بعد شهور من التفاوض مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، وبعد ردود الفعل الرافضة التي أثارتْها مسوّدته المسرّبة قبل أسابيع من طرف عدد من فئات موظفي قطاع التربية الوطنية، أفرجت الوزارة الوصية على القطاع عن مشروع مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية. من بين المقتضيات التي جاء بها مشروع المرسوم رقم 2.23.819، الذي سيتم عرْضه على أنظار مجلس الحكومة قصد مناقشته والمصادقة عليه، إلزامية التكوين الأساس والمستمر، إذ نصّ على إقرار تكوين مستمر ومنتظم وجعله ضمن عناصر تقويم الأداء والترقي المهني للأطر التربوية. وبخصوص الولوج إلى مهنة التدريس فقد نص مشروع النظام الأساسي على اعتماد التكوين الأساس في مسالك الإجازة في التربية، وعلى الانتقاء الأولي لاستقطاب أفضل الكفاءات، إضافة إلى الخضوع لتكوين تخصصي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وفق نظام دراسة وتكوين يتلاءم مع متطلبات الوظيفة. ويظهر، من خلال مقتضيات مشروع النظام الأساسي، أن السلطات التربوية تراهن على تحسن وضعية الأطر التربوية للرقي بالمنظومة، وإحداث تحوُّل في المدرسة العمومية، "من خلال تثمين أدوار الأستاذات والأساتذة وتحفيزهم وتأهيلهم وتعبئتهم، باعتبارهم الفاعلين الأساسيين في التغيير". وربطت وزارة التربية الوطنية تحفيز الأطر التربوية بالمردودية والاستحقاق، مشيرة إلى أنه سيتم وضع الآليات الكفيلة بتقييم الأداء المهني للموظفين بناء على مؤشرات قابلة للقياس ومرتكزة على المهام الموكولة إليهم. وتتمثل أبرز التحفيزات التي أقرتها الوزارة في تمكين أعضاء الفريق التربوي للمؤسسة التعليمية من الاستفادة من منح مالية سنوية، وفق شروط معينة ترتبط بالمردودية والفعالية، ومراجعة مقادير التعويضات التكميلية التي يتعين أن تراعى فيها مهام التأطير والمسؤولية والتميز وإنصاف بعض الفئات... في المقابل، نصّ مشروع المرسوم على ربط الاستمرار في مزاولة مهنة التدريس بالترسيم في المنصب وفق آلية لتقييم الأداء المهني، تأخذ بعين الاعتبار مدى انخراط الأستاذ في الالتزام بواجباته؛ كما ربط الترقي في الدرجة والرتبة بنظام دقيق لتقييم الأداء المهني للموظفين، "يستند إلى عناصر واقعية قابلة للقياس تستوعبها شبكات مؤشرات التقييم". وتمخض مشروع مرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية عن الاتفاق الموقع بين وزارة التربية الوطنية وبين المركزيات النقابية يوم 14 يناير 2023، تحت إشراف رئيس الحكومة؛ غير أن النقابات الأربع مازالت تطمح إلى إدخال تعديلات في الصيغة النهائية لمشروع المرسوم قبل المصادقة عليه. النقابات التعليمية الأربع الموقعة على اتفاق 14 يناير وجهت مذكرة نقابية مشتركة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ضمّنتها مجموعة من الملاحظات والمقترحات التعديلية، من بينها حذف شرط سن الولوج إلى مهنة التعليم الذي حددته الوزارة في 30 سنة.