ما زال "شبح" أزمة الماء فارضا نفسه بقوة في النقاشات العمومية بالبرلمان، وقد تجلى بوضوح عبر مضامين حوالي 10 أسئلة شفهية –أغلبها آنية– طرحتْها فرق الأغلبية كما المعارضة بمجلس النواب، مساء اليوم الاثنين 22 يناير الجاري؛ فيما طمأن نزار بركة، وزير الماء والتجهيز، بأنه "تمت تلبية حاجيات الماء الصالح للشرب بصفة مُرضية رغم تراجع المخزون المائي بالسدود، باتخاذ عدد من التدابير الاستباقية والآنية وإنجاز مشاريع مهيكلة تنفيذا للتوجيهات الملكية في خطاب 14 أكتوبر 2022". بركة، الذي بسط جوابا مفصلا موحدا حول موضوع "تسريع الأوراش المبرمجة لتوفير مياه الشرب"، أفاد بأن التساقطات المطرية الأخيرة مكنت من "خفض نسبة العجز المائي" التي سبق التصريح بها، مفيدا بأنها "تراجعت من 70 في المائة إلى 57 في المائة، بالمقارنة مع السنوات العادية، ثم بنسبة 37 في المائة مقارنة مع السنة الماضية". وقال بهذا الشأن: "هذه الأمطار مَكنت من ارتفاع الواردات المائية المتعلقة بالسدود ب50 مليون متر مكعب"، ليصبح 646 مليون متر مكعب كواردات إضافية ابتداء من شهر شتنبر إلى يومنا هذا". وتابع الوزير مستعينا بمؤشرات مرقمة محينة: "عرفت السنة الهيدرولوجية، منذ فاتح شتنبر 2023 وإلى غاية 19 يناير الجاري، عجزا في التساقطات المطرية قُدر بنحو 70 في المائة"؛ فيما "تراوح تراكُم هذه التساقطات ما بين 0,2 ملم بالداخلة و423 ملم بطنجة؛ مما انعكس سلبا على مستوى مخزون المياه في السدود"، مسجلا أن "نسبة ملء السدود يوم 19 يناير 2024 لم تتجاوز 23,2 في المائة عوض 31,5 في المائة في التاريخ نفسه من السنة الماضية. ولم تتعد الواردات المائية بالسدود 621 مليون متر مكعب، مما يشكل عجزا يقدر ب84 في المائة مقارنة بالمعدل السنوي للواردات للفترة ذاتها". وسعى وزير الماء إلى إبراز "عمل الحكومة الحالية على تسريع وتيرة إنجاز مشاريع البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي بلغ بعد تحيينُه 143 مليار درهم، بغية تأمين التزويد بالماء على نطاق واسع خاصة من خلال تنويع مصادر التزود بهذه المادة الحيوية من مياه اعتيادية وغير اعتيادية وترشيد استغلالها وتدبيرها بطريقة مندمجة من خلال إعطاء دفعة قوية لإنجاز المنشآت المائية المهيكلة"، وفق تعبيره. ونظرا لأن "الوضع المائي دقيق جدا ويتطلب منا مجهودا جماعيا، ليس فقط من طرف المواطنين أو الجهات الرسمية، بل إن "الأهم هو تغيير كيفية التعامل مع ندرة المياه والوعي بأنها إشكالية هيكلية"، شدد بركة داعيا ل"تغيير الممارسات اليومية في هذا الإطار". ومن منصة البرلمان مجددا، عاد بركة إلى التذكير بأن "بلادنا عرفت، في السنوات الخمس الأخيرة، فترات جفاف متواصلة أثرت سلبا على الموارد المائية؛ وهو ما يجعلنا نعيش إجهادا مائيا متواصلا"، في نبرة إقرار صارمة، منبها إلى أنه بالرغم من كل التساقطات المطرية الأخيرة التي جادت بها سماء المغرب فإنه "اليوم عندنا أكثر من 3 مليارات متر مكعبة مقارنة مع 5 مليارات السنة الماضية في الفترة ذاتها". حدة الإشكالية ترفع "التواصل والتحسيس" "الإشكالية المائية لا تزال مطروحة بحدة"، أقر الوزير لافتا إلى أن هذا ما استدعى