قامت اللجنة المركزية للتنسيق الجهوي المتعلقة بمحاربة الهجرة غير الشرعية بزيارة لمجموعة من مناطق المراقبة؛ من بينها الناظور والحسيمة ثم طنجة، فضلا عن الواجهة الأطلسية للأقاليم الجنوبية بجهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة-وادي الذهب. وحسب الموقع الرسمي للقوات المسلحة الملكية على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن "هاته الزيارة، التي تشمل وفدا عسكريا، تأتي في إطار جولات تتم بشكل مستمر". وتناقلت مصادر متطابقة أن "هاته الزيارة عرفت وجهة مدينة لكويرة، أقصى نقطة حدودية من المملكة المغربية"؛ فيما لم تشر القوات المسلحة إلى ذلك. وعلى العموم، تبقى زيارة الواجهة الأطلسية للمملكة ذات دلالات سياسية مهمة، لأنها تشكل شهادة مهمة لدور القوات المسلحة الملكية في مكافحة الهجرة غير الشرعية نحو جزر الكناري التي سبق أن أشادت بدور الرباط في تقليص هاته الظاهرة. محمد أكضيض، خبير أمني، قال إن "هاته الزيارة تنسجم مع التوجه الملكي لجعل المنطقة الأطلسية في طليعة الواجهات البحرية المغربية الرائدة على المستوى العالمي، والأكثر تأمينا من أية ظواهر سلبية على غرار الهجرة غير الشرعية". وأضاف أكضيض، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "تأمين الواجهة الأطلسية من الهجرة غير الشرعية بنية أولية عززتها القوات المسلحة الملكية لجعل المنطقة، وفق التوجه الملكي، واجهة لجذب الاستثمارات الأجنبية وأرضية لتأهيل العنصر البشري واحترام حقوق الإنسان". وشدد الخبير الأمني ذاته على أن "الجهود المغربية في الحد من الهجرة غير الشرعية، خاصة على مستوى الواجهة الأطلسية، تعد محفزا كبيرا للدول الإفريقية لكي تشارك هي الأخرى في هاته الجهود النبيلة". وزاد المتحدث عينه: "لولا هاته المجهودات الكبيرة للقوات المسلحة الملكية لعرفت جزر الكناري وأوروبا مخاطر عديدة. وهنا، تحضر المقاربة الأمنية الفعالة للقوات المسلحة الملكية التي تنخرط بجدية في الجهود العالمية لمكافحة الهجرة غير الشرعية". واعتبر محمد أكضيض أن "القوات المسلحة الملكية تنخرط، اليوم، في مشروع التنمية التي يدعو إليها العاهل المغربي وتعز قيمتها الإنسانية والمسؤولة على المستوى العالمي". من جانبه، أفاد عبد الفتاح الفاتحي، محلل سياسي، بأن "هذه الزيارة تأتي غداة صدور تقرير أمريكي يشيد باحترافية المملكة في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وكذا بعد انتخاب المغرب لتنظيم الدورة ال52 للجنة العامة للإنتربول". وأضاف الفاتحي: "هذا الأمر يعكس مصداقية وكفاءة المملكة المغربية على المستوى الأمني وموثوقيتها في الوفاء بالتزاماتها في تعاونها القضائي والأمني، والذي مكن العديد من الدول الأوروبية في استباق وقف تنفيذ عمليات إرهابية داخلية". واسترسل المتحدث لهسبريس شارحا: "ولأن الكويرة وسواحل المملكة الجنوبية تعد من التحديات الكبرى للمملكة على مستوى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المهاجرين؛ فإن المغرب يحرص على تعزيز وجوده العسكري بمختلف المناطق الجنوبية تحسبا لما يلعبه المغرب من أدوار ريادية على مستوى تعزيز الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء". "ويستتبع هذه التطورات تفعيل مضامين خطاب ذكرى المسيرة الخضراء الأخيرة الذي عبر عن رؤى اقتصادية وأمنية ضمن استراتيجية مغربية حيال المنطقة الأطلسية التي من المنتظر أن تشكل توجها جيوسياسيا واقتصاديا وامنيا في الأمد المنظور"، قال الفاتحي. وشدد المحلل السياسي على أنه "يجمعنا الكثير مع موريتانيا. وهذه الروابط تفرض التعاون الثنائي لصالح المنطقة الأطلسية، ولاسيما فيما يتعلق برؤية المغرب لحل مشكلة الأمن في منطقة الساحل والصحراء بعد فشل المقاربة الأمنية، إذ ستكون موريتانيا مضطرة إلى التعاون مع المغرب بعد انسحاب النيجر وبوركينا فاسو يوم أمس من مجموعة الساحل". وخلص الفاتحي إلى أن "أحد أعضاء مجموعة الساحل الخمس، وهي التشاد، عبرت عن انخراطها في الخطة المغربية لتمكين المنطقة الساحلية من الانفتاح على الواجهة البحرية الأطلسية"، مبرزا أن "هاته الزيارة تشكل استجابة مهمة لهذا الانخراط الإفريقي الوازن".