسمية صادرة عن "معهد اتفاقيات أبراهام للسلام" أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين سجل خلال شهر أكتوبر الماضي انخفاضا كبيرا بنسبة 61 في المائة، مقارنة بالأرقام المحققة في الشهر ذاته من العام 2022. يذكر أن المملكة المغربية اتخذت مواقف حازمة تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية التي يقودها جيش الدولة العبرية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو ما ظلت إسرائيل ترفضه، مؤكدة أن عمليتها العسكرية "السيوف الحديدية" ستتواصل إلى غاية دحر من أسمتهم "الإرهابيين"، مسنودة في ذلك بدعم غربي واضح، خاصة من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية التي استخدمت حق النقض ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار. وعلى المستوى الشعبي، خرجت مسيرات حاشدة في عدة مدن مغربية منذ السابع من أكتوبر تنديدا ب"العدوان" الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامنا مع الفلسطينيين المحاصرين في القطاع، وللمطالبة بوقف "التطبيع" و"الإبادة الجماعية"، آخرها المسيرة التي خرجت الأحد الماضي في الرباط، وعرفت مشاركة السفير الفلسطيني المعتمد في المغرب. إنسانيا، أرسلت الرباط بتعليمات من الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، أواخر أكتوبر الماضي، 25 طنا من المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، محملة في طائرتين عسكريتين؛ كما أمر العاهل المغربي بتخصيص منح إضافية للطلبة الفلسطينيين في المغرب. وأشادت منظمة التحرير الفلسطينية بهذه الخطوات، مؤكدة على ثبات مواقف المملكة والتزامها الراسخ بإيجاد حل للقضية الفلسطينية بما يضمن حقوق وكرامة الشعب الفلسطيني.