قالت منظمة النساء الاتحاديات إنها تلقت بارتياح عميق وامتنان بالغ بلاغ الديوان الملكي الأخير بتوجيه الملك محمد السادس رسالة إلى رئيس الحكومة تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة، مبرزة أن الرسالة هي بمثابة تكليف، مع إسناد الإشراف العملي على هذا الورش إلى وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، بما يحقق الأفق الحقوقي والاجتماعي والإنساني الذي حدد الملك ملامحه الكبرى في خطاب العرش لسنة 2022. وعبرت منظمة النساء الاتحاديات، ضمن بلاغ لها، عن ارتياحها واعتزازها بالمقاربة الملكية التي تندرج في صلب الاختيار الديمقراطي، الذي هو نفسه ما حكم الانتقال من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة سنة 2004، بجعل المدونة تمتح في شرعيتها القانونية من خلال مسار التشريع عبر مشروع قانون، ثم المصادقة عليه من طرف السلطة التشريعية. وأضاف المصدر ذاته أن الاختيار الديمقراطي تأكيد عملي على أن المؤسسة الملكية تظل الضامن للحقوق والحريات، وفي انسجام خلاق مع مسؤوليات الملك الشرعية باعتباره أميرا للمؤمنين. وأوضحت منظمة النساء الاتحاديات أنها شرعت منذ خطاب العرش سنة 2022 في عقد مجموعة من اللقاءات التي طبعها الإنصات إلى مطالب النساء في مدونة منصفة وعادلة لكل مكونات الأسرة، ومنسجمة مع التحولات الاجتماعية التي تعرف مشاركة أكبر للنساء في تحمل التكاليف الأسرية ماديا ومعنويا، وتميزت بالجمع بين الصيغتين الترافعية والاقتراحية. وأورد البلاغ أن منظمة النساء الاتحاديات إذ تعلن انخراطها المبدئي بحس حقوقي ونفس وطني في المشاورات التي دعا الملك الآلية المشتركة بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة إلى الانفتاح فيها على المجتمع المدني، فضلا عن المؤسسات الأخرى ذات الصلة، فإنها تؤكد أننا أمام لحظة حقوقية فارقة في مسلسل مراكمة المكتسبات لصالح أفق التنمية البشرية والمساواة الشاملة والإنصاف. وشدد المصدر ذاته على أن هذه اللحظة تقتضي من الجميع تحمل مسؤولياتهم الوطنية والحقوقية والمواطناتية، عبر الانخراط الفاعل في هذا المشروع الوطني المستعجل، والابتعاد عن المزايدات وكل أشكال احتكار المشترك الوطني، والاحتكام إلى المصلحة الفضلى للنساء، والأسرة عموما، باعتبارها اللبنة الأساسية في بناء مجتمع قوي ومواطنات ومواطنين فاعلين. وتعلن منظمة النساء الاتحاديات انفتاحها على كل المنظمات النسائية والتعبيرات المدنية الديمقراطية وشبكات النساء البرلمانيات، من أجل التنسيق وتبادل الرؤى، وبناء ممكنات ترافع قوي على أرضية الإنصاف والمساواة. وفي هذا الصدد قالت حنان رحاب، رئيسة منظمة النساء الاتحاديات، إنه "منذ خطاب العرش لسنة 2002 ونحن ننتظر ترجمة توجيهاته، لتكون بمثابة خارطة طريق لتنزيل أمثل لتعديلات مدونة الأسرة يتجاوز الاختلالات الحالية التي كشفتها تجربة حوالي 20 سنة من اعتماد المدونة". وأضافت رحاب أن الملك محمدا السادس "حسم الجدل حول آلية التعديل، بالدمج بين الاختيار الديمقراطي من خلال جعل التعديل يمر من القناتين الوزارية والبرلمانية، والمقاربة التشاركية بالتوجيهات الملكية للانفتاح على المجتمع المدني والمتخصصين والمؤسسات التي يمكن أن تكون لها علاقة بهذا الملف، وكذا باعتماد الانطلاق من الخبرات القانونية والقضائية المتوفرة عند وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية"، مؤكدة أن "هذا المسار سيساهم في ربح الوقت وتفادي الصياغات والأخطاء القانونية عند بناء الأرضية القانونية والتشريعية الملائمة"، ومشددة على كونها "مقاربة بمداخل ثلاثة ديمقراطية وتشاركية وعلمية". كما أشارت رئيسة منظمة النساء الاتحاديات إلى ما أسمتها "الخصوصية المغربية المتفردة في الحكم والتدبير والسياسة وحماية التعددية"، وهي أن البلاغ "ينطلق من صفة الملك الدينية باعتباره أميرا للمؤمنين، وفي الوقت نفسه نجد أن توجيهاته بخصوص تكليف رئيس الحكومة والإشراف العملي لوزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء ورئاسة النيابة العامة، ثم التأكيد على خروج التعديلات بقانون يصادق عليه البرلمان، هي توجيهات بخلفية قانونية وتنظيمية وتشريعية نابعة من المرجعية الدستورية". وبالتالي، تختم المتحدثة ذاتها، "لا مجال لأي مزايدات تحت أي غطاء ديني، فمسطرة التعديلات ستكون عادية كأي قانون، وإن كانت بحمولة رمزية استثنائية، والملك وحده الضامن لاحترام عقيدة المغاربة، كما هو الضامن للحقوق والحريات".