كشفت التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2024، التي بسطتها وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، في الاجتماع الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس أمس الخميس، أن السنة المقبلة ستكون اختبارا جديا لتجسيد الدولة الاجتماعية وإرساء أسسها من خلال الشروع في تقديم منح دعم مباشرة للأسرة الفقيرة والمعوزة. وفي إطار التنزيل التدريجي للدعم الاجتماعي المباشر بداية من نهاية السنة الجارية، على أساس نظام الاستهداف الخاص بالسجل الاجتماعي الموحد، سجلت وزيرة المالية أنه من المقرر ألا تقل قيمة الدعم الاجتماعي المباشر عن 500 درهم لكل أسرة مستهدفة، كيفما كانت تركيبتها، الأمر الذي يبين أن الحد الأدنى للدعم لن يقل عن هذه القيمة المالية. وأكدت فتاح أن مشروع قانون المالية يستهدف مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، لاسيما من خلال "تنزيل الورش الملكي للحماية الاجتماعية، عبر مواصلة تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة الفئات المعوزة". ويستهدف برنامج الدعم المباشر 60 في المائة من الأسر المغربية غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، كما يأتي تجسيدا للعناية التي يوليها الملك محمد السادس للأسر الفقيرة والهشة، حسب وزيرة المالية. ويشكل تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز وتعزيز التدابير الرامية للحد من التأثيرات الظرفية، أحد المحاور الأساسية في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2024، إذ أكدت وزيرة المالية أنه سيتم الإسراع بتنزيل هذا البرنامج وفق مقاربة "مندمجة، وباعتماد حكامة متناسقة، من خلال وكالة تنمية الأطلس الكبير، في إطار تعاقدي يشمل كل المتدخلين". وأفادت المسؤولة الحكومية بأن هذا البرنامج سيتم تمويله بمساهمة كل من الميزانية العامة للدولة والجماعات الترابية، وصندوق التضامن الخاص بتدبير آثار الزلزال، وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الدعم والتعاون الدولي، وهو الأمر الذي يجيب عن التساؤلات التي طرحت حول مصادر تمويل المخطط الذي حدد له غلاف مالي ب120 مليار درهم على مدى خمس سنوات. وبموازاة مع تخصيص غلاف مالي إضافي لتنفيذ الالتزامات الخاصة بالحوار الاجتماعي، اعتبرت المسؤولة الحكومية أن تدبير الموارد المائية يحظى بالأولوية في مشروع قانون المالية، وذلك من خلال "تسريع تفعيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي، إضافة إلى دعم المواد الفلاحية الأولية، للتخفيف من التضخم ودعم القدرة الشرائية للمواطنين". كما سجلت فتاح أنه سيتم استكمال الإطار القانوني لتأهيل المنظومة الصحية الوطنية، ومواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين، باعتبارهما من ركائز الدولة الاجتماعية، فضلا عن إعطاء الأولوية أيضا لتنزيل البرنامج الجديد المتعلق بالمساعدة على الولوج إلى السكن. وأوضحت الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية مواصلة الحكومة عملها على تنزيل الإصلاحات الهيكلية، من خلال استكمال إصلاح منظومة العدالة لتعزيز دولة الحق والقانون وضمان الأمن القانوني والقضائي اللازم لتحقيق التنمية الشاملة، وكذا تفعيل التعليمات الملكية القاضية بمراجعة مدونة الأسرة. وأشارت فتاح إلى أنه سيتم العمل على جعل الاستثمار المنتج رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وترسيخ مكانة المغرب في القطاعات الإنتاجية الواعدة، لا سيما من خلال مواصلة تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وتنزيل الميثاق الجديد للاستثمار، بما يعزز دينامية الاستثمار، ويساهم في تطبيق مختلف الإصلاحات الهيكلية في مجالات الفلاحة والسياحة وإصلاح الإدارة ومسلسل اللا تمركز الإداري والجهوية المتقدمة. كما ينص مشروع قانون المالية لسنة 2024 على تعزيز استدامة وتوازن المالية العمومية، لا سيما من خلال إصلاح "القانون التنظيمي لقانون المالية، ومواصلة تطوير التمويلات المبتكرة، وتثمين المحفظة العمومية والرفع من مردوديتها، وذلك من خلال الحرص على تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، والتدبير المحكم والرشيد لنفقات السير العادي للإدارة".