انتقد عباس الفاسي الوزير الأول ، الأمين العام لحزب الاستقلال شركاءه في الائتلاف الحكومي، وقال مستغرباً أمام جامعة الدراسات والأبحاث التابعة لحزبه: "كل الأحزاب أصبحت (الآن) في المعارضة". "" لكن الفاسي لم ينعت هذه الأحزاب بالاسم، تلافياً لمزيد من الحساسيات التي باتت تعكر الأجواء بين فاعليات الائتلاف الحكومي، خصوصاً بين الاستقلال والاتحاد الاشتراكي. بيد أنه شدد على التزامه التنسيق بين مكونات "الكتلة الديموقراطية" التي تضم الحزبين والتقدم والاشتراكية، قائلاً "(إننا) متفقون على المضمون وليس من ضرر في شيء أن نختلف على بعض الشكليات والتفاصيل". وعرض الفاسي أيضاً إلىالخلافات التي نشبت بعد الاستقلال، موضحاً أن الغالبية "قبلت المشاركة في حكومة ترأسها شخصية محايدة بينما رأت أقلية يتزعمها علال الفاسي عدم المشاركة في تلك الحكومة"، في إشارة إلى تولي مبارك البكاي أول حكومة بعد الاستقلال، وتداعيات الانشقاق الذي طاول الاستقلال وأدى إلى ظهور الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بزعامة المهدي بن بركة وتيارات راديكالية أخرى ورأت أوساط حزبية في تصريح عباس الفاسي بوجود خلافات بين هؤلاء الشركاء إشارة إلى تباين وجهات النظر إزاء ملفات الإصلاحات الدستورية وتوقيت طرحها، إضافة إلى تداعيات "النبش في أحداث تاريخية" يلفّها الغموض غير أن الفاسي عاود التذكير، للمرة الأولى منذ توليه الوزارة الأولى، بأن رهان الديموقراطية كان دخل "مفترق طرق" في السنوات الأولى للاستقلال، موضحاً أنه "كان هناك خلاف حول طبيعة الاستقلال الذي نريد الحصول عليه". وشرح ذلك قائلاً: "كانت هناك غالبية قبلت اجراء المفاوضات مع الاستعمار الاسباني مع استثناء المنطقة الجنوبية والصحراء الشرقية، وكان هناك رأي يقوده الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال الراحل علال الفاسي يطالب ويلح في استمرار (على) كفاح جيش التحرير لفرض المفاوضات على اسبانيا". ولاحظت أوساط حزبية أن الفاسي تحدث للمرة الأولى عن مأزق المقاومة وجيش التحرير وهو ما أدى الى صراعات استخدم فيها كل أشكال العنف بعد استقلال المغرب. واللافت في مؤاخذات عباس الفاسي انه عرض قبل أقل من شهرين على انتخابات البلديات إلى تزايد نزعات المعارضة في الخطاب السياسي لأحزاب تشاركه الائتلاف الحكومي. وعلى رغم أن قياديين بارزين في الاتحاد الاشتراكي تحدثوا مرات عدة عن التزامهم دعم حكومة الفاسي التي يشاركون فيها بأربع حقائب أبرزها وزارة العدل التي يديرهاالكاتب العام للاتحاد الاشتراكيعبدالواحد الراضي، فإن ذلك لم يحل دون ارتفاع أصوات من داخل الاشتراكيين تطالب بالعودة إلى المعارضة.