كانت استطلاعات الرأي في هولندا بعد خروج الناخبين، والتي أظهرت فوز اليمين المتطرف بزعامة غيرت فيلدرز فاز، "أكبر عدو" للجالية المغربية والمسلمة ببلاد الطواحين، ك"الصدمة غير المتوقعة" و"المهددة بزلزال سياسي حقيقي". ويعيش مغاربة هولندا على وقع "ترقب" و"خيبة" أمل كبيرين بعد إعلان نتائج الاستطلاع الذي أنجزته "إيبسوس"، الذي يشير بوضوح إلى تفوق "حزب الحرية" المتطرف والمعادي للإسلام والمهاجرين في الانتخابات التشريعية ب 35 مقعدا وتراجع اليسار ليحصل على 25 مقعدا واليمين المعتدل ب24 مقعدا. وفي سنة 2017، وصف اليميني المتطرف غيرت فيلدرز فاز الجالية المغربية ب"الحثالة"، معتبرا أنهم "يجعلون شوارع هولندا غير آمنة تماما". وفي سياق هجومه الواضح على المغاربة والمسلمين، فقد وضع السياسي الهولندي مجموعة من الوعود التي لا تزال قائمة؛ منها غلق المساجد، وحظر الهجرة نحو هولندا أمام المسلمين. وسبق أن أيدت محكمة الاستئناف الهولندية إدانة السياسي اليميني المتطرف سالف الذكر، بتهمة "إهانة جماعية للمغاربة"؛ لكن ذلك دون فرض أية عقوبة عليه. وفي أول ردود الفئة المسلمة في هولندا، قال محسن كوكتاس، رئيس "هيئة التواصل بين المسلمين والحكومة"، إنه "كمسلم يشعر بالقلق في حالة فوز اليمين المتطرف"، معتبرا أن " المسلمين هنا يعيشون حاليا وقتا عصيبا". وعلى العموم، لن يكون القلق منحصرا في الأراضي الهولندية، إذ من المرتقب أن يصل إلى العلاقات مع الرباط، والتي بدأت في التحسن منذ إعلان أمستردام حيادها الإيجابي في قضية الصحراء المغربية. لم نقم بدورنا ولا يخيفنا فاز وعودة إلى الجالية المغربية، قال محمد الطلحاوي، فاعل مدني مغربي بهولندا، إن "إمكانية صعود هذا المتطرف سببها أننا نحن كمغاربة مسلمين لم نقم بدورنا كما يجب، إذ غالبيتنا لا تصوت بسبب جهلها كيفية القيام بذلك". وأضاف الطلحاوي لهسبريس أن "المشكل الثاني هو غياب اتحاد فيما بيننا، إذ لو كنا كجمعيات المجتمع المدني والفاعلين في الشأن الديني لاعبين أساسيين متحدين في الانتخابات لما اقترب فيلدرز فاز من الصعود بهذا الشكل الصادم للغاية". وبيّن المتحدث ذاته أن "مسألة الخوف من هذا المتطرف مستبعدة؛ لأننا بالأساس في دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن "الناخب الهولندي بيّن بالفعل عنصريته تجاهنا". وأورد الطلحاوي أن "هذا المستجد الخطير والصادم سيجعل الجالية المغربية تستيقظ من سباتها، وسيحتم علينا العمل لإظهار صورتنا الحقيقية"، لافتا إلى أن "مرور اليمين المتطرف لن يكون بالسهولة، خاصة في مرحلة تشكيل الحكومة؛ ما يعني أننا نتوقع إعادة الانتخابات لاحقا". وزاد: "صعود فاز سيهدد التعليم بالعربية والتعاليم الإسلامية، وسيعرقل عملية الهجرة الشرعية، ولن يعطب حياة المغاربة فقط؛ بل أية جالية مسلمة في هولندا ستعيش واقعا مريرا للغاية"، وفق تعبير المتحدث. وخلص الطلحاوي إلى أن "الجالية المغربية ستصمد في جميع الاحتمالات، وستواجه بقوة حفاظا على مصالحها، ولن تهاجر هولندا؛ لأنها تعتبرها وطنها الثاني، والذي به حقوق الإنسان والقانون الذي يطبق فوق الجميع". استبعاد تأثر العلاقات مع المغرب وفي شق العلاقات مع المملكة المغربية، سجلت شريفة لموير، محللة سياسية، أن "صعود اليمين المتطرف في هولندا مثير للتوجس، خاصة أنه معروف بمناهضته للمسلمين وللهجرة؛ لكن على المستوى علاقته بالمغرب فلن يكون تأثيرا ذا انعكاسات كبيرة". وأضافت لموير لهسبريس أن "تركيز اليمين المتطرف في العلاقات مع المغرب سوف ينصب على موضوع الهجرة، وما خلفه الموضوع بين مؤيد ومعارض حتى على الحكومة السابقة". وأوردت المحللة السياسية ذاتها أنه "من المستبعد أن تفتح الحكومة الهولندية الجديدة جبهة توتر أخرى مع المغرب في هاته الظرفية بالذات، التي أصبح فيها المغرب يشكل رقما أساسيا على المستوى القاري". وأشارت المتحدثة عينها إلى أن "مستوى العلاقات لن يعرف تغييرا مهما من شأنه التأثير على العلاقات بين البلدين؛ وعلى رأسها موقف هولندا، المتمثل في الحياد الإيجابي من قضية الصحراء المغربية". وسجلت لموير أن " المشهد السياسي الهولندي سوف يعرف توترا كبيرا بصعود اليمين المتطرف المعادي للمسلمين والمهاجرين؛ ما يعني أن امتداد هذا التوتر سوف يكون منحصرا خارجيا على المستوى الأوروبي".