لا اتفاق بين الشغيلة التعليمية بعدما بدا أن هناك تعطلا ما في قنوات "التفاهم" بين التنسيقيات التي تدعو إلى الإضراب وتُواصل "شل" المدرسة العمومية وبين النقابات المركزية التي تتفاوض مع اللجنة الثلاثية التي كلفها رئيس الحكومة بمتابعة هذا الموضوع، فكلما أعلنت جهات الحوار "مخرجا" إلا وقابله التنسيق الوطني لقطاع التعليم بإضرابات جديدة؛ ما يحيل على أن "ملف التعليم صار يدخل نفقا مسدودا إذا كانت المخرجات لا تنعكس على رفع الإضرابات". وعلى الرغم من أن الحكومة "جمدت" النظام الأساسي الذي تسبب في كل هذا الاحتقان، فإن رجال ونساء التعليم يعتبرون أنه "لا بد من صدور مرسوم في الجريدة الرسمية يوقف العمل به بشكل قانوني ورسمي والتراجع عن مضامينه لأجل "إعادة الثقة" في الحوار"؛ وهو ما تمثل مجددا في رفض التنسيق الوطني للمخرجات التي أعلنت عنها الحكومة المغربية بمعية النقابات أمس الأحد، والتي تضمنت زيادة قدرها 1500 درهم سيتم تقديمها على دفعتين. "لا عودة بلا كرامة" زهير هبولة، عضو المكتب الوطني ل"التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية المقصيين من خارج السلم"، قال إن "التنسيق الوطني لقطاع التعليم يرفض أي مخرجات لم يشارك فيها المعنيون بها، وهي التنسيقيات الفئوية التي تعرف مطالبها جيدا"، مبرزا أن "النقابات التي تتفاوضُ مع الحكومة لم تدع إلى الإضرابات؛ وبالتالي هي ليست معنية بهذا النقاش، بينما النقابة التي رفضت التوقيع على 14 يناير ما زالت الجهات الرسمية تواصل إبعادها". وأوضح عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "الشغيلة التعليمية لا تقبل ب25 درهما في اليوم، وتتمسك بالزيادة في الأجور ب3 آلاف درهم كحد أدنى"، مؤكدا أن "المعركة ليست مادية أو خبزية، كما تم التسويق لها باتفاق الزيادة أمس الأحد"؛ بل هناك "مطالب تتعلق بالكرامة، وبرد الاعتبار للأستاذ ولمهنة التدريس التي لن نتخلى عنها وسنواصل الإضرابات إلى حين أن نحصل على ضمانات كافية، بعدما خلقت وزارة التربية الوطنية أزمة حوار بإشراك مجموعة من النقابات التي كانت تجرها دائماً إلى التفاوض". وأشار هبولة إلى أن "العودة إلى الحجرات المدرسية هي خيار للتنسيق الوطني لقطاع التعليم؛ وحين نشعر بأن هناك اتجاها جديا لحل الملفات العالقة، فحينها يمكن أن نفكر في الموضوع لأن هناك مشكلة ثقة حقيقية تطبع هذا القطاع اليوم نظرا لكون الوزارة لم تجب حتى الآن عن الاتفاقات السابقة التي نعدها أولوية بالنسبة إلينا"، مشددا على أن "الحكومة والوزارة لا بد أن تلتزم بحلها قبل الزيادة الهزيلة في الأجور التي أعلن عنها أمس والتي لم تزد سوى صب الزيت على النار". وأكد المتحدث ذاته أن "الشغيلة التعليمية لا تقبل بأية مُخرجات لا تشارك فيها التنسيقيات الفئوية بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال استدعاء الجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي التي هي عضو في التنسيق الوطني"، مبرزا أن "سياسة ربح الوقت أو الهروب إلى الأمام التي تراهن عليها الوزارة صارت مكشوفة، ونعرف كيف نستطيع التعامل معها من خلال التصعيد ومواصلة الإضرابات، لأن هذه ليست معركة أو حرب؛ بل هو نضال لأجل نيل الحقوق ولأجل الكرامة". "لم يعد هناك مبرر" لا يؤمن الصادق الرغيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن هناك "انقساما في الجسم التعليمي، نظراً لأن الذي يُحاول التشويش على مخرجات النقابات المركزية في حواراتها مع الحكومة ينطلق من خلفيات أخرى ليست بالضرورة تعليمية"، مؤكدا أن "هذه التفاوضات الحاسمة والتاريخية التي ستعيدُ لمهنة التدريس قيمتها ستكون نقطة فصل بين من يدافع عن هذه المهنة ومن له أهداف وغايات أخرى". وجوابا عن سؤال هسبريس بخصوص "إمكانية إشراك التنسيقيات الفئوية في المفاوضات مع الحكومة"، رفض الرغيوي هذه الفكرة دافعا ب"المانع القانوني"، مؤكدا أن "الحكومة أو الوزارة الوصية أو اللجنة الثلاثية لن تستطيع خرق القانون، الذي يعترف بالنقابات فقط كشركاء اجتماعيين، والحكومة لا يمكن أن تتفاوض أو تجلس مع التنسيقيات"، وأضاف: "هذا طبعا ليس ضد التنسيقيات، التي لا نعتبرها جسما غريبا عنا؛ بل هي جزء من هذا النسيج الذي يجمع الشغيلة التعليمية". وأوضح المتحدث أن "نساء ورجال التعليم هم عقلاء ولهم ما يكفي من الوعي ليفهموا مصالحهم الحقيقية ومصالح المدرسة المغربية والمصلحة الفضلى للتلاميذ والتلميذات. لذلك، هم يعرفون جيدا أن الإطار الوحيد القانوني والدستوري والمؤسساتي الذي يدافع عنهم هو النقابات؛ لأننا في دولة القانون والمؤسسات"، مشيراً إلى أن "التنسيقيات التي تواصل الحشد والتعبئة والدعوة للإضراب هي إفراز طبيعي للبلوكاج الذي عرفه القطاع لأزيد من عشر سنوات". ودعا الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم رجال ونساء التعليم إلى "العودة إلى المدارس، ومواكبة التفاوض مع الجهات الرسمية؛ لأنه لم يعد هناك أدنى مبرر ليكون الأساتذة خارج الحجرات المدرسية"، مؤكدا أن "مخرجات أمس بالزيادة في الأجور هي مجرد خطوة ضمن مسار نضال النقابات المركزية لأجل مصلحة الأستاذ وكرامته"، ومعتبراً أن "التاريخ سيبرز من يدافع عن المطالب المشروعة. وحينها، سينكشفُ زيف الادعاءات والخلفيات، وستنفضحُ الجهات التي تسعى إلى أهداف تخريبية وليست تعليمية".