شاركت البحرية الملكية المغربية، إلى جانب القوات البحرية لكل من الجزائر وتونس وليبيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا، في التمرين البحري "سيبورد 23" لدول "مبادرة 5+5 دفاع" قبالة سواحل مدينة "أوجوستا" الإيطالية في جزيرة صقلية بتنظيم إيطالي- ليبي مشترك، حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الأركان العامة للجيش الليبي. المصدر ذاته أشار إلى أن التمرين العسكري، الذي انطلقت فعالياته في ال18 من شتنبر المنصرم، اختتم مرحلته النهائية في ال25 من الشهر ذاته، مسجلا أن "الثلاثة أيام الأولى عرفت عرض ومناقشة الجانب النظري، إضافة إلى دراسة جدول الأنشطة والأحداث وإجراء عدد من المحاضرات وأوراش العمل لإجراء التمرين والإبحار". وأضاف البيان ذاته أن "الأيام الخمسة الموالية همت الجانب العملي، حيث تم تأمين الاتصال والإبحار إلى منطقة العمليات وتنفيذ تمرين بحث وإنقاذ، وتمرين لعملية اقتحام سفينة مشبوهة قام بها أفراد من القوات الخاصة. كما تم إجراء مناورات بحرية وتنفيذ تمرين يهم مكافحة هجوم إرهابي لقارب صغير وتمارين لحماية السفن أثناء المغادرة، إضافة إلى عرض التشكيلات البحرية لكبار الزوار، وإجراء تدريبات ليلية لضباط المخابرة ودوريات للتأمين"، مشيرا إلى أن "اليوم الختامي للتمرين عرف عقد اجتماع نهائي لمناقشة ما تم تنفيذه". وسجلت هيئة الأركان العام للجيش الليبي أن "هذا التمرين البحري يأتي في إطار تنفيذ الأنشطة البحرية المبرمجة ضمن مخطط العمل متعدد الأطراف لسنة 2023 لمبادرة 5+5 دفاع، بهدف تعزيز القدرات العملياتية وتبادل المعلومات والوعي بالمجال البحري لضمان السلامة والمراقبة البحرية في حوض غرب المتوسط للتأكيد على أهمية التدريب على مهارات الأمن البحري وتبادل الخبرات وتطوير التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات والتهديدات الأمنية المشتركة بما يخدم السلم والأمن لغرب المتوسط واستقراره". وتضم مبادرة "5+5 دفاع"، التي أطلقت سنة 2004، خمس دول أوروبية وهي فرنسا وإسبانيا وإيطاليا ومالطا والبرتغال إلى جانب الدول المغاربية الخمس، وتهتم بالمسائل الاقتصادية والأمنية في غرب المتوسط، وعلى رأسها قضية الهجرة غير النظامية وتطوير الشراكة الأورومتوسطية. هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، قال إن "المبادرة هي استراتيجية عملياتية محضة للتمرين على مستوى الانسجام التكتيكي بين الدول المشاركة للاستعداد لمواجهة مختلف التحديات الأمنية والدفاعية التي تهدد خاصة المنطقة المتوسطية والتي تعتبر الفضاء المشترك بين البلدان المعنية بهذا التمرين الأمني البحري". ولفت معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن "مشاركة الرباط، إلى جانب الجزائر ودول أخرى عل غرار فرنسا، تؤكد أن المغرب لا يأخذ بعين الاعتبار الخلافات السياسية أو الاختلافات الإيديولوجية فيما يخص تحمل مسؤوليته الكاملة كدولة تحترم الدفاع عن فضائها المشترك مع الفاعلين الراغبين في بناء توجه مسؤول ومؤسساتي في الدفاع على أمن المناطق المشتركة على المستوى الإقليمي". في هذا الصدد، أشار المتحدث عينه إلى أن "منطق الدولة المغربية يفصل بين التوجهات السياسية للبلد وبين التزاماته الدولية فيما يخص انخراط مؤسساته الاستراتيجية وتحمل مسؤولياته السياسية على المستوى الدولي؛ وبالتالي فهي لا تسمح للخلافات الظرفية السياسية أو الاختلاف الدبلوماسي مع طرف من الأطراف للتأثير على تحمل مسؤوليته بجدية كاملة داخل حركية التجمعات الإقليمية والدولية التي تنتمي إليها". "الخط السياسي للعلاقات الخارجية للمغرب يُمَكِّنُه من الحفاظ على سياق تعاونه الإقليمي والدولي بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة"، أكد معتضد، الذي أوضح أن تدبير شؤون الدولة من منطلق مبادئ وقيم السلطات في المغرب قائم على "الثابت" بخصوص تحمل مسؤوليتها التاريخية والجيوسياسية و"المتغير" فيما يخص تحيين رؤيتها فيما يتعلق بتوجهات الدولة الاستراتيجية مع الحفاظ على التزامات مؤسساتها. وخلص الباحث في الشؤون الاستراتيجية إلى أن المغرب "على الرغم من خلافاته السياسية والدبلوماسية بل وحتى الاستراتيجية مع بعض الدول المشاركة في هذا التمرين، فإن هذه الاعتبارات لا تؤثر على قراره في تحمل مسؤوليته كاملة لأنه فاعل مهم في المنطقة، ودولة لها وزنها الاستراتيجي على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى وعي الرباط الاستراتيجي بقيمتها وخبرتها الدفاعية والأمنية التي يريد تقاسمها مع باقي الدول من أجل خلق جبهة مشتركة للدفاع عن فضائه البحري".