انعقاد "جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك، وتم خلالها وضع خارطة طريق جديدة وبرنامج مستعجل من أجل مواجهة هذه الإشكاليات"، مشددا على "أهمية قصوى لعمليات التواصل والتحسيس المستمر مع رفع وتيرتها في مختلف الميادين بما فيها الفلاحية والصناعية من أجل عقلنة الاستعمالات لهذه المادة الحيوية". وبعدما ذكر بركة نوابَ الأمة ب"تفعيل لجن اليقظة جهويا ومحليا لتتبع حالة الموارد المائية والعمل على التدبير العقلاني للموارد المائية المتاحة"، مع "الحث على الاقتصاد في الماء وتكثيف التواصل والتحسيس بظروف الجفاف المتواصل للحد من التبذير"، كشف أنه يجري "العمل على حملة تواصلية جديدة تُدمج ليس فقط إشعار وتحسيس المواطنات والمواطنين بالإجهاد المائي وانعكاساته على ماء الشرب والسقي؛ بل قطاعات الصناعة (ضرورة معالجة المياه العادمة بالمناطق الصناعية) والفلاحة (لضمان الأمن الغذائي ورفع السقي بالتنقيط ليصل مليون هكتار)، ثم "حملات تحسيس واسعة النطاق لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية". "سد خصاص مياه الشرب" تتلخص "حصيلة المنجزات لسد الخصاص المائي وتوفير مياه الشرب"، وفق معطيات الوزارة الوصية، في "إنجاز قناة ربط شبكة مياه الشرب لشمال الدارالبيضاء بشبكة جنوبالمدينة لضمان مياه الشرب للدار البيضاء من تحويل المياه من سبو لأبي رقراق بسد سيدي محمد بن عبد الله ومن ثمة لمنظومات الربط المائي للمدن بين الرباطوالدارالبيضاء". كما ذكر بركة "وضع مضخات الضخ في حقينات السدود التي عرف مستواها تدنيا بسبب انخفاض الواردات المائية لاستغلال مياهها لأغراض الماء الصالح للشرب"، مع "استغلال مياه محطات الضخ بحوض ملوية لسد عجز مياه الشرب ببعض مدن ملوية السفلى، وتعزيز اللجوء إلى المياه الجوفية عبر إنجاز أثقاب جديدة لدعم التزويد بالماء الصالح للشرب". وتحدث الوزير عن "ضمان الماء الشروب لمواطني القرى (أثقاب مائية وشاحنات صهريجية ومحطات متنقلة لتحلية مياه البحر والمياه الأجاج) مع تخصيص دعم مادي مهم من أجل إنجاز مشاريع للتزويد بالماء الشروب"، مؤكدا استمرار العمل على "تقوية وتأمين الماء الشروب بالوسطيْن الحضري والقروي من طرف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في إطار البرنامج الوطني للماء الشروب". وضمن حصيلة المنجَز، عدّ المسؤول الحكومي "برنامج تقوية وتأمين الماء الصالح للشرب بالوسط الحضري لإنجاز مشاريع انطلاقا من المياه السطحية والمياه الجوفية ومشاريع تحلية مياه البحر بكلفة 30,2 مليار درهم بنسبة إنجاز 54 في المائة مكنت من تجهيز صبيب إضافي قدره 1,24 مليون متر مكعب يوميا". كما عرج على "برنامج تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالعالم القروي"، إذ "مكنت الاستثمارات، التي خصصت لهذا البرنامج 13,4 مليارات درهم، من التدخل في تسيير مرفق الماء الصالح للشرب على مستوى 46 مركزا جديدا وكذا من تزويد 6 آلاف و474 دوارا بالماء الصالح للشرب"، مشيدا ب"تحسين مردودية تجهيزات الإنتاج وشبكات توزيع الماء الشروب باستثمارات 7 مليارات درهم، لتصل 78 في المائة؛ مما وفر قرابة 13 مليون متر مكعب يوميا".