في بلاد المهجر،أحن لمتابعة اخبار وقضايا مغربي الغالي،وبعد جولة رقمية عبر الفضائيات المغربية أنال منها قسطي من التفاهة والملل،ينتهي بي المطاف امام شاشة الجزيرة : بث حي متواصل لأحداث العالم بحرفية وإتقان ، امكانيات هائلة، صور بجميع الوان الطيف ،مع ميل كبير للون الأحمر، لون الجزيرة بامتياز! "" عناوين رنانة وطنانة تكاد بتركيبها اللغوي والشعري تأخذ لك الثأر من إعلام عربي لا تعلم منه شيئا. منبر من لا منبر له جميل جدا ! حتى في الدول الديمقراطية التي اخترعت حرية التعبير،لا منبر للمتطرفين والعنصريين والظلاميين. وهذه الفئات منتوج إعلامي فعال في سياسة الجزيرة. ̈ منبر من لا منبر له ̈ يعطي أهمية كبيرة ̈لمعاناة ̈ المهاجرين المغاربيين في الدول الأوربية والأمريكية من ̈البطالة والعنصرية والمضايقات ̈؛ لكن لا منبر للمهاجرين (العمالة) في الخليج ؛ والذين يعاملون كالدواب الأليفة ، محرومون من أدنى الحقوق. لا منبر ولا خبر على قناة الجزيرة للتاجر الأفغاني الذي عذب على يد أمير إماراتي ، بسادية وهمجية لم نراها في أبو غريب وكوانتانامو. الإتجاه المعاكس مهما حاولت عكس اتجاه انتقادات الجزيرة ، لن تخرق (الانتقادات) أبدا أجواء الخليج العربي. بإمكان صحفيي الجزيرة مشاهدة الطائرات الحربية ،تنطلق من القواعد الأمريكية في قطر ،لشن ̈غارات عدوانية على العراق الشقيق. طائرات تنقل الصواريخ من قطر تجاه بغداد ! نقل حي لقناة الجزيرة مصحوب بالإدانة والإستنكار من بغداد! اتجاهات معاكسة لا يمكن فهمها إلا في مطبخ الجزيرة. الرأي والرأي الآخر رأي الجزيرة ينحصر على الآخرين ! بعيدا على قطر والخليج ،يصب على أقطار أقصى ما يمكن ، كالمغرب الأقصى . بعيدا عن أي تحيز وطني ، لا أفهم إلحاح الجزيرة على الإساءة الإعلامية للمغرب ! ؟ تحول المغرب في السنوات الأخيرة من ملكية قمعية إلى ملكية مؤسساتية لازال الملك يتحكم به في كل شيء ؛ وبعيدة على الديمقراطية بالمعيار الغربي . لكن، وبشهادة العالم كله ، يخوض المغرب تجربة سياسية ذات طموح ديمقراطي لا مثيل لها في العالم العربي ، بمشاركة مجتمع مدني ذو حيوية وجرأة لا يمكن للجزيرة أن تستغني عنه ̈لملأ ̈ برامجها،كالحصاد ألمغاربي، وشاهد على العصر وغيرها. في المغرب مؤسسات قلما تجد لها نظيرا في العالم العربي ، خاصة في الخليج ، حيث تبقى كلمة ̈الانتخابات ̈ كلمة دخيلة وغريبة ،وتبقى تغطية الجزيرة مقتصرة على أسواق المال وأسعار البترول. في المغرب صحافة منتعشة اخترقت جميع طبوهات ومحرمات المجتمع ، وتبقى المحاكمات الكثيرة والجائرة في الغالب ، التي يتعرض لها الصحفيون ذليلا على حيوية ونشاط هذا القطاع. وعلى ذكر الصحافة والإعلام ،أشكر أحمد منصور على أعماله وتحرياته التي مكنتنا ،نحن المغاربة، من قراءة أجزاء حساسة من تاريخنا على الشاشة ، وأتمنى له حظا سعيدا للمثابرة ، لأننا نجهل تاريخ باقي العالم العربي من الجزائر إلى الخليج ! وسيتذكر حينئذ أنه نسي شكر المغاربة على ظروف العمل وكرم الضيافة !ويشرح بعمق الفرق بين الدموع الإنسانية ، والدموع السياسية . نهج المغرب إصلاحات ومخططات ماكرو اقتصادية وتنموية بدأت تؤتي أكلها بتأكيد المؤسسات المختصة هل سمعتم شيئا من هذا كله على قناة الجزيرة ؟؟؟ أحداث سيدي افني أجبر صحفي شهير في فرنسا اسمه ̈الكبش ̈ على الاستقالة من منصبه كمدير لراديو ̈ أوروب1 ̈ ، لأن إذاعته استبقت خبر موت المغني ̈سوفرن ̈ بساعات قليلة. مات المغني واعتذر المدير لأن إخبار الناس له قواعده حتى في بلدان حرية الإعلام . على إثر أحداث سيدي إفني المؤسفة ، أعلنت الجزيرة قتل عشرة مدنيين على يد قوات الأمن بشكل عادي ، ولما تأكد أن أحدا لم ̈يستشهد ̈ ،مسحت الجزيرة الشاشة ، واستأنفت برامجها آسفة على سلامة المدنيين ، وحرمان مشاهديها من الجرعة اليومية للدم والفظاعة . فلا زعزعة أمن بلد كالمغرب، ولا استنكار السلطات الرسمية يهم الجزيرة .. الجزيرة تصنع الرأي في العالم العربي وفق قوانينها، فوق قوانين الآخرين. اكتشف المغاربة في السنين الأخيرة ، بفضل القدر المسموح به من حرية التعبير ، أن بلدهم كان مسرحا للقاء الحضارات والأجناس عبر التاريخ ، وأنهم أمازيغيون وعرب ويهود وأفارقة وغيرهم ...وأصبحوا يطمحون إلى مغرب متعدد الثقافات واللغات ، في جو من المواطنة والمساواة ، في تمازج يغني الجميع حيث لا يسيطر أحد على آخر . وهذا المشروع المجتمعي لأغلبية المغاربة كارثة قومية في نظر الجزيرة، وهي لسان عرب يحنون لعصر السيف والغنائم. [email protected]