جدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان دعوته الحكومة لإلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي المغربي، معبّرا عن رفضه لكل المبررات التي يُعلَّل بها الإبقاء على العقوبة التي تعتبرها الحركة الحقوقية "غير إنسانية". جاء ذلك خلال ندوة نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يخلد هذه السنة تحت شعار "عقوبة الإعدام: طريق معبد بالتعذيب"، حيث قالت رئيسة المجلس، أمينة بوعياش، إن على الحكومة "أن تتخذ الخطوات الشجاعة والضرورية لإلغاء هذه العقوبة لإثبات أن هذه الدولة هي دولة حقوق الإنسان". وتساءلت: "لماذا لم نتقدم في المغرب على مستوى إلغاء عقوبة الإعدام رغم الديناميكية الإقليمية التي نحن في خضمها، حيث ألغى 33 بلدا من مجموع بلدان منظمة التعاون الاسلامي هذه العقوبة، أو التزم بإلغائها؟". وبالرغم من أن المغرب أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، إلا أن عدم إلغائها بشكل نهائي من فصول القانون الجنائي يثير قلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو ما عبرت عنه بوعياش بقولها: "عدم إلغاء العقوبة في القانون الجنائي يُبقيها سيفا مسلّطا على رقابنا". وفيما لا يزال المغرب مترددا في المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام، عبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن رفضه للمبررات التي يُعلّل بها الإبقاء على العقوبة. في هذا الإطار، قالت رئيس المجلس: "من غير المعقول ألا يلغي المغرب عقوبة الإعدام في سياق الديناميكية الدولية والإقليمية، بسبب الاعتبارات غير الموضوعية وغير المبررة التي يتم اعتمادها للحفاظ على هذه العقوبة"، معتبرة أن هذه المبررات "تشكل عقبة أمام تحديث القانون الجنائي". ويقوم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمعية شركائه، بحملة تحسيسية تستهدف تلاميذ المدارس الابتدائية والثانوية في عدد من المناطق، "لجعلهم يعرفون أن الحق في الحياة هو الأساس وهو الأصل"، بحسب بوعياش. وأضافت: "هناك تفسيرات ومواقف متباينة لدى المجتمع، فهناك من يناهض عقوبة الإعدام وهناك من يؤيدها، ولكنّ موقفنا في المجلس واضح، فإذا كان المجتمع معنيّا بالمحافظة على كرامة المواطن، فهو معني أكثر بالحفاظ على الحق في الحياة". وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه سيواصل، بمعية شركائه، الترافع في سبيل إلغاء عقوبة الإعدام، موازاة مع النقاش العمومي المفتوح حول مشروع القانون الجنائي، وذلك من خلال دعوة الحكومة إلى التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام. ويطمح المجلس إلى أن ينضم المغرب إلى ثلثي دول العالم التي ألغت عقوبة الإعدام، حيث بلغ عدد الدول التي ألغت هذه العقوبة، سواء في القانون أو الممارسة العملية، 144 دولة، في حين بلغ عدد الدول التي صادقت على البرتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، 90 دولة. واعتبرت بوعياش، في تعليقها على عدم إلغاء المغرب عقوبة الإعدام رغم إيقاف تنفيذها منذ ثلاثة عقود، أن "ما يؤلمنا هو التعذيب النفسي والاجتماعي الذي يترتب عن التعليق العملي للعقوبة مع إبقائها قائمة وحاضرة في النص القانوني، والذي يشبه، في شدّة قساوته، من يقرر العقوبة على صاحبها مرة ثم يجدد قراره في اليوم الموالي، ويكرر ذلك لسنوات عديدة".