بعد أن كثُر الجدل حولها خلال السنوات الأخيرة، طالبت وزارة الداخلية الجماعات الترابية بعدم استعمال سيارات المصلحة التابعة لها إلا في الأغراض الإدارية. جاء ذلك في دورية وجهها وزير الداخلية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات وعمالات المقاطعات وأقاليم المملكة حول إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2024، حيث طالب الوزير الوصي على القطاع الجماعات الترابية ب"التحكم في نفقات الوقود والزيوت عن طريق إحكام التصرف في نفقات الآليات ووسائل النقل الإدارية، مع التأكيد على استعمال سيارات المصلحة للأغراض الإدارية دون سواها". وزارة الداخلية طالبت الجماعات الترابية أيضا ب"التقليص لأقصى حد من نفقات النقل والتنقل داخل وخارج المملكة ونفقات الاستقبال وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات وكذا نفقات الدراسات وغيرها من النفقات غير الضرورية"، إضافة إلى "عقلنة النفقات المتعلقة بالاتصالات" و"ترشيد النفقات المتعلقة بدعم الجمعيات". كما طالبت الوزارة الجماعات الترابية ب"التزام الجدية كمبدأ رئيس خلال إعداد ميزانيتها برسم سنة 2024′′، من خلال تنفيذ عدد من الإجراءات التي اقترحتها الوزارة لعقلنة التدبير المالي للجماعات الترابية. ومن بين الإجراءات التي دعت الداخلية إلى اتخاذها ترشيد نفقات التسيير للجماعات الترابية، وتحديد الحصص الإجمالية من الضريبة على القيمة المضافة، وترشيد نفقات التجهيز للجماعات الترابية، وتنمية مواردها الذاتية، واعتماد نظام للمحاسب خاص بها. وبخصوص تنمية الموارد الذاتية للجماعات الترابية، أكدت الوزارة أن هذا الرهان "يعتبر من أهم الرهانات التي ينبغي كسبها في إطار مسلسل الجهوية المتقدمة الذي انخرطت فيه بلادنا"، مشيرة إلى أنه "يتعين على الجماعات الترابية الانخراط في مجموعة من الأوراش التي تهم تعزيز هذه الموارد". وتعول الداخلية على الجبايات لتنمية الموارد الذاتية للجماعات الترابية، حيث شددت على أنه يتعين على المصالح الجبائية للجماعات "تحصيل الرسوم والأتاوى المستحقة طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل"، وأنه يتوجب عليها إعداد برامج لتعبئة مواردها الذاتية. الرافعة الثانية التي تعول عليها وزارة الداخلية لتنمية الموارد الذاتية للجماعات الترابية تتعلق بإحداث شركات للتنمية المحلية من أجل مواكبتها في تنمية وتدبير هذه الموارد، مشيرة إلى أن من شأن إحداث مثل هذه الشركات العمل على اعتماد أساليب التدبير الحديثة في ميدان جبايات الجماعات الترابية، لا سيما بالنسبة للعمليات المتعلقة بإحصاء الوعاء الجبائي، وتحصيل المداخيل المتأتية من مختلف الرسوم والأتاوى والحقوق المستحقة لفائدتها. وبخصوص كراء الأسواق الأسبوعية والمجازر الجماعية، أوضحت وزارة الداخلية أن الجماعات الترابية يتعين عليها إعداد دفاتر لتدبير هذه العملية تستحضر مقتضيات القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة. وفيما يتعلق بترشيد نفقات التسيير للجماعات الترابية، دعت وزارة الداخلية الولاة والعمال إلى مراقبة مدى احترام الجماعات الترابية للمقتضيات القانونية المضمّنة في القوانين التنظيمية، والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقها، مشددة على "إدراج الميزانيات للكلفة السنوية الاعتيادية للنفقات وحصر المقترحات في الاحتياجات الضرورية". كما شددت على "وجوب إيلاء أهمية خاصة لترشيد النفقات مع إعطاء الأولوية للنفقات الإجبارية كنفقات الموظفين والإنارة العمومية واستهلاك الماء والكهرباء وأصل وفوائد الدين وجمع ومعالجة النفايات المنزلية وتسيير النقل العمومي وصيانة التجهيزات الجماعية... وذلك قصد تجنب تراكم أي متأخرات في هذه النفقات الضرورية لضمان السير العادي للمرفق العام". وأوضحت الوزارة أنها ترمي من الإجراءات التي طالبت باتخاذها إلى تعزيز الحكامة المالية والتدبير الميزانياتي للجماعات الترابية، تماشيا مع التوجهات العامة، التي رسمها الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، والتي دعا فيها إلى جعل الجدية مذهبا في جميع المجالات.